الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل تنتظر الانتخابات النيابية التطورات السورية لتعرف اللوائح المتنافسة أي شعارات ترفع؟

اميل خوري
A+ A-

إذا كانت الانتخابات الرئاسية لم تستطع انتظار تطورات الوضع في سوريا ولا الانتخابات الرئاسية الاميركية لأن الوضع الاقتصادي بات ضاغطاً ولم يعد يتحمل مزيداً من الانتظار لئلا ينهار لبنان، فهل تستطيع الانتخابات النيابية الانتظار لمعرفة الوضع النهائي الذي ستستقر عليه سوريا فيسهل عندئذ الاتفاق على قانون جديد للانتخابات يرسم صورة الوضع في لبنان ويغيّر التحالفات والتوازنات؟


الواقع أن هذا ليس جديداً في لبنان. فالمجلس النيابي الذي انبثق من الانتخابات في مستهل عهد الاستقلال تألف من أكثرية نيابية مؤيدة له وعدّلت الدستور بما يلائم متطلبات انهاء عهد الانتداب. ومجالس النواب التي انبثقت من انتخابات جرت في ظل الوصاية السورية فصّلتها قوانين تضمن فوز الأكثرية النيابية التي تؤيد استمرار هذه الوصاية، وتالياً بقاء القوات السورية في لبنان بحجة أن الأمن فيه لا يزال في حاجة الى بقائها، فكانت تتكرر في البيانات الوزارية لكل حكومة أول "ثلاثية ذهبية" عبارة: "شرعي وضروري وموقت"، إشارة الى القوات السورية، كما تفرض وصاية سلاح "حزب الله" اليوم على لبنان في البيانات الوزارية لكل حكومة "ثلاثية ذهبية" أيضاً عبارة: "الجيش والشعب والمقاومة". ومجلسا النواب اللذان انبثقا من انتخابات 2005 و2009، اي بعد انتهاء الوصاية السورية بانتفاضة شعبية، وكان التنافس شديداً فيها بين لوائح ما كان يُعرف بـ8 و14 آذار، فجاءت النتائج لمصلحة لوائح 14 آذار التي تدعو الى انسحاب كل القوات السورية من لبنان تطبيقاً لاتفاق الطائف والا اعتُبر بقاؤها احتلالاً. فهل ينبغي انتظار التطورات في سوريا لمعرفة أي قانون يكون للانتخابات وأي شعارات سترفعها اللوائح المتنافسة، وهي شعارات غامضة حتى الآن غموض ما يجري في سوريا، وان صورة الوضع في لبنان لم تكتمل بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية لأن الوضع قد يتغير نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة وتكوّنت منها أكثرية لها سياستها وأهدافها.
لذلك فإن الخلاف قد لا يستمر على قانون الانتخاب. فإذا كان واضحاً يعرف كل حزب من خلاله حصته من المقاعد في مجلس النواب المقبل. أما إذا لم يرضَ أي حزب فاعل بحصته فقد يعمل على عرقلة إقراره بشتى الوسائل بما فيها تعطيل النصاب. وأما إذا كان القانون غامضاً بحيث يتصوّر كل حزب ان حصته محفوظة فيه وهو ما كان يحصل في قوانين سابقة، فإن الحزب الذي يخاف من هذا الغموض قد لا يقبل به. فهل هذا يعني أن التطورات في سوريا، سواء كانت عسكرية أم سياسية، قد تساعد على وضع قانون للانتخاب يأخذ شكل ما تنتهي اليه. فإذا لم تكن هذه التطورات حاسمة قبل موعد الانتخابات النيابية في لبنان، فقد يكون تأجيلها مرجحاً لأن المطلوب معرفة أكثرية مَنْ ستأتي بها الانتخابات الى مجلس النواب الجديد. أهي أكثرية تدين بالولاء لفريق سوري ضد فريق أم العكس؟ فيعود الانقسام بين اللبنانيين حول سوريا في انتظار الحل الشامل فيها. أما إذا تحقّق هذا الحل قبل الانتخابات النيابية في لبنان وكان حلاً يرضي كل الأفرقاء في سوريا ولبنان، فلا يعود يهم عندئذ لمن تكون الأكثرية في مجلس النواب الجديد لأنها لا تعود أكثرية لها بعد عربي واقليمي ولا حتى دولي، بل بعد لبناني فقط، والانقسام الداخلي يتحوّل تنافساً بين الاحزاب على خدمة لبنان.
الى ذلك، هل يمكن القول إن قانون الانتخاب قد يدخل في سباق مع الحل الشامل في سوريا، بحيث يأتي القانون على صورة هذا الحل ولا تعود المنافسة حادة حول الأكثرية في الانتخابات المقبلة لأنها تفقد بُعدها العربي والاقليمي. لكن هل في استطاعة لبنان انتظار الحل في سوريا خصوصاً اذا طال وكان عليه أن يجري الانتخابات النيابية في موعدها وقبل صيف 2017 أو القبول بتأجيلها ستة أشهر أو أكثر، ولا مبرر لهذا التأجيل أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، إلا اذا كان قانون الانتخاب قد أقر والتأجيل المطلوب سوى تأجيل تقني للتدرب على تطبيقه؟ وهل ستتغير العلاقات الاميركية - الروسية بعد تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة، ما يساعد على ايجاد حلول شاملة للحروب الدائرة في المنطقة؟ فإذا لم يكن في استطاعة لبنان الانتظار لاجراء الانتخابات الرئاسية، فهل يكون في استطاعته ذلك ومن ثم اجراء انتخابات نيابية تعكس نتائجها صورة لبنان الجديد، ام أن في الداخل الاميركي ما يعرقل التقارب الاميركي - الروسي، فلا يصير اتفاق على أي اسس يبنى الشرق الأوسط الجديد، ولا على تقاسم مناطق النفوذ، فيكون المجهول المخيف.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم