الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

السلامة العامة في الورش... لا تطبيق للقانون وأرواح معرّضة للخطر!

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
السلامة العامة في الورش... لا تطبيق للقانون وأرواح معرّضة للخطر!
السلامة العامة في الورش... لا تطبيق للقانون وأرواح معرّضة للخطر!
A+ A-

كارثة نجا منها لبنان قبل أيام وتحديداً في منطقة الاشرفية، بعد وقوع رافعة في إحدى ورش البناء لتقتصر الأضرار على الماديات. الا أن هذه الحادثة فتحت ملف السلامة العامة في هذا القطاع، اذ ليس في كل مرة "تسلمُ الجرّة" ويمرّ الأمر من دون خسائر في الارواح، لا بل هناك عدد من العمال الذين دفعوا حياتهم نتيجة الاستهتار في تطبيق القوانين والإجراءات التي سنّت وأقرّت لحفظ سلامة الجميع.
مواطنون يمرون وسيارات تعبر يومياً من أمام ورش بناء، رافعات معلقة بين السماء والأرض، لا أحد يعلم إن كانت مثبتة جيداً، ام انها ستقع في اي لحظة من اللحظات، عدا عن مخاطر سقوط أتربة وأحجار وغيرها من الأمور التي تهدد السلامة العامة للمواطنين والعمال في هذا القطاع، فمن المسؤول عن حماية الأرواح والممتلكات في حالات كهذه؟



"مهما كانت سرعة الرياح يجب أن لا تقع الرافعة، فهي مصنّعة لمواجهة هذه الظروف. وما حصل في الأشرفية دليل على عدم وجود مهنية في الورش. الرافعة كانت تحتاج الى المزيد من المصاريف لتقويتها وتدعميها"، بحسب رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال ورئيس نقابة عمال البناء، كاسترو عبد الله الذي لفت إلى أن "قسماً كبيراً من الرافعات يستقدم مستعملاً وللتلف من أوروبا، يدخل لبنان من دون جمرك، على أساس إعادة تدويرها، يتم طلاؤها واستعمالها من جديد، من دون أي اعتبار لعدم صلاحيتها، بعد تآكلها بفعل العوامل الطبيعية ومرور الزمن عليها".



"السلامة" في أسوأ حالاتها
" السلامة العامة في قطاع البناء في أسوأ حالاتها، اذ لا يعتمد أي من المقاييس أو المعايير سواء الدولية أو تلك التي نصت عليها القوانين والمراسيم، منها المرسوم رقم 11958 الصادر في 25 شباط 2004 تحت اسم "تنظيم الحماية والوقاية والسلامة في البناء". فهذا المرسوم رغم انه غير كافٍ، لا تطبقه الشركات، لذلك يومياً لدينا اكثر من عشرة جرحى ضمن نطاق العاصمة إصاباتهم فوق المتوسطة"، قال عبد الله.
وعن هذا المرسوم تحدث نائب نقيب المهندسين ايلي رزق الذي أشار الى ان "مجموعة من القوانين والمراسيم والقرارات الإدارية تحكم السلامة العامة في الورش والأبنية، وتنص على التكامل بين المهندس والمالك والمتعهد ومكتب التدقيق الفني للحفاظ عليها، مع مسؤولية متابعتها من مجموعة إدارات، منها وزارة الأشغال العامة، وزارة العمل، التنظيم المدني، البلديات، نقابة المهندسين، القضاء وقوى الأمن الداخلي". وأضاف "كل بناء يراد إنشاؤه أو هدمه او ترميمه او صيانته يجب أن تراعى فيه الشروط التي ذكرت في المرسوم 11958، ومنها أن يصان ويوضع حول العقار الجارية عليه هذه الأعمال حاجز يحول دون مرور او دخول الاشخاص غير المولجين بالعمل وأن يزوّد بالآليات والمعدات والتجهيزات اللازمة والمصنوعة من مادة سليمة ومتينة بحسب متطلبات الورشة وبإشراف شخص مسؤول".



وفي ما يتعلق بالسقالات التي وقع عنها العديد من العمال يجب ألا "تقام هذه السقالات أو ترفع أو تغير إلا باشراف شخص مختص ومسؤول وبمعرفة عمال أكفياء مدربين على هذا العمل. ناهيك بضرورة تجهيز كل من يعمل خارج البناء أو داخله بالاحزمة الواقية، وخصوصاً عمال تركيب المواسير والتمديدات الخارجية والداخلية، وعمال التوريق والتلبيس والتجميل ومن يعملون على السقالات، وألا يجري تركيب أطر الهياكل ومكوناتها وقوالب الصب والسقالات الموقتة ودعائمها إلا تحت إشراف شخص مختص"، وفق رزق.



حبر على ورق
ما ذكر في المرسوم لا يُطبّق على أرض الواقع "لا ألبسة واقية توفرها الشركات ولا خوَذ ذات نوعية جيّدة ولا أحزمة ولا أحذية خاصة، عدا عن أن تمديدات الكهرباء في الورش غير سليمة مع انهيارات التربة وغيرها الكثير، كل هذه العوامل أدت وتؤدي الى دفع العمال أثماناً باهظة، من أجسادهم وحتى ارواحهم"، كما قال عبدالله مضيفاً: "نفقد ديمومة عملنا خصوصاً ان ليس لدينا ضمانات، فعمال البناء لا يطبق عليهم قانون الضمان الاجتماعي على الرغم من ان هذا القطاع فيه مداخيل توازي أرباح المصارف وتفوقها، في ظل الطفرة العقارية وارتفاع اسعار الاراضي، ومع هذا فان الأجور غير كافية".



والسبب في عدم تطبيق المرسوم يعود بحسب عبد الله الى "المنافسة بين شركات التأمين، اذ يحصل تلاعب بين تلك الشركات والشركات المتعاقدة معها، من خلال عقود شبه وهمية على أعداد قليلة من العمال، بأجور متدنية، وعند وقوع حادث عمل يتم تسجيل اسم المصاب، اي إن العقود لا تكون بأسماء كل العمال، تحديداً الاساسيين. اضافة الى ان هذا القطاع يضم العديد من العمال السوريين، منهم دون السن القانونية، اي اننا امام عمالة الاطفال. بعضهم يتعرض لاصابات، وفي كثير من الاحيان لا تعترف شركات التأمين بهم، يرحلون الى بلادهم لتلقي العلاج، من دون صرف تعويضات، بحجة ان ليس لديهم اجازة عمل. أصحاب الشركات يطبقون القانون في الجانب الذي يخدم مصالحهم، ويخرقونه في الجوانب الأخرى، كما ان عمل لجنة السلامة والصحة المهنية في وزارة العمل المولجة الإشراف على السلامة في ورش البناء غير كافٍ، فهي جهاز ضعيف ليس لديه الإمكانات، غير متطور لا يلاحق التقنيات، ناهيك بعدم وجود أي ربط بين الهيئات التي تمنح التراخيص، كالتنظيم المدني ونقابة المهندسين ولجنة تفتيش وزراة العمل".



أما رزق فأشار الى ان "عدد المفتشين في وزارة العمل غير كافٍ، وتالياً ليس لديهم القدرة على مراقبة كل الورش، كما يجب ان تكون للبلديات أجهزة اشراف، ويبقى المهندس هو المايسترو التي تقع على كاهله المسؤولية الكبرى في حفظ السلامة العامة".



دفاع "المتهمين"
"في العقار الخاص تتوزع المسؤولية بين مالكه أو من يحلّ محله، والمهندسون والمقاولون كل في ما يختص به. وعليهم اتخاذ الترتيبات اللازمة قبل المباشرة بالعمل وأثنائه لتأمين صيانة وسلامة واتزان الإنشاءات العامة والخاصة وسلامة الأشخاص وعدم عرقلة السير"، بحسب عضو مجلس بلدية بيروت رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام هاغوب ترزيان. ويتابع "اما البلدية فتتعاطى في كل ما له علاقة بالملك العام من جسور وأرصفة وشوارع ضمن النطاق البلدي الخاص بها، وهي ملزمة بتأمين السلامة والحماية العامة، كما يحق لها التدخل عندما يتعلق الامر بملك خاص يهدد السلامة العامة بناء على شكوى، عندها تكشف دائرة الهندسة التابعة لها على المبنى لكونها المسؤولة عن ذلك الأمر، وتتخذ القرار المناسب والاجراءات ضمن القانون".



كما أكدت رئيس دائرة التفتيش في وزارة العمل جمانة حيمور أن "لا تقصير من الوزارة، وجلّ ما في الأمر أن عدد المفتشين غير كافٍ". وشرحت ان "في لبنان ثمة دوائر اقليمية، في كل محافظة يوجد دائرة، وفي كل دائرة يوجد جهاز تفتيش، عدد المفتشين في الملاك يجب ان يكون مئة، لكن ليس لدينا سوى 32 مفتشاً، بين إداريين وفنيين، اي اطباء ومهندسين، هم المعنيون بالوقاية والسلامة في المؤسسات الصالحة على كل الاراضي اللبنانية، وبسبب النقص في العدد يقوم الفنيون بالتفتيش الاداري كي نتمكن من التغطية لا سيّما في ما يتعلق بالعمالة الاجنبية، لحماية اليد العاملة اللبنانية". وفي الورش نراقب توافر شروط السلامة وفي حال وجود اي مخالفة، نوجه انذاراً، الا اذا كان ثمّة خطر داهم على صحة الأجراء نطالب بإزالة المخالفة وتأمين شروط الوقاية والسلامة، واذا لم يلتزم بالقرار نسطّر محضر ضبط يُحال على القاضي المنفرد الجزائي".



سيبقى المواطن والأجير الحلقة الاضعف الى حين تطبيق القوانين والمراسيم التي تحفظ سلامته من أخطار خارجة عن إرادته!


 






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم