الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحرب الناعمة " الأبدية " !

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
الحرب الناعمة " الأبدية " !
الحرب الناعمة " الأبدية " !
A+ A-

ليس مأثورا في الثقافة السياسية السائدة عندنا ان القوانين الانتخابية تخضع لمفاهيم ثابتة تتصل بالمعايير نفسها التي يفترض ان تلازم وضع الدساتير . مسخ مفهوم القانون الانتخابي منذ القدم ، حتى منذ عهود الجمهورية الاستقلالية الاولى السابقة للطائف ، مع تحويلها اداة ظرفية تحت سطوة الطبقات السياسية المتعاقبة فباتت القوانين الأكثر عرضة لإشاعة ثقافة إخضاع التشريع للمصالح الطائفية والفئوية والجهوية . من الناحية النظرية لا تتبدل القوانين بسرعة الا في ما يختص قانون الموازنة السنوي . وهذا ايضا مسخ مفهومه منذ جمد وضع الموازنات قبل اكثر من عقد بفعل انقسام سياسي لا يزال موروثا حتى الساعة . استعصى قانون الانتخاب إذن على اختراق حرب ناعمة ابدية تبدو كأنها صنو هيمنة مفاهيم سياسية محروسة بطبقة سياسية اثبتت انها قادرة في لحظة خاطفة غير محسوبة على التكيف والانخراط في تسويات مستحيلة الا في الملف الانتخابي . لم تكن التسوية الرئاسية الحكومية الأخيرة التي وضعت حدا للفراغ الرئاسي سوى عينة ناطقة على هذا السلوك الذي ينبئ بمفارقة بدأت تتصاعد معالمها تباعا مع انضواء معظم القوى السياسية في الحكم والسلطة فيما تتهيأ البلاد لواقعة جديدة في حرب قانون الانتخاب على وقع تسارع مهل قانون الدوحة او قانون الستين النافذ. لا يمكن الزعم سلفا بما يمكن ان تفاجئنا به الطبقة السياسية في الآتي من الاسابيع والأشهر الفاصلة عن موعد الانتخابات، ولكن معالم التعجيز والعجز عن إجتراح الصيغة السحرية لا تحتاج الى اثبات بما يقيم الدليل القاطع على ان كل الغنائيات والرومانسيات اللطيفة والناعمة التي تصدح في آذاننا وامام اعيننا منذ تسوية انتخاب الرئيس الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة آيلة الى تهاو مع هذا المستحيل المسمى قانون الانتخاب العصري والمتطور والمحدث. بالستين أو بسواه ، عبثا نراهن على تشريع ثابت لدولة تتجاوز حسابات القوى القابعة على تقاسم الأنصبة والمصائر بدليل ان مجلس النواب الممدد لنفسه يمتلك مخزونا هائلا بل ترسانة من 17 اقتراحا وصيغة لقوانين انتخابية واستحال معها التشريع واستنباط صيغة تنزع عن التشريع الانتخابي آفة التقاسم التسووي بين القابضين على الواقع التمثيلي للبنانيين. انها إذن الدائرة المقفلة بل الدائرة العبثية إياها التي تعيد انتاج طبقة سياسية لا قبل لأي "تدخل" من فئات لبنانية أخرى، في مجتمع "مدني" مستقل أو متفلت على مفاهيم حديدية تمسك بها القوى العملاقة ، ان يخترقها مهما حصل . لا نزعم التكهن الاستباقي بما سيكون في قابل الاسابيع والأشهر لأن نادي القوى العملاقة مقفل الا على الأعضاء في تسوياتهم كما في صراعاتهم. ولكنها قطعا معركة جديدة في حرب لن تنتهي ومواعيدها ثابتة كل اربع سنوات. دورات بؤس وطني وديموقراطي وجاهلية حداثية لا أكثر ولا أقل، هي استحقاقات وضع القوانين الانتخابية عندنا .


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم