الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ما أحوجنا إليكِ في لبنان أيتها القائدة

المصدر: "النهار"
حليمة القعقور- أستاذة جامعية ودكتورة في القانون الدولي.
ما أحوجنا إليكِ في لبنان أيتها القائدة
ما أحوجنا إليكِ في لبنان أيتها القائدة
A+ A-

ان مفهوم القيادة السياسية يرتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة الأنظمة السياسية، وخصوصاً في الدول النامية حيث تطغى الشخصانية وتضعف المؤسسات، وتؤثر في طبيعة الحكم، تالياً على حقوق المواطن.


ان القائد هو من يملك القدرة على التأثير في الغير، وعلى رسم رؤيا وتحديد الأهداف المشتركة ووضع الأولويات والعمل على تحقيقها عبر الوسائل الملائمة في اطار تفاعلي بينه وبين "الأتباع" في ظل مجموعة من القيم والمبادئ.
أن تكون قائداً، يعني أن تكون ذكياً، واثقاً من نفسك، وتمتلك "الكاريسما"، وأن تمتلك قدرات ومهارات عديدة كالقدرة على التواصل، وادارة النزاع وحل المشكلات، والقدرة على معرفة الذات ومعرفة الآخرين، والقدرة على فهم الأمور التقنية واتخاذ القرارات، والتزام الأقوال والتفاني لتنفيذ الوعود. بالاضافة الى القدرة على ادراة الفريق والاستماع له والتفاعل معه في جو من الديموقراطية والاحترام.
ان سلوك القائد يحدد نوعية العلاقة بينه وبين أتباعه (ديموقراطية أو ديكتاتورية)، ونوعية المواقف الذي يتخذها (تخدم الوطن أو المصالح الشخصية)، كما يحدّد أيضا المبادئ التي تحكم العلاقة بينه وبين أتباعه.



تؤثر طريقة الوصول الى القيادة في نمط القيادة السياسية وفي أساليب ممارسة السلطة والتعامل مع الأتباع. ان وصول القائد الى السلطة السياسية بدعم من دول أجنبية مثلاً، يجعل القيادة تابعة سياسيا واقتصاديا بحيث تستمد قوتها من هذه الدولة الأجنبية وتحافظ عليها طالما الدولة الأجنبية محافظة على قوتها، ما يؤدي الى ضعف التفاعل بين القيادة والقاعدة والى غياب الديموقراطية الداخلية والى التفرّد في اتخاذ القرارات.
إن وصول القيادة من طريق انقلاب عسكري، يجعلها قيادة ديكتاتورية، ويفضي الى عسكرة النظام السياسي. أما وصول القيادة الى السلطة السياسية عبر دعم القبيلة أو الطائفة فيعتمد على مساندة الطائفة أو القبيلة وعلى التوريث السياسي. تتحدّد قوة القائد بقوة الروابط التي تربطه بالطائفة وبالخدمات التي يقدّمها اليها، بحيث تغيب حقوق المواطن وتحل محلها خدمات لأفراد الطائفة يطلب منها في المقابل الولاء التام.
اذا كانت القيادة السياسية في لبنان في غالبيتها العظمى مدعومة من دول أجنبية، ومن الطوائف، فماذا ينبغي لنا أن نتوقع من النظام السياسي القائم ومن سلوك القيادة السياسية؟ واذا أضفنا أن هذه القيادة ذكورية وتخلو من النساء فماذا يتغير أيضا؟
القيادة السياسية للرجل تختلف عن القيادة السياسية للمرأة التي، استنادا إلى دراسات عديدة، ظهرت بأنها أكثر فاعلية وتملك مهارات القيادة بشكل أكبر (براينت 2009، دايلي مايل 2010).



القائدة هي أكثر استماعا وأكثر تقديرا للرأي الآخر من الرجل، وهي تسأل دوما عن رأي الآخرين من أجل التقويم، بينما يتوقف الرجل عن تقييم الذات والتقويم بعد عمر معيّن (40 سنة). ذكاؤها العاطفي المرتفع يجعلها أكثر تفهما لفريقها وأكثر تعاطفا معه وأكثر قدرة على بث روح الحماسة فيه كما أنها أكثر براعة في حل النزاعات من القائد الرجل، نظرا إلى قدرتها الكبرى على التواصل، وتمتعها بمرونة أكبر (ايواناغا 2008 وجاكوبسون& بولينغ 2010). هي التي تملك قدرة أكبر للتعامل مع الحزب المعارض والتفاوض والتعاون معه، من أجل الوصول الى حلول تصب في مصلحة المواطن (باكستون وهيوغ 2007).



يميل القائد الرجل الى أن يكون أكثر تنافسية وأكثر رغبة ليظهر انجازاته الفردية في وزارته مثلاً، بينما أثبتت القائدة المرأة أنها أكثر تعاونا وأكثر ميلا إلى العمل الجماعي (بوستيان اندرداهل، والكر 2014، فولدمن ووايزمن 2013 ). أما الصفة الأكثر أهمية في العمل السياسي فهي التزام المناقبية، وهذا ما تتسم به القائدة. فقد أثبتت التجارب أنها أقل فساداً، حتى أصبحت من ضمن الوسائل الأكثر فاعلية لمحاربة الفساد، حيث تسمّى نساء في الوزارات الحساسة التي تكثر فيها السرقة مثل وزارة المال في دول عدة نذكر منها أوغندا,الدولة رقم واحد في المشاركة السياسية في العالم للمرأة (غوتز 2007).
في ما يخص أولويات المرأة في القيادة السياسية، هي أيضا تختلف عن الرجل بحيث تهتم أكثر بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطن، كالصحة والطفل والبيئة والتعليم ومحاربة الفقر، وغيرها من الأمور التي تهم المواطن في حياته اليومية والتي تتيح له العيش بمستوى معيشي لائق (فولدن، وايزمن وويتمر 2013، سويس وفالون 2012).



لقد اغتيلت أحلام اللبنانيين في ظل زعامات طائفية وذكورية مدعومة في غالبيتها من الخارج، أدت ممارستها للحكم إلى انهيار المؤسسات وانهيار أسس الدولة الحديثة وأسس المواطنة.
ما أحوجنا الى تغيير يبدأ بقيادات سياسية جديدة تحترم القاعدة وتشاركها القرار من أجل حقوق المواطن. ما أحوجنا الى قيادات شفافة وديموقراطية تنسلخ من "الأنا" وتتجه نحو "النحن".
ما أحوجنا اليكِ أيتها القائدة!


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم