الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

على الساخن... تكراراً!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

يجسد الموقف الذي أعلنه الرئيس ميشال عون في مجلس الوزراء من قانون الانتخاب وتجميده تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات ذروة مفارقة التشريع على الساخن التي طالما واكبت الازمات السياسية والدستورية في لبنان. ليس خافيا على احد ان الرئيس عون لا يحتمل انتكاسة كارثية في مطلع عهده من طراز تمرير قانون الستين او التمديد الثالث لمجلس النواب الحالي. ويصعب ايضا تجاهل التبريرات الموضوعية لدفعه بقوة استثنائية نحو قانون انتخاب جديد ولو في الفسحة الحمراء الاخيرة عشية بدء مهل قانون الستين وهو دفع يكتسي مشروعية كاملة بعدما غدا قانون الستين أشبه بـ"خيانة " لفرط ما أمعنت الطبقة السياسية بمعظمها في شيطنته وحملت على مشجبه كل خطايا السياسات والممارسات والتحالفات والمعارك المتعاقبة في الاعوام الثماني الاخيرة من عمر المجلس الحالي على اقل تقدير. مع ذلك لا يسقط مناخ صاعد بسخونة التوهج السياسي الى حد "تخوين" قانون شكل يوما عنوان مكسب سياسي قيل فيه انه كان انتصارا مدويا التوقف بهدوء وتمعن عند مجموعة حقائق علها تنفع حيث لم تنفع من قبل. من ابرز هذه الحقائق ان آفة التشريع على خطوط المواجهات الساخنة والمهل الداهمة بفعل ضياع الزمن واستهلاك الوقت كانت ولا تزال وصمة بل علة ديموقراطية مريضة من علل الممارسات السياسية المزمنة في لبنان. ولا يبرر هذه الآفة بعض الأطروحات أو الأدبيات المعادية بفطرة غريبة مستدامة للطائف لا تزال تعتبر ان وضعه قبل اكثر من ربع قرن جاء مشوبا باختلال ميزان القوى الذي استتبع اختلالا في الكثير من بنوده كما في تنفيذه. ما قد يصح في ظروف وضع الطائف لم يعد ممكنا اتخاذه مقياسا الآن في أي استحقاق طارئ جديد الامر الذي يعني اولا ان تجربة قوانين الانتخاب المتعاقبة يفترض ان تغادر لمرة واحدة واخيرة معايير الخضوع للظروف الوضعية والظرفية و"اللحظوية" ونزعها من اطار الابتزاز الذي غالبا ما يواكب التشريع في اللحظات القاتلة. ثم ان المعايير الدستورية الصرفة تبقى الناظم الثابت لأي واقع حتى لو كان واقعا ناشزا ومبعث شكوى واسعة ما دام تبديله متعذرا. بذلك يفهم كلام رئيس الجمهورية عن تفضيله الفراغ على التمديد او قانون الستين من زاوية اضطلاعه بأقصى المستطاع للدفع نحو قانون انتخاب جديد حتى الرمق الدستوري والقانوني الاخير. ولكن ماذا لو استحال التوافق على قانون جديد وضربت المهل وبدأ يتسلل فعلا خطر فراغ مجلسي غير مسبوق؟ اترانا نكون امام مواجهة او معركة اجتهادات دستورية حول الفراغ المحتمل للمجلس؟ ثمة ما يؤشر الى أن التسوية السياسية التي ملأت فراغ الرئاسة وجاءت بالحكومة لن تدع فراغا جديدا يفرخ حيث لا سوابق. ولكن أي ضمان لتشريع حقيقي بارد ينزع من خطاب الدولة والسياسيين وسائر "الأمة" اللبنانية مشتقات الفراغ؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم