الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

قبور مصر في اليمن 10 آلاف وهي كافية!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
قبور مصر في اليمن 10 آلاف وهي كافية!
قبور مصر في اليمن 10 آلاف وهي كافية!
A+ A-


أكدت مصر قبل أيام أن علاقتها مع المملكة العربية السعودية جيدة رغم ما اعتراها من ضعف بسبب اختلافات في النظرة السياسية الى المشكلات الاقليمية والمواقف منها. والتأكيد نفسه تبديه المملكة. ورغم ذلك فإن الرأي العام المصري والسعودي يسوده شعور بخلل العلاقة ويتمنى زواله في أسرع وقت، ويشاطره تمنيه المسؤولون في القاهرة والرياض. وقد جاء قرار مصر تجديد بقائها في "التحالف العربي العسكري" الذي أنشأته السعودية ليطمئن الخائفين في الدولتين الشقيقتين من تدهور علاقتهما. طبعاً يعرف المصريون والسعوديون أن بداية الخلل ظهرت بعد امتناع مصر عن مدّ "التحالف" بقوات عسكرية بريّة لحسم الحرب في اليمن رغم استمرارها في التزام الحماية العسكرية الجدية للسعودية حيث يجب والانخراط في قتال بري في حال تعرّضت حدودها البرية للاختراق الجدي. وما فاقم "زعل" الرياض في حينه اقتناعها بأنها قامت بواجبها في مساعدة القاهرة مالياً ولم تتوقع خذلاناً مصرياً. وما فاقم "الزعل" في مصر كان عدم استشارة المملكة لها في الحرب على "اليمن" قبل شنّها. وما أغضب السعوديين ما تشهده مصر من تناقض أو تردّد في موضوع "استردادهم" جزيرتي تيران وصنافير.
هل تصل مصر والسعودية الى قطيعة؟
تقول شخصية مصرية رفيعة جواباً عن ذلك أن هذه العلاقة غير جيّدة لكنها ليست بالتردّي الذي يعتقده البعض ويتمناه البعض الآخر. وتؤكد عدم أمكان القطيعة. فالاثنتان تحتاجان الى بعضهما. والسعودية تعرف تمام المعرفة أنها إذا شعرت أن خطر الجمهورية الاسلامية الايرانية عليها صار داهماً، كما على "الخليج" العربي كله والشرق الأوسط، أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تستطيع أن توازنها. ولا تمنع ذلك معاناة مصر صعوبات اقتصادية كبيرة، ونقص حاد في السيولة اللازمة لتأمين احتياجات المواطنين في أكثر من مجال، ومواجهة إرهاب يتستّر بالاسلام سواء في شبه جزيرة سيناء أو في الداخل، ويتسلّل من غزة حيناً ومن السودان وليبيا حيناً آخر، ومشكلة مع اثيوبيا الساعية الى قضم الحصة المصرية في مياه النيل، والنسبة الكبيرة لتزايد عدد السكان والبطالة وغير ذلك. لكن مصر من ناحية أخرى لديها امكانات هائلة غير متوافرة في معظم الدول العربية وخصوصاً في هذه المرحلة. فهي تمتلك بنية تحتية عسكرية وأمنية ضخمة وحديثة ومدرّبة. وعدد دباباتها المتنوعة يبلغ نحو 3500. وطيرانها الحربي مهم. وكذلك بحريتها التي تتعزّز في استمرار. وهي دولة حقيقية بكل معنى الكلمة ومن زمان إذ فيها الى المؤسسات العسكرية والأمنية والقضاء والادارة. وهذه الدولة ضمان للمصريين ولأشقائهم العرب رغم بعض الضعف في المؤسسات المدنية.
اذا كانت مصر بهذه "الكفاءة" الدولتية فكيف تناقض نفسها وتاريخها مرتين في مجلس الأمن؟ الأولى عندما صوّتت بالموافقة على مشروع قرار لفرنسا يتعلّق بسوريا، ثم صوّتت موافقة بعد إخفاقه مباشرة على مشروع لروسيا متعلّق بالدولة نفسها. والثانية عندما تراجعت عن تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان الاسرائيلي في القدس والأراضي الفلسطينية بعد إلحاح من إسرائيل، فقدمت السنغال ودول أخرى مشروعاً مشابهاً وافق عليه مجلس الأمن بامتناع أميركا أوباما عن ممارسة حق النقض. عن هذا السؤال تجيب الشخصية المصرية نفسها فتقول أن بلادها لم تخطئ في التصويت على "القرارين" المتناقضين الفرنسي والروسي. فالاثنان ينصان على وقف النار في سوريا. وهذا ما يهمّها وبهذا المعنى فإن الاثنين متكاملان. أما في التناقض الثاني فإن خطأ ما في رأيها قد حصل. وهي لا تجد بعد تفسيراً لذلك. لكنها تعود الى "تيران وصنافير" وتقول أن معالجة مسألتهما لم تكن سليمة كما يجب ولا تعرف لماذا. علماً أن سعوديتهما "موثّقة" وأن عودتهما الى المملكة ربما تمنع اسرائيل نتنياهو من تنفيذ مشروع لانهاء الصراع مع الفلسطينيين يشملهما الى قسم من سيناء.
في النهاية تضيف الشخصية نفسها: السبب الأول للمشكلة أن القيادة الجديدة الشابة في المملكة لا تعرف مصر وغير مطلعة بدقة على تاريخها. فجيش مصر غادر اليمن بعد عشر سنوات (1962 – 1972) تاركاً فيها عشرة آلاف قبر. وهو لا يريد تكرار هذه التجربة. والمشكلة أيضاً هي عدم معرفة القيادات المصرية الجديدة السعودية. وعمر سليمان العسكري الرفيع لم يعد موجوداً في هذه الدنيا. وهو كان خبيراً وبالتفصيل في السعودية والخليج والعرب عموماً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم