الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حرب أخرى تستعر على هدير الباصات الخضر... جميع مقاتلي حلب إرهابيون!

المصدر: " النهار"
حرب أخرى تستعر على هدير الباصات الخضر... جميع مقاتلي حلب إرهابيون!
حرب أخرى تستعر على هدير الباصات الخضر... جميع مقاتلي حلب إرهابيون!
A+ A-

اكاذيب ومعلومات ملفقة وبروباغندا. صور مركبة وفيديوات مضللة ترافق الجهد الحربي والديبلوماسي الذي يبذله النظام السوري وحليفاه الروسي والايراني في تنفيذ اتفاق حلب. حرب إعلامية شعواء تشنها دمشق وموسكو ضد المعارضة السورية وسكان حلب الشرقية، وكأن مشهد النساء والاطفال والشيوخ ينقلون بالباصات الخضر بعيداً من بيوتهم وأرضهم لا تكفي لإذلال شعب عانى الحصار والجوع وكل أنواع الترهيب والرعب.
منذ بداية الانتفاضة السورية كان صعباً الحصول على معلومات موثوقة من أي من جانبي النزاع. فالنظام السوري ليس معروفاً بالشفافية أصلاً، فيما عقّد تفكك المعارضة الحصول على معلومات دقيقة منها وعنها، وإن كانت دائماً الفريق الأضعف في مواجهة نظام يملك أعتى أدوات القمع على أنواعه.
وعلى مدى السنوات الخمس، لجأ كل فريق إلى الوسائل الدعائية التقليدية منها والمبتكرة، وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي لحشد الدعم لروايته للأحداث، ولم يقصر أي من الجانبين في الابتكار والتلفيق والتشويه. ولكن الحملة الممنهجة التي يشنها النظام ومعه الروس منذ أسبوع تقريباً تجاوزت كل ما سبقها، ولا شك في أنها تكتسب أبعاداً تتجاوز حلب الى المرحلة التالية من الحرب السورية.
على "يوتيوب" صار فيديو عنوانه" صحافية تفكك في دقيقتين خطاب وسائل الاعلام التقليدية عن سوريا"، ثاني أكثر فيديو مشاهدة ، منذ تحميله في 13 كانون الاول .
ففي دقيقتين توجز الصحافية إيفا بارليت التي تقدم نفسها بأنها "مستقلة"، وإن تكن تقاريرها تظهر على موقع "روسيا اليوم" منذ 2013، لصحافي نروجي الأسباب التي تدفعها الى اعتبار المعلومات التي تنقلها وسائل الاعلام الغربية عن سوريا ملفقة. وأمام خلفية لشعار الامم المتحدة تقول من دون أن يقاطعها أحد أن "لا منظمات دولية في سوياـ وأن مصادر الصحافيين الغربيين ( المرصد السوري لحقوق الانسان والقبعات الزرق) فاسدة، وأن وسائل العالم الغربية تنشط من أجل تغيير النظام في سوريا، وأن الجيش السوري لا يهاجم المدنيين".
شهادة الصحافية "المستقلة" ترجمت الى لغات عدة، بينها الألمانية والاسبانية ولغات أخرى ولفت الشبكة العنكبوتية لتكاد تصير حقيقة دامغة عما يحصل.
وشوهد الشريط مئات الاف المرات ، بعدما بثته "روسيا ليوم" التي يمولها الكرملين على جميع قنواتها، وبلغات عدة. وعلى الموقع الفرنكوفوني ل"روسيا اليوم"، شوهد 600 الف مرة يوم الجمعة، فيما شوهدت نسخة حملت على فايسبوك أكثر من 2,5 مليوني مرة.
واكتسب الفيديو شرعية لأنه بدا ه لمؤتمر نظمته الأمم المتحدة. ولكن الحقيقة هي أن المؤتمر عقد في قاعة داخل مقر المنظمة الدولية في نيويورك، الا أنه نظم من البعثة الدائمة لسوريا في المنظمة الدولية، علماً أنه يمكن السفير استخدام قاعات الصحافة للأمم المتحدة من دون أي رقابة من المنظمة.


أما الصحافي النروجي الذي حاور بارليت فقال إنه يشعر بأنه صار "حجراً صغيراً في لعبة بروباغندا كبيرة".
في الواقع، فات الصحافية أن وسائل اعلام ووكالات أنباء عدة أرسلت مراسلين لها الى حلب الشرقية أو اعتمدت مراسلين لها مقيمين هناك. وإذا كان هؤلاء يخضعون لتأثيرات الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة، فإن الفرق الاعلامية الغربية التي زارت مناطق النظام لم تكن حرة أيضاً وواكبها رجال المخابرات في جولاتها المنظمة.


بروباغندا لا أخبار
وفي أي حال، ليس هذا الفيديو الا حلقة من مسلسل طويل من البروباغندا الناشطة في الايام الاخيرة.
فالصحافي والكاتب البريطاني باتريك كوكبرن اعتبر في مقاله الصادر السبت في صحيفة "الانديبندنت" أن "ما يردنا من حلب هذا الاسبوع بروباغندا أكثر منه أخباراً ".
فعند كوكبرن أنه بين 2011 و2012 كان ثمة ناشطون معارضون مستقلون حقيقيون داخل سوريا، ولكن بعدما غزا الجهاديون البلاد، أرغم هؤلاء الابطال على الفرار أو الصمت أو قتلوا.
وعلى رأي الصحافية الكندية "المستقلة"، رأى كوكبرن أنه صار خطراً لمراسل أجنبي ارسال تقارير عن الحرب الاهلية في سوريا، لان الجهاديين الذين يسيطرون على الوضع في حلب الشرقية نجحوا في إبعاد الصحافيين الغربيين الذين كانوا سيخطفون أو يقتلون إذا ذهبوا الى هناك، وأبدلوهم ب"ناشطين محليين " موالين للجهاديين ولا يستطيعون الخروج عن طاعتهم.
وبتقديره أن وسائل الاعلام الغربية سمحت عن سذاجة أو من أجل مصالحها، للأشخاص الذين يستطيعون التحرك بإذن من جماعات على نسق "جبهة النصرة" أو "أحرار الشام" من السيطرة على وسائل الاعلام.


مسلحون منعوا مدنيين من الخروج
أما الصحافي المخضرم روبرت فيسك فحسم الامر، معتبراً أنه سيكون على السياسيين الغربيين و"الخبراء" والصحافيين إعادة تعديل رواياتهم في الايام القليلة المقبلة، بعدما استعاد الجيش السوري السيطرة على حلب الشرقية، معتبراً "أننا سنكتشف ما اذا كان المدنيون ال250 الفاً المحاصرين في المنطقة هم بهذا العدد...وسنسمع أكثر عن السبب الذي منعهم من الخروج عندما شن سلاحا الجو الروسي والسوري قصفه الوحشي على الشطر الشرقي من المدينة"، ملمحاً الى أن المسلحين في المنطقة منعوهم من الخروج.
وأضاف فيسك: "سنعرف أكثر بكثير عن الثوار الذين كنا، نحن في الغرب، الولايات المتحدة وبريطانيا وقاطعو الرؤوس في الخليج، ندعمهم".


إزاء هذه المقالات والتقارير التي تنخرط فيها أسماء كبيرة، وإن تكن معروفة الولاء والأفلام والتي تحاول اقحام الامم المتحدة من خلال التستر بشعارها، ذهبت وسائل اعلام الى التساؤل هل حقاً جميع المقاتلين في حلب إرهابيون؟ وهل كان المقاتلون يمنعون حقاً سكان المنطقة من الخروج ويستخدمونهم دروعاً بشرية؟ وهل وهل وهل....


صورة الجعفري
قبل استعادة تقارير ومعلومات موثقة تثبت زيف هذه الادعاءات، لا بد من الاشارة الى الصورة التي رفعها مندوب سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري لجندي قال إنه سوري يساعد نساء على نزول من حافة عالية، ليتبين لاحقاً أن الصورة من العراق، وأن الجندي ليس الا عنصراً من إحدى ميليشيات الحشد الشعبي يساعد امرأة عراقية.
ليست صورة الجعفري الا نموذجاً من التضليل الذي رافق هذه الحرب منذ بدايتها. ولقد لجأ طرفا النزاع الى هذا السلاح في حرب شهدت ولا تزال أبشى أدوات التشويه والقتل والتعذيب. الا أن استهداف حلب بالذات بهذا الكم من التحريف يهدف خصوصاً الى ضرب صميم تضحيات شعب انتفض سلمياً ضد القمع قبل أن تضيع تضحياته بين ولاءات متضاربة ومصالح متداخلة لقوى محلية وإقليمية.


جميع المقاتلين ارهابيون؟
لا أحد ينفي أن بين المقاتلين في حلب جهاديين، إلا أن هؤلاء وبشهادة الامم المتحدة ، أقلية من أصل خمسة الاف مقاتل. والجماعة المتطرفة الناشطة في حلب "جبهة فتح الشام" ، أي "جيهة النصرة سابقاً".
وكانت منظمات غير حكومية سورية أحصت عدد أفراد هذه الجماعات في حلب الشرقية في بداية الحصار بما بين 150 و250 مقاتلاً. ومن جهته، قال المبعوث الدولي الى سوريا ستافان دوميستورا إنهم 900.
وتنقل صحيفة "ليبراسيون" عن مدير منظمة غير حكومية تنسق عملياتها من غازي عنتاب في سوريا أن "جبهة فتح الشام تعطي الانطباع بأنها أكثر عديداً مما هي في الواقع... ما أن يصلوا الى مكان حتى يرفعوا الاعلام ويقيموا الحواجز...إنهم يعرضون نفسهم".
أما بقية المعارضة في حلب الشرقية فكانت بحسب تقارير متطابقة تعد مجموعات من "الجيش السوري الحر" الذي تشكل من منشقين من الجيش السوري وشباب سوريين، وهدفها لم يتغير منذ بداية الثورة ، الا وهو خلع الرئيس بشار الاسد، كما أنها تعادي "داعش". وتلقت هذه الفصائل دعماً من دول عدة، هي الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا. وبين هذه الفصائل "فاستقم" وفيلق الشام" و"الجبهة الشامية". وبين الاسلاميين أيضاً جماعة "نور الين الزنكي". وغالبية أعضاء هذه الفصائل هي من حلب. أما سلفيو "أحرار الشام" فلم يكن لهم وجود في الاحياء المحاصرة، وإن كانوا منتشرين حول حلب. وطرد "داعش" الذي دخل المدينة عام 2013 من المدينة مطلع 2014 .


ليست التقارير عن احتجاز مسلحي المعارضة مدنيين كاذبة بالمطلق. فقد أقرت الامم المتحدة بحصول ذلك. وفي التاسع من كانون الاول، صرح الناطق باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان روبرت كولفيل بأن "بعض المدنيين الذين حاولوا الفرار منعوا على ما يبدو من مجموعات مسلحة، وتحديداً جبهة فتح الشام". وأضاف أنه "خلال الاسبوعين الاخرين خطف مسلحو فتح الشام وأبو عمارة عدداً غير معروف من المدنيين وقتلوهم، بعدما طلبوا من الجماعات المسلحة اخلاء الاحياء المدنية لتجنيب المدنيين قصف مقاتلات النظام.
وثمة تقارير أخرى عن مقتل مدنيين حاولوا الانتقال الى حلب الغربية، وغيرها من الانتهاكات التي مارستها فصائل مقاتلة ضد المدنيين، الا أن شهادات أدلى بها مدنيون أجلوا أخيراً لم تتطابق دائماً مع تلك التقارير.
فقد أوردت صحيفة "إندبندنت" الاسبوع الماضي على موقعها على الانترنت شريطاً منقولاً عن التلفزيون السوري لامرأة سورية تحدثت عن مقتل ابنها بغارة للجيش السوري إذ كان نائماً في سريره. وسألتها المذيعة عما اذا كانت تعيش في منطقة فيها مسلحون أجابت لا، قبل أن يتدخل شاب كان بجانبها ويرد بدلا عنها على السؤال، قائلاً: "نعم كان ثمة مسلحون في الحي"!.
[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم