السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ماذا لو تبنّت دول الجوار السوري مقاربة ترامب؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
ماذا لو تبنّت دول الجوار السوري مقاربة ترامب؟
ماذا لو تبنّت دول الجوار السوري مقاربة ترامب؟
A+ A-

اثار قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب منع دخول مسافرين من سبع دول اسلامية الى الولايات المتحدة وكذلك بالنسبة الى منعه وصول اللاجئين السوريين او استقبالهم عاصفة ردود فعل متناقضة بعضها كان مرحبا على غرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما لم تبد دول كبيرة مؤثرة لا سيما الاوروبية منها اي حماسة لهذا القرار وكذلك بالنسبة الى كندا وسواها من الدول. فالصدمات تتوالى على رغم ان الرئيس الاميركي وصل بجدول اعمال معلن ومعروف ولو ان كثرا في انحاء العالم يعتقدون ان ترامب رئيسا سيكون غير ترامب المرشح. ومع ان قراره في شأن المهاجرين واللاجئين يبرره سياسيون وديبلوماسيون بانه ينفذ عمليا ما وعد به ناخبيه ابان حملاته الانتخابية وانه لا يستطيع الاخلال بذلك في بداية ايامه الاولى التي يصر على ان تشكل مؤشرا قويا الى تنفيذ ما تعهد به فضلا عن خطته المعلنة في فرض الحماية للولايات المتحدة كما يقول، فانه كان صادما. والدول الغربية خصوصا التي عانت من موجات هجرة اللاجئين اليها في اتجاهين اي زيادة اعباء هؤلاء بما يعنيه من متغيرات مجتمعية وسواها وضربات الارهاب الذي هز عواصم اوروبية ستجد صعوبة امام الرأي العام لديها في ظل ما تحاول ان تنقذه من الشعبوية الزاحفة اليها والتي تهدد انظمتها السياسية من جهة، كما تجد صعوبة في اقناع دول الجوار السوري مثلا في ان تكون مضيافة ومنفتحة في حين يشكل اللاجئون مثلا في لبنان عبئا كبيرا على كل المستويات انطلاقا من ان الرفض العلني القوي يفترض ان يلجم تشجيع خطوات مماثلة في انحاء العالم.. فالدول الاوروبية وحتى الولايات المتحدة في عهد باراك اوباما اسمعوا ولا يزالون يسمعون لبنان كلام الاشادة بمواقفه في استقبال اللاجئين وكرمه اللا محدود في ظل المخاوف المتعاظمة التي ابداها ويبديها مسؤولوه من التوطين، الامر الذي لا يمكن بلدا مثل لبنان استيعابه على عكس الولايات المتحدة مثلا او الدول الاوروبية الشاسعة والقادرة والمتمكنة كما من وجود اللاجئين ومعاناة لبنان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من وجودهم. ستفقد كل الدول في ظل الاجراءات التي اتخذها الرئيس الاميركي تحت عنوان اجراءات حمائية لبلاده ان من الارهاب او اقتصاديا عبر نيته بناء جدار مع المكسيك من اجل منع المهاجرين المكسيكيين من العمل في اميركا الكثير من الاوراق في محاولة اقناع دول الجوار السوري مثلا من ان تكون على غرار على ما تذهب اليه الدول الكبرى التي تتزعم العالم والتي وضعها افضل بكثير مما تعاني منه الدول الصغيرة.


لن يعمد لبنان الى اجراءات مماثلة لاعتبارات كثيرة من بينها عدم قدرته على اتخاذ اجراءات مماثلة يمكن ان تفجر وضعه الداخلي على افتراض انه يستطيع فرض رقابة على الحدود منعا لدخول اللاجئين على نحو كلي في ظل استمرار وجود معابر غير شرعية وما الى ذلك، علما ان الاعتراضات الداخلية الاميركية ضد القرار الذي وقعه ترامب تزيد الانقسامات الاميركية وتحدث اضطرابا ليس اقله نقض محاكم اميركية لقرارات ترحيل اللاجئين مثلا او من يمتلكون حق الدخول والعمل في الولايات المتحدة. لكن هذه الورقة التي يمكن ان ترفع تحت شعارات من نوع الحمائية اومنع التوطين يمكن ان يستخدمها لبنان كما دول الجوار السوري لاعتبارات ومصالح مختلفة. شعبوية ترامب وسياسته التي تقوم على نقض ما قام به سلفه في شكل اساسي يمكن ان تشرع الابواب واسعة امام مواقف مماثلة لدول اخرى بغض النظر عما يمكن ان تثيره خطوات مماثلة من فوضى وتبعات خطيرة في اتجاهات متعددة. فتركيا مثلا تعمد بين الفينة والاخرى الى تهديد اوروبا بالاخلال بالاتفاق معها حول منع تدفق اللاجئين اليها عند اي مطلب جدي لها خصوصا بعد تعثر ضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وهذا يمكن ان يشكل منفذا للدول التي تستقبل مئات الالوف من اللاجئين ان تتشدد وترفع سقف مطالبها من المجتمع الدولي وذلك بناء على الافتراض ان السيناريو الذي يستخدمه ترامب صالح للاستخدام لدى دول عدة تنوء فعلا بحمل اللاجئين واعبائهم. وتاليا فان السؤال سيكون ما النتيجة التي ستكون عليه الامور في ضوء اللجوء الى تبني او اعتماد المقاربة الاميركية؟
يقول ديبلوماسيون متابعون ان ترامب لا يستطيع الا التزام ما وعد به من انتخبه بعدما ضمن فوزه من خلال ملاقاة شرائح واسعة في المجتمع الاميركي في هواجسهم ومخاوفهم. الا ان رد الفعل الاميركي على كل المستويات والمتصاعد ازاء غالبية القرارات التي اتخذها حتى الان بما فيها الجدل مع المكسيك حول الجدار الذي ينوي ان يبنيه على الحدود معها يرجح او يؤمل انه سيدفع في اتجاه عدم التمادي في هذا الاتجاه خصوصا متى كان قراره معرضا للطعن من المحاكم الاميركية ويجد خرقا تنفيذيا له على ما حصل في اليومين الاخيرين ازاء رفض ترحيل المسافرين من المطارات الاميركية. ويراهن هؤلاء على ان تكون الاشهر الثلاثة التي حددها للاجراء الذي اتخذه بمثابة نقطة وسط للجمع بين ما وعد به ناخبيه من جهة والمدى الذي يمكن ان يتخذه في انتظار وضع خطة مراقبة متشددة للمهاجرين واللاجئين وهو ما يعني وفق القراءة الديبلوماسية انه يترك الباب مفتوحا امام مراجعة قراره او تحديده من ضمن اطر معينة بعد هذه المهلة اذا وجد ان الامور تسير في غير مصلحته او مصلحة ادارته.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم