السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ترامب يسقط حجج إقامة مناطق آمنة احتمالاتها إلى تقاسم نفوذ أو ستاتيكو؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
ترامب يسقط حجج إقامة مناطق آمنة احتمالاتها إلى تقاسم نفوذ أو ستاتيكو؟
ترامب يسقط حجج إقامة مناطق آمنة احتمالاتها إلى تقاسم نفوذ أو ستاتيكو؟
A+ A-

لا يخفي سياسيون في لبنان حماستهم لتعهد الرئيس الاميركي دونالد ترامب إنشاء مناطق آمنة في سوريا للاجئين الفارين من العنف، خصوصا أنه مضى على مطالبتهم بذلك أكثر من 3 سنوات قوبلوا خلالها بذريعة استحالتها. فالمناطق الامنة في سوريا، وهو تعبير يفترض ان ينطبق على الاراضي السورية وليس على جوارها الآمن، فكرة كان بحثها عدد من المسؤولين مرارا مع زوار غربيين وطالبوا بها عواصم الدول المؤثرة من اجل المساهمة في اتاحة الفرصة لرحيل عدد لا بأس به من اللاجئين من لبنان، بما يفتح المجال أمام عودة هؤلاء الى بلادهم، ويتيح تخفيف الثقل الذي يشكله اللاجئون على لبنان وعبئهم على كل المستويات. حتى ان اطرافا رفعوا الصوت بذريعة الخوف من التوطين من اجل الحض على المساعدة في هذا الاطار. ولم تلق الفكرة من الجانب اللبناني اي تجاوب، بناء على ان هدوء منطقة معينة لا يعني إمكان عودة اللاجئين اليها، وذلك ليس في ضوء اعتبارات معيشية او اقتصادية او اجتماعية فحسب، بل بناء على اعتبارات سياسية وامنية ايضا، خصوصا متى كانت المناطق الآمنة نظريا لا يمكن ضمانها كليا من الامم المتحدة او من قوة او تحالف دولي ومن كل الاطراف. وهذا كان مرفوضا من جانب ادارة الرئيس اوباما، كما ان التناقض القوي، ان لم نقل التجاذب بين روسيا والولايات المتحدة، كان كفيلا بمنع حصول ذلك، وربما يبقى في المرحلة المقبلة في هذا الملف. والمتعارف عليه او المفهوم ضمنا، أن غالبية اللاجئين ينتمون الى الطائفة السنية الذين تصعب عودتهم من دون ضمانات سياسية ملموسة، ولا سيما أن سيطرة "حزب الله" على القرى والمناطق القريبة من الحدود مع لبنان لم تفسح في المجال لأي عودة حتى من جانب الموالين للنظام. والفكرة ايضا كانت مطلبا اساسيا لتركيا لم يتم التجاوب معه، فكانت سببا للتباعد بين الولايات المتحدة وتركيا في عهد الرئيس باراك اوباما، إلا أن ما تعهد به الرئيس ترامب لقي رد فعل ايجابيا من قطر، وكذلك من تركيا، في انتظار أن يتبلور ما تحدثت عنه المعلومات عن طلب ترامب من وزارتي الخارجية والدفاع صياغة خطة لإقامة مناطق آمنة في سوريا. لكن للفكرة جوانب سياسية وليست انسانية فحسب. فمع ان ترامب باشر ايامه الاولى في الرئاسة بتنفيذ ما وعد به ابان حملاته الانتخابية، واقامة مناطق آمنة للاجئين من هذه الوعود، فمن السابق لأوانه الجزم بما يعنيه ترجمة ذلك. إذ يتفق متابعون كثر على أن الفكرة كانت قابلة للتنفيذ قبل التدخل الروسي في سوريا، في حين أنها غدت راهنا أكثر تعقيدا في ظل يد عليا لروسيا في مناطق سورية عدة، واتفاقات عقدتها مع النظام السوري تضمن لها السيطرة على اجوائها الى حد بعيد، بما يفترض ان يعني حتمية حصول اتفاق بين الرئيس الاميركي ونظيره الروسي، على غرار الاتفاق الذي لم ينفذ بين واشنطن وروسيا في أيلول الماضي في شأن تنظيم التعاون الجوي والتنسيق في توجيه الضربات لمواقع تنظيم "الدولة الاسلامية" او المواجهة بينهما، وهذا أمر غير محتمل في ظل المؤشرات الايجابية التي أرسلها ترامب حتى الان في اتجاه بوتين. وهو الامر الذي يعني ان هناك اتفاقا حتميا سيحصل بين الجانبين، أو انه حصل، في حين تقول روسيا انها لم تستشر في ذلك بعد. والفتور الروسي قد يعود الى أن المناطق الآمنة قد ترسي ستاتيكو يريح الوضع في سوريا، فيما يهم روسيا أن تبقي الوضع ساخنا للتوصل الى الحلول التي تريد.


المتصلون السياسيون بالمحيطين بالرئيس الاميركي الجديد ينقلون عن هؤلاء انه ينبغي فهم ما عناه في خطابه الانتخابي عبر القول بـ"اميركا اولا" التي تعني ان ترامب سيقارب أي مسألة من زاوية المنافع والافادة التي يمكن ان تعود على اميركا من هذه المقاربة. فإذا تبين أنها لمصلحتها، فسيخوض او ينخرط فيها، واذا لم يتبين ذلك فمن غير المحتمل ان يظهر اي اهتمام. وتاليا ينبغي أخذ التزامات الرئيس ترامب على محمل الجد، خصوصا ان سياسة الاحتواء التي اعتمدها اوباما في المنطقة وفي الموضوع السوري وما استببع ذلك من تبعات في جوار سوريا كانت بالغة السلبية على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وتراجعها المخيف. في حين يعتبر ديبلوماسيون عايشوا ادارات اميركية مختلفة ان طلب صياغة خطة من وزارتي الدفاع والخارجية لا يعني حكما الذهاب الى تنفيذ الفكرة اذا لم تكن في مصلحة الولايات المتحدة اي وقف تدفق اللاجئين، أو إذا كانت كلفة الانخراط لتوفير مناطق آمنة داخل سوريا أكثر كلفة بكثير من تدفق هؤلاء. وصياغة خطة قد تعني درس توافر الامكانات لها لتأمين نجاحها او من اجل العزوف عنها ايضا. والكلفة بهذا المعنى قد تكون انخراطا عسكريا لحماية المناطق الامنة او ربما تقاسم نفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا علما ان تحديا اساسيا يتمثل في سيطرة النظام على مناطق مدعوما من حليفه الايراني والتنظيمات التابعة له ما قد يؤدي اما الى اقرار اميركا بنظام الاسد في مقابل المناطق الامنة خصوصا ان روسيا مارست كل ما تستطيع من اجل اعادة تأمين الاعتراف بشرعية الاسد ووجوده والتعامل معه على هذا الاساس او الى اقتسام واقعي لسوريا بين الولايات المتحدة وروسيا ومعهما القوى الاقليمية على الارض اي تركيا وايران في ظل سؤال كبير يتصل بكيفية تعامل الادارة الاميركية مع ايران، ليس في الملف النووي بل مع تمدد نفوذها في المنطقة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم