الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ظريف والتسوية الرئاسية في لبنان

علي حماده
ظريف والتسوية الرئاسية في لبنان
ظريف والتسوية الرئاسية في لبنان
A+ A-

كان لافتا بالنسبة الى المراقب اللبناني قول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بالامس في "المنتدى الاقتصادي العالمي" الذي يعقد هذا الاسبوع في منتجع دافوس في سويسرا، ان "حوارا ناجحا" بين بلاده والمملكة العربية السعودية ادى الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان. ففي سياق اجابته عن سؤال وجهه اليه احد مديري منتدى دافوس تحدث عن انفتاح بلاده على حوار مع السعودية في شأن الخلافات الاقليمية الكبيرة التي تفصل بينهما. وأشار ظريف الى ملفات اليمن والبحرين وسوريا التي يدعو السعودية الى حوار في شأنها على غرار "الحوار الناجح" الذي سبق (بحسب ظريف) في شأن لبنان، وادى الى انتخاب رئيس للجمهورية.
كلام ظريف، إن صحّ، يعني أن ما قلناه هنا في مقالنا الأخير عن "التسوية" الرئاسية أدى الى انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا، لم تكن ثنائية بين الجنرال عون والرئيس سعد الحريري ، بل ان طرفا ثالثا اساسيا كان جزءا منها، عنينا "حزب الله". بهذا المعنى، وربطا بما قاله وزير الخارجية الايراني بالامس، تكون التسوية الثلاثية في لبنان قد حظيت بضوء اخضر ايراني، وآخر سعودي تجلى اكثر ما تجلى عبر ايفاد الرياض الوزير السبهان الى لبنان عشية جلسة الانتخاب للقاء الحلفاء في رسالة سعودية مفادها ان انتخاب عون يحظى بموافقة بلاده. وبالتالي يكون وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة "اختبارا" لبدايات حوار ما اقليمي بين الرياض وطهران، بمقدار ما يشكل اختبارا لبنانيا داخليا للتأليف بين افرقاء تصارعوا على مدى احد عشر عاما منذ ٢٠٠٥.
بناء على ما تقدم، نحن في لبنان في مرحلة "حوار" مزدوج لبناني - اقليمي قد يفضي الى تسوية راسخة اذا ما احسن اللبنانيون استغلال النافذة التي فتحت اماهم لسحب البلاد من نيران المنطقة المشتعلة. وهذا لا يمكن ان يتم من دون توافر شرطين متلازمين، عقلنة الصراع داخليا وتهدئته، وتغطية مديدة وقوية من الثنائي الاقليمي المؤثر، أي السعودية وايران.
وبالعودة الى المشهد اللبناني، اعتقادنا ان التسوية الثلاثية (الحريري وعون ونصرالله) لا يمكن ان تنجح من دون ان يستند كل من الاطراف الثلاثة الى تحالفات داخلية وازنة طائفيا ووطنيا: الرئيس عون مع الدكتور سمير جعجع، السيد حسن نصرالله مع الرئيس نبيه بري، والرئيس سعد الحريري مع النائب وليد جنبلاط. من هنا يمكن القول ان "التسوية الثلاثية" تحتاج الى ان تكون سداسية لكي تكتمل دائرة حمايتها المحلية.
ليس المهم ان نفتح سجالات عقيمة في الوقت الراهن، ومقارنة منسوب لبنانية التسوية بمنسوب اقيلميتها. المهم ان نفكر لبنانيا بكيفية مزاوجة البعدين المحلي والاقليمي. فلا رئيس من دون لعبة محلية، وكذلك لا رئيس من دون مظلة اقليمية. هذا هو لبنان، وكل ما تبقى مجرد زجل سياسي ليس إلاّ!
قصارى القول ان التسوية التي نتحدث عنها يفترض ان تنسحب على مسألة قانون الانتخاب الذي يحدث ضجيجا كبيرا هذه الايام. عليه، لا بد من اتفاق بين الستة الكبار يقوم على فلسفة التسوية التي نتحدث عنها، بمعنى ادق: تجميد الوضع الحالي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم