الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"الخلطة الرباعية"... أي معايير؟

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
"الخلطة الرباعية"... أي معايير؟
"الخلطة الرباعية"... أي معايير؟
A+ A-

بصرف النظر عما ستفضي اليه "المفاوضات" الجارية حول مشروع قانون انتخابي يبدو ان ولادته لم تعد بعيدة، وما دام الاتجاه الى صيغة مختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي بات شبه محسوم، لا بد من التوقف عند بديهيات يفترض ان تكون امام الطباخين والخبراء بمثابة ثوابت بديهية. ولعل ما يملي التذكير بهذه الثوابت تصاعد ملامح تفصيلات بدأت تثير الريبة في ما يسمى مفاوضات رباعية ومن هنا تبدأ القصة أصلا. ليس في الواقع الناشئ بعد التسوية السياسية التي ادت الى انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل الحكومة ما يفاجئ في توافق على قانون انتخاب جديد. ولكن حصر المطبخ السياسي بـ"الاجتماع الرباعي" وجعله القابلة السياسية للقانون الجديد يبدو أمرا هجينا شكلا ومضمونًا ما دامت مظلة التسوية تتسع لأكثر من القوى التي تنخرط في صياغة مشروع التسوية الانتخابية. قد يبرر هذا "الاستئثار" إخفاق مديد لمجلس النواب في التوصل الى إقرار قانون جديد كما بطبيعة التحالفات والآليات التي ادت الى انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة والتي اتبع فيها داخليا خط بياني مشابه. ولكن في مسألة قانون الانتخاب لا يمكن تبرير أي دوافع تهمش دور الحكومة والمجلس وتجعلهما "ينتظران" كما عموم اللبنانيين صوت القابلة الرباعية تطلق في الآتي من الايام صوت البشرى بالصيغة الوليدة. أما في المضمون، فإننا كما يبدو واضحا امام مزاوجة غير مسبوقة في تاريخ التجارب الانتخابية وقوانين الانتخاب بين النظامين الأكثري والنسبي وسط أهازيج تتعالى من جهات ومخاوف تتصاعد من جهات أخرى. هذا التطور بمقدار ما يكتسب أهمية مفصلية في حل معضلة القانون الجديد يتسم بدرجة موازية بخطورة عالية اذا جاء مشوبا باختلالات تعرضه ليس للطعن القانوني والدستوري فحسب وانما ايضا للمعنوي العام. ما يثار عن الاتجاهات الجارية الى تفصيلات أكثرية ونسبية في الدائرة الواحدة وعلى اساس التوزيعات الطائفية يفترض الكثير من الدراية الجراحية بوحدة المعايير وعدم تجاهل الأثر المدمر ديموقراطيا لها لان من شأن ذلك ان يجعل أي مشروع موصوما بالفئوية وتقاسم نتائج الانتخابات سلفا بلا حاجة الى انتخابات. لا يكفي غدا، حتى لو أباحت الظروف الناشئة لمجموعة قوى داخلية ان تتوافق على "مكسب العصر" بصيغة غير مسبوقة، ان تسلك هذه الصيغة طريقها الى الواقع السياسي والانتخابي ما لم تتحصن بوحدة معايير حقيقية غير زائفة. ليس تفصيلا عابرا أن يشطر الناخب بين أكثري ونسبي أو تشطر دائرة انتخابية بينهما. هذه "جراحة" لصيغة لا يجري استيلادها وفق الأصول أي من باب نقاش مفتوح شفاف في مجلس وزراء وبرلمان استهاناً بالتخلي عن دوريهما في الشكليات والأصول، فكيف لو جاءت "الخلطة" محمولة بطعن وحدة المعايير والمحاصصات المستترة تحت ستار إنجاز العصر؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم