الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عون والعودة الى العرب

علي حماده
A+ A-

أهمّ ما في زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون للسعودية وقطر هو الصورة! فالحدث هو ان تطأ قدما ميشال عون ارض المملكة العربية السعودية بعد مسار طويل من العلاقات المتوترة منذ مرحلة اتفاق الطائف في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وصولا الى مرحلة ما بعد عودة عون الى لبنان، في سياق "ثورة الارز" التي اخرجت الاحتلال السوري، ثم قيام تحالف وثيق بين عون و"حزب الله" مطلع ٢٠٠٦، وانتهاء بتصاعد التوتر بعد اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى مطلع ٢٠١١.


وإذا كان الحدث هو صورة الرئيس ميشال عون في الرياض، فإن زيارة الرئيس اللبناني الآتي الى قصر بعبدا نتيجة لتسوية واسعة النطاق لم يغب عنها طرف ثالث أساسي هو "حزب الله"، من شأنها ان تضع حدا للتوتر السعودي تجاه لبنان بشكل عام، بسبب حجم كبير من التراكمات بلغت الذروة مع المواقف التي اطلقها وزير الخارجية في الحكومتين السابقة والحالية جبران باسيل من قضايا خطيرة بنظر الرياض. والتوتر الذي تصاعد مع مرور الوقت وصل الى حد شبه قطيعة مع لبنان على مختلف المستويات، وكانت قضية الهبة السعودية للجيش إحدى ترجماتها الرئيسية، استطاعت زيارة عون أن تضع حدا لها، وخصوصا ان الرئيس اللبناني مارس دورا وسطيا يناسب النظام العربي الرسمي الذي لا يطلب من لبنان أكثر من ذلك، بل انه يتفهم ظروفه "الخاصة". لكنه في المقابل لا يقبل ان يتحول لبنان الى منطلق لاعمال معادية، ومهددة لامن ذلك النظام واستقراره، وواجهته الاساسية دول منظومة مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية.
صحيح أن الهبة السعودية للجيش والتي سبق أن جمدت، وربما ألغيت، لم تطرح بالتفصيل. لكن الصحيح أيضا ان طرحها بندا أول ليس مهما في هذه المرحلة، لان رحلة استعادة الثقة، واعادة الدفء الى العلاقات مع الرياض والدوحة، هي الاهم، والبقية تأتي في ما بعد. وأساسا، لا نعتقد أن الرئيس ميشال عون كان يأمل في تطور "سحري" على هذا المستوى، فالعلاقات بين لبنان والسعودية، وخصوصا في عهد ميشال عون أهم بأشواط، وكانت تحتاج الى هذه الزيارة وهذا الاسلوب الايجابي في التعامل. والمأمول هو استمرار عون في منهج الاعتدال الاقليمي، ولا سيما أنه قد يزور قريبا الجمهورية الإسلامية في ايران، حيث لا ينتظر منه العرب سوى موقف الاعتدال والوسطية، في ظل استمرار المواجهة الكبيرة مع طهران وسياساتها في المنطقة.
هل يمكن القول إن زيارة عون للسعودية وقطر نجحت؟ نعم، لأنها زيارة "استعادة الثقة" التي كان يحتاج اليها لبنان، ولا سيما بعد وصول ميشال عون الى موقع الرئاسة. والمهم الآن أن يستمر عون في سياسته المعتدلة داخليا واقليميا، لأن الاعتدال والوسطية وحدهما يُنجحان عهده في زمن الحولات الكبرى في المنطقة. فكما سبق أن قلنا، إن التسوية تضع الجميع في لبنان أمام سلسلة اختبارات متعددة الوجه، أولها سياسات رئيس الجمهورية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم