الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل صحيح أن لدى رئيس الجمهوريّة خطّة تُعيد اللاجئين السوريّين إلى ديارهم؟

اميل خوري
A+ A-

هل يدفع لبنان ثمن اللجوء السوري إليه إذا طال وقت التوصل إلى حل في سوريا، أو ظلّت إقامة مناطق آمنة موضوع خلاف وإنْ تكن حلاً موقّتاً، كما دفع ثمن اللجوء الفلسطيني إليه فاستمر سنوات طويلة لتعذّر التوصل إلى حل للقضيّة الفلسطينية وللنزاع العربي – الإسرائيلي؟


يرى مُتابعون لمشكلة اللجوء السوري أن ينصبَّ اهتمام العهد الجديد على حل مشكلة اللاجئين السوريين لئلّا تصبح مشكلة شبيهة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيّين الذين اضطرّوا الى الاقامة في لبنان سنوات طويلة وما زالوا لأن لا وطن لهم ولا توطين. وإذا كانت "وكالة الغوث" تتولّى الاهتمام بشؤونهم فاستطاع لبنان تحمّل بقائهم فيه طوال هذه السنوات، فلا "وكالة غوث" تهتم بشؤون اللاجئين السوريّين بل توسّل الدول للحصول على مساعدات لا يصل منها إلّا القليل، حتى إذا ما توقّفت لسبب من الأسباب وقعت أعباء الاهتمام بهم على لبنان وحده فيصبح هو المشكلة التي يجب معالجتها قبل معالجة مشكلة اللاجئين السوريّين.
لذلك فإن المساعدة الدولية المطلوبة للبنان يجب ألّا تكون مساعدات مالية تبقي اللاجئين السوريين في لبنان، مثل قرض الـ 100 مليون دولار لبناء مدارس تستوعب أبناء هؤلاء اللاجئين، ما أثار الشكوك، إنّما أن تكون المساعدة على حل مشكلتهم وذلك باستعجال الحل في سوريا، حتى إذا كان بعيد المنال فإن على الدول المعنية بوضع سوريا، وتحديداً روسيا وأميركيا وتركيا وإيران، الاتفاق على اقامة مناطق آمنة داخل الأراضي السورية تتولّى هي حماية الأمن فيها، فيرتاح لبنان من أعباء اقامتهم فيه، وترتاح الدول المانحة من تقديم المساعدات إلى أجل غير معروف. وفي انتظار اتفاق الدول المعنية على ذلك، وعسى ألّا يكون الانتظار طويلاً، فإن على كل لاجئ سوري يمارس مهناً حرة مناسباً أصحاب المهن اللبنانيّين أن تنزع عنه صفة اللاجئ وأن يحرم المساعدات التي تجعله يقبل بتقاضي أجر دون أجر اللبناني. فإذا لم تقدم الدول المعنية بوضع سوريا على حل سريع، فإن على لبنان عندئذ أن يجري اتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع السلطة في سوريا ما دامت هذه السلطة قائمة كأمر واقع، للتنسيق معه حول عودة اللاجئين السوريّين الى ديارهم، وعدم الاكتفاء بتكرار قول أكثر من دولة شقيقة وصديقة إنها حريصة على دعم لبنان وعلى الاستقرار فيه. فإذا كانت أولوية الدول هي مكافحة الارهاب، فإن اللاجئين من كل دولة هرباً من الحروب فيها قد يتحوّلون ارهابيّين وانتحاريّين عندما يخيَّرون بين الجوع والموت، خصوصاً أن رئيس الجمهوريّة ميشال عون يراهن على بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة وان لا حل من دونه، ومن الآن الى ان يتقرّر مصير الحكم في سوريا ومصير الأسد، فإن على لبنان الرسمي أن يتعاطى مع الأمر الواقع وأن تساعده الدول المعنية، ولا سيّما روسيا وأميركا على ذلك. أضف أن الرئيس عون كانت لديه قبل انتخابه رئيساً خطّة تعيد السوريين الى بلادهم، فيمكن العودة إليها إذا كانت لا تزال صالحة للتنفيذ. وعلى روسيا وإيران، من جهة أخرى، المساعدة على عودة مقاتلي "حزب الله" الى لبنان نظراً الى انتفاء أسباب بقائهم في سوريا، لأنه لا يمكن اعطاء صورة للبنان المستقبل من دون هذا الحزب كونه يمثل شريحة واسعة من الطائفة الشيعية، كي يجلس الأقطاب الى طاولة الحوار للبحث في أي لبنان يريدون، وهذا لا يمكن تقريره ومقاتلو "حزب الله" لا يزالون في سوريا.
الواقع أن الرئيس عون يكون قد أقام لبنان الجديد اذا ما نجح في اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم بوسيلة من الوسائل، وأنزل عن كاهل لبنان أعباء تحمّل استمرار بقائهم فيه الى أجل غير معروف كي لا يصبح وطن اللجوء وأبناؤه غرباء عن وطنهم. وعندما يعود اللبنانيون، كل اللبنانيّين، الى لبنانيّتهم ويتفقون على أن يكون "لبنان أولاً وأخيراً"، ولا ولاء لسواه، يصير في الامكان الاتفاق على تحييده عن صراعات المحاور، وصوغ نظام له خارج القيد الطائفي، لأن لا استقرار سياسيّاً وأمنيّاً واقتصاديّاً إذا ظلّت الطائفيّة هي العلّة عندما تحاول كل طائفة أن يكون لبنان على قياسها وليس على قياس الوطن بكل فئاته ومذاهبه واتنياته.
إن إقامة لبنان هذا تبدأ بحل مشكلة اللاجئين السوريين وعودة مقاتلي "حزب الله" من سوريا لتتّسع عندئذ رقعة الأمل في أن يعود لبنان في ظل عهد جديد واعد بعيداً من فساد المفسدين وبناء دولة الحق التي يجب أن يستظلّها الانسان في لبنان، كما جاء في كلمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم لمناسبة تكريمه في مطرانية صور للروم الكاثوليك. فهل ينجح الرئيس عون في إقامة لبنان الجديد بدولته القوية القادرة والعادلة فيدخل التاريخ من بابه الواسع؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم