الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التوجس الشيعي أعطى التحرك الرافض ثقلاً... طار "المختلط" فماذا سيكون البديل؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
التوجس الشيعي أعطى التحرك الرافض ثقلاً... طار "المختلط" فماذا سيكون البديل؟
التوجس الشيعي أعطى التحرك الرافض ثقلاً... طار "المختلط" فماذا سيكون البديل؟
A+ A-

اكتسب الكلام الذي أعلنه وزير الاشغال يوسف فنيانوس لـ"النهار" عن أن هناك توجسا من رغبة التحالف العوني - "القواتي" في ان يحصد اكثرية الثلثين في مجلس النواب تمهيدا لرئاسة الجمهورية المقبلة، اهمية كبيرة، لأنه يعكس انطباعات ليست قائمة فقط لدى "تيار المردة" ورئيسه النائب سليمان فرنجيه، بل لدى أفرقاء سياسيين آخرين كثر يقولون انه ليس خافيا عليهم مسعى هذا التحالف ولا اهدافه. "النقزة" إذا صح التعبير موجودة بقوة لدى الثنائي الشيعي الذي يخشى نتيجة مماثلة لما أعلنه فنيانوس، خصوصا أن التحكم لن يكون في مجلس النواب فحسب بل ايضا في الحكومة، وفي رئاسة الجمهورية لاحقا. وثمة مطلعون يقولون ان "النقزة" لدى الثنائي الشيعي مبنية على اداء الحليف الاساسي كما على الكلام الذي قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء حول تفضيله الفراغ على التمديد او قانون الستين. فمع أن رئيس الجمهورية صوب اتجاهات موقفه وطبيعة ما قاله، تركت المسألة مفاعيلها انطلاقا من ان ذلك يمس موقعا مهما للحليف الشيعي في المعادلة السياسية الداخلية يفترض عدم التفريط به. أضف الى ذلك أن النقزة تنسحب على الثنائي الذي أبرم التسوية الرئاسية، اي "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، بما يخشى معه ضمان مصالح الثنائي لوقت طويل، على ذمة المطلعين أنفسهم. وتاليا، فإن الخيارات التي باتت تتجه اليها الامور في الوقت الراهن هي أولا انتهاء مفاعيل القانون المختلط الذي لم يستند الى فوضى في المعايير التي ستعتمد، وسط تمييز فاضح بين اعتماد الاكثري والنسبي، خصوصا ان رفض الثنائي المسيحي لقانون الستين لم يمنع تبنيه بالكامل في مناطق السيطرة الصرفة تقريبا. فهذا القانون مني بضربة قاصمة نتيجة تآلف مجموعة كبيرة من الافرقاء السياسيين ضده: من المكون الدرزي الى المكون السني غير "تيار المستقبل" (وهو أمر يمكن ان ينهك التيار ازاء خصومه) الى جانب الثنائي الشيعي. ينضم الى هذه المكونات مكونان مسيحيان هما حزب الكتائب والمستقلون المسيحيون الذين تلمسوا نية إنهاء اي وجود سياسي لهم. وهذا التلاقي الواسع ليس بقليل في ضوء تضرر مصالح أفرقاء كثر من المنحى القائم، بحيث ان هذا التطور وحده كفيل بإطاحة القانون المختلط، علما أن رفضه او اسقاطه سياسيا لا يعني ان مفاعيل نقضه والطعن به امام المجلس الدستوري غير موجودة، بل على العكس. ويملك الرئيس السابق ميشال سليمان كل المعطيات التي تؤكد وفق معلوماته إمكان الطعن بالقانون غير العادل والذي لا يعتمد معايير موحدة. ويضيف المطلعون ان كلاما قيل في أحد اللقاءات الرباعية مؤداه أنه ممنوع على القوى السياسية الاخرى أن تأتي بأي مسيحي استفز أفرقاء سياسيين كثرا. إذ إن هذا الكلام، على ذمة المطلعين، يحدث شرخا، خصوصا في منطقة الجبل، في حين أن اجراء اي مقارنة بين شخصيات مسيحية محسوبة على قوى مسيحية مؤثرة واخرى محسوبة على قوى غير مسيحية يمكن أن تظهر فارقا كبيرا لجهة فاعلية تلك الشخصيات وغياب الاخرى عن السمع كليا، سياسيا وعلى كل الصعد. والاسماء متوافرة بقوة لهذه الناحية، علما انه ينقل عن فاعليات في منطقة الجبل إحباطها او خيبتها من هذا التمييز، وهناك مطالب ضاغطة من أجل عدم التنازل ومواجهة هذا الاتجاه، تقوم بها هذه الفاعليات.


في المقابل، تخشى مصادر سياسية أن يكون الدفع من جانب الثنائي المسيحي على قاعدة الاستفادة من الفرصة التي أتيحت من أجل إجراء تغييرات بنيوية في التركيبة السياسية مستفزا للطوائف الاخرى، وذلك على قاعدة أن ظروف الماضي ليست هي ظروف اليوم، إذ إن الكلام على المناصفة الكاملة وحسن التمثيل من كل طائفة عبر نوابها فقط يجب ألا يأتي على حساب الشراكة والاعتراف بالآخر تحت وطأة بروز منطق معاكس لن يتأخر في أن يظهر استعدادا للقول إن الرئيس رفيق الحريري الذي أصرّ على المناصفة ووقف العدّ، قد تم اغتياله، ومن الضروري تاليا أن تتغير المعادلة التي أرساها بوعده وضمانه بوقف العد، والتي عمل بها أيضا نجله الرئيس سعد الحريري، وذلك لجهة البدء بالمطالبة بإجراء تعداد سكاني للطوائف والعمل على أساسها. هذه الأجواء التي تصاعدت بقوة في الايام الاخيرة يخشى أنها أيقظت شياطين "الطوائفية" السياسية والحسابات البعيدة المدى على المكشوف، وليس فقط وراء الكواليس. ولذلك، وفي ضوء ابلاغ الثنائي الشيعي الموقف من قانون المختلط، يفترض أن تتجه الامور احد اتجاهين، احدهما ان تتولى الحكومة اخذ الامور على هذا الصعيد من ضمن مسؤوليتها، من أجل أن يشارك الجميع الى طاولة مجلس الوزراء في وضع القانون العتيد للانتخاب او العمل على تطبيق اتفاق الطائف بحذافيره لهذه الجهة. فالامر الايجابي ان احدا من القوى السياسية ليس في وارد دخول مواجهة او تصعيد علني، ولو ان المؤشرات بدت واضحة وصريحة، وخصوصا أن رئيس الجمهورية لم يكمل بعد المئة يوم في السلطة، وهي المدة التي تعرف عادة بفترة السماح مبدئيا. لكنه سيكون مبكرا جدا بالنسبة الى رئاسة الجمهورية، كما الى الحكومة، تصاعد الخلافات سريعا وعلنا، وفي غير مصلحة أي منهما، خصوصا ان قطار الانطلاق خطا خطوات بسيطة ولم يبدأ طريقه بعد، بل لا يزال في البداية، علما أن كل الجدل الذي تصاعد يمكن وضعه تحت عنوان رفع السقوف من اجل التوصل الى صيغة مناسبة للجميع. لكن انزلاقه الى ابعد من ذلك سهل جدا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم