الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

إخلاء مبنى المتحف أعادَ كارثة فسّوح الى الأذهان... العمل لم يبدأ لازالة الخطر!

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
إخلاء مبنى المتحف أعادَ كارثة فسّوح الى الأذهان... العمل لم يبدأ لازالة الخطر!
إخلاء مبنى المتحف أعادَ كارثة فسّوح الى الأذهان... العمل لم يبدأ لازالة الخطر!
A+ A-

مبنى" عجوز" في أحد احياء منطقة المتحف، كان عين الحدث اليوم، بعدما أصيب بـ"وعكة" عند الساعة العاشرة والنصف من ليل أمس، حيث تعرض عمودين في شرفة الطبقة الاولى منه للكسر، ما أثار ذعر قاطنيه، الذين خافوا من انهياره فوق رؤوسهم. انتظروا الصباح لمعرفة ان كان " حالته" خطرة، تهدد وجوده ومعه حياتهم.
صاحب المبنى المؤلف من خمس طبقات تلقّى الخبر، فسارع عبر محاميه طارق فرّان الى طلب خبير من محكمة القضاء المستعجل، حضرت القوى الأمنية، طوّقت المكان مانعة دخول السيارات الى الحي، احاطت "العجوز" بشريط أصفر، عليه يافطات صغيرة تمنع الاقتراب منه كونه مهدداً بالسقوط. ومع هذا وقف رجل اربعيني أسفله، غير آبه للاسوأ الذي يمكن ان يحدث في اي لحظة، وقال بكل ثقة" لست من سكان المبنى، بل من المبنى الخلفي، صاحب الشعر الابيض الذي يقف على الرصيف المجاور هو من يسكن في الطبقة الاولى منه".


 


تعبٌ بعد صمود
الرجل السبعيني الذي رفض الافصاح عن اسمه، كان يقف في مدخل موقف السيارات المجاور، يتأمل المبنى الذي آواه منذ عشرات السنوات، يعيد شريط ذكريات لأيام كان فيها "لمبنى" في شبابه، قاوم وصمد في وجه الحروب والزمن، لكن في النهاية تعب، اذ لم يتم تدعيمه منذ نشأته، وفي الأمس انحنى، ولفت الى انه "قبل شهر تم توجيه انذار من بلدية بيروت الى صاحب الملك بضرورة صيانته، من دون ان يهتم للأمر، حتى حصل ما كان في الحسبان، سمعنا ليلا صوت انكسار العامودين، لم نرتعب فلم يكن الامر غير متوقع، بعد كل "التجاعيد" البادية على واجهته، فيكفي انه حمل اثقال ثلاث طبقات اضافية قبل نحو خمسين عاماً".
لكن بيار الذي يسكن في الطبقة الثالثة من المبنى، أكد لـ"النهار" ان الانذار الذي تحدث عنه جاره يعود الى تسعينات القرن الماضي وعلٌّق "أنّي منذ خمسين سنة أسكن في هذا المبنى، لأنه ايجار قديم، صاحب الملك رفع دعاوى لزيادة الايجارات، ونحن ندافع عن انفسنا تحت سقف القانون". واضاف "حضر خبراء من البلدية كشفوا على المبنى، وأكدوا ألا خطورة لانهياره، ننتظر من المالك ان يقوم بصيانته، فالمادة 134 من قانون الايجار الجديد تفرض عليه تصليح أي عيب في البناء، ومن حق البلدية ان توجه له انذاراً، وفي حال عدم تجاوبه، تقوم بصيانة المبنى على حسابها واضعة الكلفة عليه".


 


"ضعف" الباطون
كلام بيار أكده محامي صاحب المبنى طارق فران الذي قال انه " لا يوجد اي انذار وجه الى صاحب العقار، وبعد كشف الخبير، اخذنا القرار بالاخلاء لمدة عشرة ايام حفاظا على سلامة الشاغرين". لكن ماذا تبين مع الخبير؟ عن ذلك اجاب المهندس معين نجم الدين المكلف من محكمة القضاء المستعجل حيث قال" تبيّن ان هناك تصدعات في الشرفات وبالاخص في الطبقة الاولى والثانية والثالثة". وماذا عن الاضافات على المبنى وهل لا يزال مؤهلا للسكن؟ اجاب: " لم نقم بدراستها الى الآن، لكن هذه الاضافات تعود الى العام 1965، ولا شك ان لعاملي الزمن والاستهلاك دوراً في ضعف الباطون والخرسانة، وعدم صيانتها ادى الى الحالة التي نحن امامها اليوم".


واستطرد انه "لو كانت الاساسات ضعيفة لانهار المبنى منذ فترة لكن مع الزمن تعب الباطون. أحد الاعمدة تعرض للكسر في فترة سابقة، ما زاد من ضعف الشرفة وعدم القدرة على الحمل الذي انتقل من مكان الى آخر، في الوقت الحاضر ومن النظرة الاولى لا يمكن اعطاء نتيجة أولية ان كان المبنى مهدداً بالسقوط، يحتاج الامر الى مزيد من المراقبة، في حين تحتاج الشرفة الى التدعيم بالسرعة القصوى".


 


في انتظار التقرير
وعن الآلية المعتمدة لاجبار أصحاب العقارات على صيانتها، أجاب محافظ بيروت زياد شبيب  انه ينتظر التقرير فيما يتعلق بمبنى المتحف، وأضاف في اتصال مع "النهار" ان "القانون يسمح للبلدية بصيانة المبنى على حسابها على ان نقوم بالتحصيل من صاحب العقار". لكن ماذا عن اللجنة التي تشكلت للكشف على المباني القديمة في بيروت بعد انهيار مبنى فسوح في الاشرفية الذي أودى بحياة 27 شخصاً و12 جريحاً قبل نحو خمس سنوات، أجاب" لم تقم بعملها، ونحن الآن في صدد مشروع لتقييم حالة مباني العاصمة بالتعاون مع مكاتب هندسية".


عوامل كافيّة


عمليًّا لا إحصاءات رسميّة عن عدد المباني المهدّدة بالانهيار والتي تشكّل خطرًا على القاطنين فيها، لكنّ تقديرات لجمعيّات معنيّة بالملفّ ومنها شبكة سلامة المباني تشير إلى وجود ستّة عشر ألف مبنى مهدّد بالانهيار منها عشرة آلاف في بيروت فقط. والأسباب تعود إلى عمر البناء بالدرجة الأولى، وإلى غياب الصيانة الإلزاميّة التي يجب أن تفرضها الدولة، وإلى بناء مبان ملاصقة تمامًا للمباني القديمة. وهذه العوامل كافية للتسبّب بكارثة كما يفيد خبراء في هذا المجال، فميا يلفت مالكو الأبنية المؤجرة منذ حصول كارثة انهيار مبنى فسّوح إلى وجود عامل رابع لا يقلّ خطرًا عن العوامل الثلاثة المذكورة، هو وجود مبانٍ يشغلها قاطنوها بالإيجارات القديمة، ويقف المالك فيها عاجزًا عن الترميم ولو كانت لديه النيّة لذلك.



نقابة المالكين عادت ورفعت الصوت مجددًا اليوم بعد انتشار النّبأ عن إخلاء المبنى في المتحف، فقالت في بيان "أنّ كارثة انهيار مبنى فسوح لا تزال حاضرة في الأذهان حين سقط المبنى بفعل عجز المالك عن الترميم من جراء الإيجارات الزّهيدة جدًا التي كان يتقاضاها. واعتبرت "القانون الجديد للإيجارات جزءا أساسيًا من الحلّ لكونه يعيد القدرة إلى المالك القديم على ترميم المباني لإنقاذها من خطر الانهيار وعدم تكرار المأساة مرّة جديدة". وطالبت بـ"إجراء مسح فوري لعدد المباني المهددة بالانهيار وأماكنها ليصار إلى إخلائها فورًا ومباشرة الترميم، وهذه مسؤوليّة تقع على عاتق الإدارات الرسمية المولجة الإشراف على سلامة المباني وفرض إجراءات السّلامة العامّة". ورفضت "تحميل المالك أي مسؤوليّة في المباني المؤجرة لكونه لا يزال، إلى الآن، بعيدا من تقاضي بدل المثل الطّبيعي في السّنة السّادسة من تطبيق القانون الجديد الذي ينقذ عشرات المباني في بيروت وحدها".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم