الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الانتخابات لا تتعطّل والتأليف لا يطول لو حُسم الخلاف على نصوص مُلتبسة

اميل خوري
A+ A-

بعدما صار الفراغ في السلطات الثلاث "أفضل" من انتخاب رئيس لكل منها إذا كان غير مقبول من هذا الحزب أو تلك الطائفة... وصار فشل عمل المؤسّسات أقل خطراً وضرراً من استمرارها في العمل، فإن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد بات يتطلّب البحث عن الوسائل التي تكسر هذا التعطيل فلا يظل سلاحاً يهدّد به كل من لا يرضيه انتخاب رئيس للجمهورية أو انتخاب رئيس للمجلس النيابي وتشكيل حكومة وهو ما لم يشهده لبنان في تاريخه.


لقد التقى الأقطاب الموارنة الأربعة على وجوب انتخاب مرشّح من بينهم لرئاسة الجمهورية وإلّا فليكن الفراغ ولو إلى أجل غير معروف. ورفضوا أي مرشّح سواهم بحجة أنه لا يمثل مجتمعه وضعفه يكون أشبه بالفراغ لا بل أن الفراغ يظل أقل خطراً من انتخاب مثل هذا الرئيس.
فكانت النتيجة أن لا الأقطاب الموارنة الأربعة اتفقوا على مرشّح منهم، ولا على مرشح ثالث يخرج البلاد من أزمة الانتخابات الرئاسيّة فاستمر الشغور الرئاسي لسنتين ونصف السنة الى ان اضطرّت القوى السياسية الأساسيّة في البلاد، تحت ضغط تداعيات هذا الشغور، السياسية والأمنيّة والاقتصادية الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وهو ما كان مفروضاً من بعض هذه القوى ثم صار مقبولاً تحت ضغط هذه التداعيات. إلّا أن هذا ما كان ليحصل لو ان هيئة مكتب مجلس النواب أو الهيئة العامة للمجلس حسمت الخلاف حول حق النائب في التغيّب عن جلسات انتخاب رئيس الجمهورية مع أن أكثر من رجل قانون جزموا بأن ليس للنائب حق التغيّب بدون عذر مشروع بل له حق انتخاب من يريد من المرشّحين أو وضع ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع وهو ما كان يحصل عند انتخاب رئيس للجمهورية ولم يكن أي نائب معارض يلجأ إلى تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس بتغيّبه المتعمّد عنها. ونقطة الخلاف هذه لم تحسم حتى الآن كي لا يتكرّر تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في كل مرّة إذا ظلّ تغيب النواب بدون عذر مشروع وبهدف تعطيل النصاب مسموحاً إذ يصير من حق كل حزب أو طائفة اللجوء إلى سلاح التعطيل إذا لم ينتخب الرئيس الذي تريد، الأمر الذي يوجب بتّه لإبعاد الانتخابات الرئاسيّة عن محاولات تعطيلها. وها ان التهديد بالتعطيل ينتقل الى الانتخابات النيابية إذا لم تجرِ على أساس قانون يريده هذا الحزب أو ذاك، فيتعطّل عمل السلطة التشريعية بعد تعطيل عمل السلطة التنفيذية في حين أن في الإمكان تلافي ذلك، وكما كان يحصل من قبل بأن يصير الاحتكام إلى الأكثرية في مجلس النواب إذا استمر الخلاف بين القوى السياسية الأساسيّة في البلاد على القانون، فكانت النتيجة أن التمديد لمجلس النواب مرّة أخرى بات مرفوضاً وكل ما كان مطروحاً للبحث لا اتفاق عليه وولاية مجلس النواب تقترب من نهايتها ولا حل لأزمة الانتخابات النيابية، كما كان لا حل لأزمة الانتخابات الرئاسيّة إلّا بعد سنتين ونصف سنة. ولا أحد يعرف متى يصير اتفاق على قانون تجري الانتخابات النيابية على أساسه ولا يظل الفراغ هو "أفضل" الحلول...
وإذا كانت الانتخابات الرئاسية تبقى مهدّدة بالتعطيل ما لم يحسم الخلاف حول حق النائب بالتغيّب عن الجلسات من دون عذر مشروع، والانتخابات النيابية تبقى مهدّدة أيضاً إذا استمر الخلاف على القانون الذي ستجري على أساسه ولا يتم تمديد مهلة لتشكيل الحكومات ولا تظل مفتوحة بحيث تستمر أزمة التشكيل أشهراً عدة كما حصل في عهد الرئيس ميشال سليمان الذي أمضى ثلث ولايته في معالجة أزمات التشكيل في حين كان في الإمكان الاتفاق على تحديد مهلة لتأليف الحكومة حتى إذا ما انقضت ولم يتم التأليف يجري تكليف شخص آخر بعد استشارات نيابية تجري لهذه الغاية.
لقد بات من واجب السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقوى السياسية على اختلافها العمل على تعطيل سلاح اللجوء إلى الفراغ للحؤول دون وصول من ليس مرغوباً فيه من هذا الطرف أو ذاك للرئاسة ولا سبيل إلى تعطيل هذا السلاح إلا بجعل حضور النائب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية إلزامياً، والاتفاق على اعتماد قانون واحد دائم وثابت تجرى الانتخابات النيابية على أساسه، لا أن يقوم خلاف عند وضع قانون جديد يعطّل إجراء الانتخابات النيابية وأن يتم تحديد مهلة لكل من يكلّف تأليف حكومة، قبل أن تصبح الجمهورية في لبنان جمهوريّة يحكمها الفراغ. وهو الأفضل...


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم