الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"الشراكة" مُهدَّدة وشعب السعودية يطالب ولا يثور!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
"الشراكة" مُهدَّدة وشعب السعودية يطالب ولا يثور!
"الشراكة" مُهدَّدة وشعب السعودية يطالب ولا يثور!
A+ A-

يرى الباحث الآسيوي المهم نفسه في تحليله للوضع في المملكة العربية السعودية أن حملتها العسكرية على اليمن ألقت ظلالاً من الشك في قدراتها، هي المستوردة الثانية عالمياً للأسلحة والمعدّات العسكرية المتنوّعة. ويشير الى أمر تداوله الاعلام هو وقف الولايات المتحدة بيعها صواريخ جو أرض وأعتدة حربية ريثما ينجَز تدريب القوات الجوية السعودية على استعمالها بدقة. ورغم ذلك تكرّر استهداف الطيران الحربي السعودي مدنيين. وفتح ذلك الباب أمام أعدائها وفي مقدمهم إيران ودول أخرى للجزم بارتكابها جرائم حرب. ومن شأن عدم قدرتها على إثبات تحقيقها نجاحاً سياسياً أو عسكرياً في اليمن تهديد "المستقبل السياسي" الطموح جداً لمسؤولين كبار فيها أبرزهم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
لم تقتصر قلّة نجاحات السعودية في وجه إيران على لبنان واليمن. ففي مصر استعملت قوتها السياسية والمالية لدعم وصول عبد الفتاح السيسي الى رئاسة الجمهورية وإن بـ"انقلاب" استند الى تحرّك شعبي عارم، وأيضاً لدفع وضعها الاقتصادي المتدهور الى الاستقرار. لكنها لم تحقّق "العائدات" التي أملت فيها. ويبدو الآن أنها على خلاف معها حول إيران وسوريا وقضايا أخرى. وتجلّى ذلك بتجميد الرياض اتفاقاً لتزويد مصر سبعمائة ألف طن من المنتجات النفطية. ورغم ذلك لم يجد السيسي نفسه مضطراً لاعادة الحرارة الى العلاقة معها.
ماذا عن السعودية وأميركا بعد وصول دونالد ترامب الى رئاستها؟
على صعيد السياسة الخارجية والدفاع، يجيب الباحث الآسيوي المهم نفسه، لم تفاقم رئاسته مشكلات المملكة العربية السعودية. ذلك أنه أشار في حملته الانتخابية الى احتمال سحب بلاده دعمها للمتمردين على الرئيس بشار الأسد، والتعاون مع موسكو لدحر "الدولة الاسلامية" ("داعش"). ومن شأن ذلك تقوية يد إيران وروسيا والأسد داخل سوريا. وكان ترامب لمّح بعد انتخابه الى احتمال تخلّيه عن الاتفاق النووي الذي توصّل إليه المجتمع الدولي (مجموعة الـ5+1) مع إيران بالتفاوض. أما المملكة العربية السعودية فدعته ليس الى إلغاء هذا الاتفاق بل الى تعريض إيران للنار و"الحرب" عقاباً لها على دعمها الواسع للجهات التي "تحارب" عنها في الدول العربية. وأحد أسباب هذا الموقف إدراك المسؤولين في الرياض أن إلغاء النووي سيطلق سباق تسلّح نووياً في المنطقة لا تستطيع الامتناع عن الاشتراك فيه.
وفي موضوع إسرائيل توحي اقتراحات ترامب استعداده ليكون أكثر تعاطفاً مع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. ومن شأن ذلك وضع المملكة تحت المجهر بعد نجاحها في التوصل مع إسرائيل الى "أرضية مشتركة" في العمل معاً لوقف التمدد الاقليمي لإيران. كما أن من شأن وفاء ترامب بوعده نقل سفارة بلاده في تل أبيب الى القدس توتير العلاقات "المعتلّة" أساساً مع أميركا، واشتراك الشعب السعودي في التظاهر ضد هذه الخطوة، وربما الاضطرار الى قطع العلاقات الديبلوماسية إذا بادرت دول أخرى الى ذلك.
إلا أن السعودية تراهن، استناداً الى الباحث الآسيوي نفسه، على خبرة ترامب رجل الأعمال للتوصل معه الى صفقة. علماً أنه كان اقترح وقف استيراد نفطها لجعل بلاده مستقلة على هذا الصعيد. وكان لامها بسبب إرهاب 11 أيلول 2001 الذي أصابها. في أي حال الشك في العلاقة بين الدولتين يأتي في مرحلة صعبة وسيئة تعيشها المملكة. ذلك أنها بدأت، الى خطواتها السياسية المعروفة، إعادة صياغة العقد الاجتماعي ولكن في صورة آحادية. ومن شأن ذلك إنهاء الاتفاق المزمن بين رجال الدين الوهّابيين وعائلة آل سعود الذي قامت على أساسه المملكة، ومن شأنه في الوقت نفسه قطع الدعم المتنوّع للشعب وزيادة أسعار سلع معينة وخفض الانفاق على التعليم والخدمات الاجتماعية، وتنظيم البيروقراطية، لجعلها أكثر فاعلية. ويهدّد ذلك بإثارة الشعب. كما يهدّد بنسف اتفاق الشراكة في السلطة بين العائلة وعلماء الدين في ضوء ربط العالم وهّابية العلماء بالتطرّف والنضالية – القتالية الاسلامية.
في اختصار يعني ذلك أن العائلة السعودية سنة (2017) ملأى بالتحديات، والهدف الأهم لها هو البقاء. ونجاحها في تحقيق ذلك محتمل لاستبعاد تحرّك الشعب السعودي ضدها بعد تحوّل التحركات الشعبية في دول عربية أخرى حروباً أهلية مدمّرة. إلا أن هذا الشعب سيطلب دوراً عاماً أكبر له ومحاسبة واسعة. وهما أمران رفضتهما العائلة في السابق بكل الوسائل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم