الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

حاجة لبنان إلى إنجاز يبعث على الأمل

مروان اسكندر
مروان اسكندر
حاجة لبنان إلى إنجاز يبعث على الأمل
حاجة لبنان إلى إنجاز يبعث على الأمل
A+ A-

أعلنت الحكومة القبرصية في 21/12/2016 انها منحت شركة "اكسون موبيل" مع شركة قطر للبترول امتيازاً لاستكشاف النفط والغاز في المنطقة رقم 10 من ثلاث مناطق طرحت للمناقصة وحازت شركة النفط الفرنسية منطقة ثانية من المناطق الثلاث وشركة "ايني" الايطالية منطقة، وستبدأ عمليات البحث والتنقيب في المستقبل القريب.
عام 2011 اكتشفت شركة "نوبل" الاسرائيلية - الاميركية حقل افروديت في المياه الاقليمية القبرصية، وظهر ان احتياطات هذا الحقل من الغاز تبلغ 128 مليار متر مكعب، وهذه كمية كافية لتغطية حاجات قبرص من الغاز لانتاج الكهرباء وتحلية المياه لعقود مقبلة. لكن اعمال التطوير تعثرت بسبب حاجة شركة "نوبل" الى تأمين تمويل سواء من مشاركين جدد أو من المصارف. وكانت الشركة بسبب اكتشافها حقل ليفياتان (أي العملاق) في المياه الاسرائيلية، اضطرت الى تأخير أعمال التطوير لان مراقب الدولة طلب ايقاف هذه الأعمال ما لم تفسح الشركة في مجال الاشتراك للمساهمين إذ ان تطويرها هذا الحقل العملاق كان يوفر لها فرصة الهيمنة على سوق الغاز وانتاج الكهرباء في اسرائيل. وهذا المنع استمر حتى صيف 2016 عندما فرض رئيس الوزراء على مراقب الدولة ان يفسح في المجال لشركة "نوبل" لتطوير الحقل. ومن المفيد الاشارة الى ان مصالح شركة "نوبل" في الولايات المتحدة يمثلها الرئيس الأميركي سابقاً بيل كلينتون.
العقود القبرصية مع الشركات الأربع "اكسون موبيل" ومعها شركة قطر للبترول، وشركة النفط الفرنسية، وشركة النفط الايطالية تدفعنا الى مساءلة أنفسنا لماذا نحن متقاعسون في استقطاب الشركات الاختصاصية وانجاز الاتفاقات معها، علماً أن الحديث عن صعوبة صياغة الاتفاقات لا معنى له حقيقة لان الاتفاقات مع قبرص، ومع مصر، والتي أدت الى اكتشاف شركة "ايني" حقلاً ضخماً في المياه المصرية عام 2015، توفر للبنان جميع الشروط المطلوب صياغتها.
اننا نرى ان تأخير بت التعاقد مع شركات مختصة للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية وفي منطقتين على الاقل من العشر المحددة حدودها ومساحتها أمر يدعو الى التعجب. وقياساً بتردي الاوضاع الاقتصادية والفاتورة الباهظة لاستيراد المازوت لتوليد الكهرباء في المعامل التابعة لمصلحة كهرباء لبنان، وللمولدات الخاصة التي أصبحت طاقتها تفوق امكانات المعامل القائمة، وهذه المولدات الخاصة تحتاج لكميات من المازوت تفوق ما تستهلكه معامل مصلحة الكهرباء، لان طاقة المولدات الخاصة باتت تفوق الـ1600 ميغاوات، أي ما يزيد بنسبة 20 في المئة على طاقة المعامل. والمولدات الخاصة الصغيرة يفوق استهلاكها لتوليد الطاقة ما تحتاج اليه المعامل أو المولدات الخاصة ذات الطاقة الملحوظة.
لبنان يعاني عجزاً في الموازنة ولا تزال فاتورة دعم الكهرباء من طريق استيراد المازوت تستوجب توفير 1.2 مليار دولار للمعامل، عدا حاجات الترميم المستمرة لان المعامل تقادم عهدها، والناس اعتادوا دفع فواتير باهظة للمولدات الخاصة، لكن الحاجة تفرض عليهم ان يدفعوا هذه الفاتورة، وهي فاتورة مرتفعة الكلفة للعائلات، والمصانع، والمدارس، والمستشفيات، ودوائر الدولة الخ.
اذا اكتشفنا كميات من الغاز والنفط، - ويمكن التوصل الى نتيجة كهذه خلال 18 شهرًا بعد توقيع الاتفاقات - يمكن ان نخطط لمستقبل الاستعمالات، وحتى يمكن الاتفاق مع الشركات المعنية بالانتاج، على تأمين مدفوعات على حساب هذا الانتاج مستقبلاً، فنخفض وقع الدعم على عجز الموازنة الذي اصبح يهدد مستقبل الاقتصاد والنمو في السنوات المقبلة.
ربما من المفيد النظر الى مشاركة شركة قطر للبترول مع شركة "اكسون موبيل"، كبرى شركات النفط والغاز في العالم، في التنقيب عن الغاز والنفط في المياه القبرصية المتاخمة الى حد بعيد للمياه الاقليمية اللبنانية. وللتذكير نشير الى ان صندوق الاستثمار القطري ساهم قبل أسبوعين مع شركة سويسرية يملك غالبية اسهمها، في تملك 19.5 في المئة من أسهم كبرى شركات النفط الروسية التي يديرها ويرأسها مقرب من الرئيس بوتين.
خيارات الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب لوزرائه، شملت رئيس شركة "اكسون موبيل" ركس تيرلسون، وهذا امر يستدعي التوقف عنده. فلهذه الشركة مصالح ضخمة مع السعودية، وهي الشركة التي تتولى ادارة نصف مصانع انتاج الغاز المسيل في قطر (وحتى تاريخه لا تزال قطر أكبر منتج ومصدر للغاز المسيل في العالم)، وحصة شركة "اكسون موبيل" في مشاريع قطر لتسييل الغاز لا تقل عن 30 في المئة في كل من المصانع المنتجة لنصف انتاج قطر، وشركة "اكسون موبيل" هي المدير الفعلي لهذه المصانع. ويجب ان نذكر ان وزير الخارجية الاميركي الجديد، هو صديق مقرب لبوتين، وقياساً بذلك وبدور "اكسون موبيل" في قطر، وفي العلاقات مع السعودية، يمكن القول إن اختيار رئيس هذه الشركة لمنصب وزير الخارجية أمر يتماشى مع ضرورات المحافظة على علاقات جيدة بين العالم العربي والولايات المتحدة امتدادًا الى روسيا.
عام 1995 عرض القطريون على لبنان انجاز محطة لاستقبال الغاز المسيل لاستخدامه في توليد الكهرباء. واضافة الى تمويل المحطة، عرض القطريون تزويد لبنان الغاز المسيل لمدة 25 سنة بسعر دولارين لكل 1000 قدم مكعب من الغاز، أي ما يساوي 12 دولارًا للبرميل. ولو قيض لهذا العرض ان يتحقق لكان لبنان تخلص من أي عجز على حساب الكهرباء، وحافظ على بيئة أنظف وفاعلية في الانتاج. على سبيل المثال، سعر برميل النفط اليوم يوازي 55 دولاراً أي 4.5 أضعاف السعر الذي كان متاحًا لنا منذ اتفاق عام 2005 الذي لو انجز لاستمر حتى 2030، وكانت توقعاتنا الاقتصادية لعقدين أفضل مما واجهناه ولا نزال نواجهه من تقلص في الانتاج وارتفاع في تكاليف الطاقة.
لكن الوزير القطري للنفط في حينه عبدالله العطية المعروف بأخلاقه الحميدة، تخلى عن المهمة بسبب كثرة الوسطاء وادعاءاتهم حول من يمثلون، فأغلق بابه في وجوه هؤلاء واصابنا في ذلك، كما في كل حين تغلب فيه مصلحة الوسطاء، ضرر كبير.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم