الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مصر لا سوريا عنوان الاهتمام الأميركي الجديد؟ ترامب أيضا أمام إرباكات المنطقة ومتغيراتها

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

مع اقرار علني واسع من رؤساء دول وقادة كبار على غرار البابا فرنسيس او وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتانماير اللذين كانا من ابرز المعلقين على مواقف الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب غداة تنصيبه بان الاخير مفاجىء وشعبوي لا يمكن توقع تصرفاته بحيث يتعذر مقاربة اي توقعات لسياساته من منطلق منطقي او موضوعي كما يجري عادة، تتجه انظار المراقبين بعد تسلم ترامب مهماته لتبين اولى المؤشرات الخارجية لسياساته. اذ بصرف النظر عن طبيعة خطابه الرئاسي الذي كان ملتبسا وغير تقليدي ثمة من يعطي اهمية بداية للملف السوري استنادا الى المؤتمر الذي ينطلق غدا في استانا بدعوة من روسيا ورعاية اقليمية من تركيا وايران فيما لم تتجاوب واشنطن كليا مع دعوة روسيا بايفاد وفد من الخبراء مكتفية بمشاركة السفير الاميركي في كازاخستان في جولة المفاوضات الاولى. الا ان مصادر ديبلوماسية تعرب عن خشيتها من الا تكون سوريا هي فعلا هي المؤشر الذي سيدفع الادارة الاميركية الجديدة الى اظهار التزامها من عدمه لشؤون المنطقة وشجونها وفق ما يتوقع او ينتظر متابعون كثر وفق رهانات متناقضة في هذا الاطار. اذ ان سوريا كانت تعني كثيرا للولايات المتحدة وربما لا تزال على المستوى الاستخباري نتيجة تعاون عائلة الاسد ثم الابن مع الولايات المتحدة بقوة على هذا الصعيد، لكن قد لا تكون واشنطن "الجديدة" معنية باظهار اي اهتمام يتعدى ذلك في المدى المنظور في ظل تركيز وحيد واساسي عبر عنه الرئيس الجديد الداخل الى البيت الابيض وهو محاربة الاسلام المتطرف كما قال والذي يفترض التركيز على مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في حين انه قد يعني اكثر من ذلك ايضا. فهذه المصادر تعتقد ان مناطق او دول اكثر حساسية قد تفرض نفسها على جدول اعمال الادارة الاميركية الجديدة على نحو اسرع مما هو متوقع وهي تتمثل في ما تعتبره وضعا خطيرا تواجهه مصر على مستويات عدة. ومصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي فتحت قنوات مع الرئيس ترامب بحيث ان هذا الاخير اشاد بنظيره المصري. الا ان اي تطورات غير متوقعة في مصر قد تكون مربكة للادارة الجديدة كما للادارة السابقة التي توجت قمة ارتباكاتها حيال الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في مصر فبادرت ادارة باراك اوباما بسرعة الى سحب البساط والغطاء من تحت اقدام ورأس الرئيس حسني مبارك كما انفتحت على اختيار الشعب المصري يومها قيادات الاخوان لحكم مصر قبل ان تعود الامور فتنقلب لغير مصلحة هؤلاء. ويقول مطلعون ان الوضع المصري يتسم بدرجة كبيرة من الخطورة وعلى مستويات عدة بحيث من غير المستبعد ان تشهد مصر متغيرات كبيرة في المدى المنظور على وقع ارباكات يتخبط بها الحكم المصري. تستدل هذه المصادر على ذلك بجملة مؤشرات ليس اقلها التخبط في موضوع جزيرتي تيران والصنافير ليس بمغزى التراجع عن التسليم بملكية المملكة السعودية لهما بل بمغزى الابعاد الاقليمية للموضوع في ظل اعتقاد ان هناك مرونة غير طبيعية من جانب النظام المصري في اتجاهات معينة. واي تغيير في المعطى المصري من شأنه ان يحدث اهتزازات في واشنطن لاعتبارات عدة ليس اقلها ان العلاقات بين الجانبين الاميركي والمصري استعادت حيويتها بصعوبة فائقة وهي ليست كما في الماضي فضلا عن اهمية مصر كحليف طبيعي للولايات المتحدة من جهة وطرف محوري واساسي في العلاقة مع اسرائيل من جهة اخرى، في حين ان التغييرات التي يخشى كثر حصولها او بالاحرى يتوقع حصولها يمكن ان تؤثر في اتجاهات متشعبة نظرا الى الموقع الجيوبوليتيكي لمصر في المنطقة علما ان التغييرات في المنطقة لا تقتصر عليها وهناك تغييرات جوهرية ايضا في تركيا وهي على غير ما هي الحال في العراق وسوريا. الامر الذي يتوقع ان يربك الولايات المتحدة كما اربكها في ولايتي اوباما بما لا يمكن الادارة الاميركية ان تنأى بنفسها حتى لو شاءت عن طبيعة التطورات المرتقبة في حال ارتباك الرئاسة المصرية اكثر مما هي عليه راهنا.


وتاليا فان الباب لابرز المؤشرات التي قد تتخذها السياسة الخارجية للادارة الاميركية الجديدة قد لا يأتي من بوابة سوريا او العراق او ربما ايضا ايران بل يخشى ان يأتي وفق المصادر الديبلوماسية المعنية من بوابة مصر علما ان الاخيرة لا تبدو تحت المجهر بمقدار الدول التي سبقتها او بالحاح الوضع في هذه الدول اقله من منطلق انها ليس في حال حرب مماثلة على الاقل بل في وضع اقتصادي في غاية الخطورة وفي وضع سياسي غير مريح وغير مطمئن على رغم ان موضوع حقوق الانسان او الديموقراطية لم يعودا امرين على جدول اعمال الحكومة الاميركية الجديدة في المطلق وفق ما اعلن الرئيس ترامب في خطابه علما ان هذين البندين تراجعا عن ان يكونا كذلك مع ولاية اوباما الثانية. كما ان هذين الامرين ليسا على جدول اي تعامل مع مصر نظرا الى دقة الوضع فيها الذي لا يمس في حقيقة الامر لا علنا ولا ضمنا لاعتبارات مختلفة في الوضع الراهن.
لكن هذه المقاربة تبقى في اطار التفكير تقليديا في ما يتوقع ان تقوم به الولايات المتحدة في حين ينتظر الجميع الاستدلال على كيفية التعاطي مع طريقة تفكير الادارة الجديدة وما تعنيه المنطقة بالنسبة اليها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم