الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

القوى السياسيّة

حياة ابو فاضل
A+ A-

"قانون يُرضي كل القوى السياسيّة" شعار هذا الزمن المتحجّر، عابد القوة والقوى، وهل من معبود غيرها؟ وتلتقي "القوّة" أينما اتّجهت ومهما قرأت، تصادفها في قعر عصر انحطاط بشري... أمّا القانون فقانون انتخابات نيابيّة، يتوق إليها لبنان المغلوب على أمره وسط حكام، نواب ووزراء وقضاة، يمثّلون السلطات الثلاث التي يرتكز عليها نظام البلاد منذ الاستقلال، نظام كان لا بد أن يفشل في كل مراحله التي ظلّت مصدر تنافس وكيد وقتال وكل سلبيّات وطن مشلول، حكّامه لا يتغيّرون بل يتوارثون إقطاعيّاً ومذهبيّاً وعائليّاً كراسي الحكم ولا ينجزون.


من أين استمدّت قواها هذه القوى السياسيّة، وما هو مصدر اطمئنانها الى أبديّة بقائها جيلاً بعد جيل على شرفات حكم سحب الوطن وما تبقّى من أهله إلى ظلام شامل الأوطان العربيّة وشعوبها، فريسة فكر متخلّف، ساذج، يعود بالأماكن وبأهلها مئات السنين إلى "وراء" نفض يديه من زمان بعيد مما "يتكبّش" به ويحرض عليه "عرب" هذا الزمن اليوم، وما هم إلّا أصحاب فكر تحجّر ونام، فاستفاقت منهم غريزة التدمير والقتل، وما رحم أحد أحداً، وصار الرحمن الرحيم الهدف الذي يحارب من أجله الجميع؟
أليس هناك بالبال قانون يرضي كل فئات الشعب، لا القوى السياسيّة؟ وما دور الشعب في دولة لا تحسب حساباً للانسان المواطن، إلّا لمّا تفرض عليه شتّى أنواع الضرائب من غير أن تُعطيه شيٍئاً في المقابل، فلا توفّر له ضمانات ثقافيّة واجتماعيّة وصحيّة توفّرها عادة البلدان المُتحضِّرة. ما دور المواطن في دولة فاشلة، ديونها خياليّة، وأهلها فقراء عليهم تقديم كل ما يزيد الحكّام قوّة وغنى، وعليه تمويل محكمة دوليّة تحقّق منذ عقد ونصف عقد في قضايا جرائم حصلت فوق أرضنا، مستمعة إلى شهود زور، وما من بصيص نور في نتيجة بعد؟ وماذا عن الكهرباء والماء والنفايات و و و؟
أليس للمواطن رأي في قانون انتخاب سيلتزمه لمّا يختار من يمثّله في مجلس تشريعي؟ لماذا لا يلجأ اليوم هذا المجلس الممدّد لذاته إلى طرح القوانين التي يناقشها، أمام المواطنين، مع شرح لتفاصيل بنودها، طرحها للاستفتاء الشعبي، فتتبنّى الدولة القانون الحائز أكثريّة الأصوات، وقد نشهد على فوضى أو استحسان، وقد نشهد على مزيد من التفكّك الشعبي داخل تركيبة مقولبة لشبه دولة ركيكة، حدودها القمع، مُتداخلة السلطات، نموذجيّة في عالم عربي عصي على التطوّر.
إنّما في لبنان هناك قليل من استفاق ولا ثقة له بمن أعطاهم ثقته ذات يوم فخذلوه واستحمروه بعدما اشتروا أصوات من يبيع رخيصاً وطناً هو المساحة التي تؤمّن لإنسانها فرصة فهم "مشروع" الحياة، والغاية منه، خارج فلسفة المذهبيّة المُضلّلة، ولن يمنح صوته لتجّار المصير.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم