الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"من دون روسيا لما حصل شيء في حلب"... بوتين قلب الامور

المصدر: "أ ف ب"
"من دون روسيا لما حصل شيء في حلب"... بوتين قلب الامور
"من دون روسيا لما حصل شيء في حلب"... بوتين قلب الامور
A+ A-

حين أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حملة الضربات الجوية في سوريا العام الماضي دعما للرئيس بشار الاسد، كانت قوات النظام السوري تخسر مواقع على الارض. وقد انقلب الوضع تماما في شكل كبير بفضل هذا التدخل.


وتحتفل دمشق اليوم باكبر انتصار لها منذ اكثر من خمسة اعوام من الحرب، بعدما استعادت قوات النظام تقريبا كل الاحياء الشرقية في مدينة حلب التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية، مما وجه ضربة الى الاطراف التي كانت تطالب برحيل الاسد. كيف ساهمت الحملة الروسية في قلب مسار المعارك؟


لعبت الطائرات الحربية الروسية دورا اساسيا في خسارة فصائل المعارضة الاحياء الشرقية في حلب مع حملة ضربات مكثفة اعادت الى الاذهان ذكرى الغارات الروسية التي ادت الى تدمير غروزني، عاصمة الشيشان، خلال شتاء 1999-2000.


ورغم ان موسكو أعلنت وقف الضربات في تشرين الاول، الا ان قاذفاتها كانت ضربت فصائل المعارضة طوال اشهر، مما اتاح لقوات النظام السوري احكام الحصار على المدينة. ويقول المحلل في مركز "كارنيغي" للابحاث في موسكو ألكسي مالاشنكو: "من دون روسيا، لما حصل شيء في حلب. كل شيء كان مركزا على حلب".


وفي وقت تصر موسكو على ان قواتها لا تحارب على خطوط الحبهة، تقر بان مستشاريها العسكريين موجودون على الارض لمساعدة قوات الاسد. ويضيف مالاشنكو ان المستشارين الروس لعبوا دورا في مساعدة العمليات الميدانية، لافتا الى ان مقتل ضابط روسي في حلب مؤشر الى ان موسكو قد تكون استعانت بأكبر خبراتها للمساعدة.


واضافة الى مساهمتها في قلب مسار الامور عسكريا، فقد شكّل وجود روسيا رسالة واضحة بان أي تدخل للغرب لن يحصل في حلب، رغم التنديد الدولي بحمام الدم في المدينة. ومع تكثف الحملة، عززت موسكو استخدام اسلحتها الجوية الفائقة التطور، وارسلت مزيدا من السفن الحربية، بما يشمل حاملة طائراتها الوحيدة، لمراقبة السواحل قبالة سوريا.


بالنسبة الى الكرملين، يمكن ان يعتبر النصر في حلب انتصارا كبيرا يتوّج اول تدخل لموسكو خارج منطقة الاتحاد السوفياتي منذ الحملة الكارثية في افغانستان. وقد ساعدت روسيا في وضع الاسد في موقع قوة مع الحاق الهزيمة بمجموعات المعارضة السورية المدعومة من واشنطن وحلفائها. واصبح بوتين حاليا يمسك بخيوط اللعبة من دون منازع في سوريا، وبات طرفا اساسيا في منطقة الشرق الاوسط بكاملها، مستبعدا الولايات المتحدة واوروبا عن المشهد في حلب، عبر تفاوضه مباشرة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.


لكن حملة الضربات الكثيفة على حلب دفعت بالغرب الى توجيه اتهامات الى روسيا بارتكاب "جرائم حرب"، مما اثار حتما غضب الكرملين وتوترا اضافيا في علاقاته الهشة بالغرب. وشكل ذلك ضربة لما اعتبره كثيرون سابقا الهدف الرئيسي لتدخل بوتين في سوريا، وهو محاولة تخفيف عزلته بسبب الازمة الاوكرانية.


ويقول الخبير العسكري المستقل الكسندر غولتس: "الهدف الرئيسي للعملية كان دفع الغرب الى الحوار مع بوتين. لكن الوضع عاد الى سابق حاله، واصبحت روسيا الآن معزولة بسبب الانتصار في سوريا".
وبسبب الانتقادات الدولية الشديدة، اعلنت روسيا تعليق الضربات في حلب في تشرين الاول في خطوة وصفها الكرملين آنذاك بانها "بادرة حسن نية". لكن جاء ذلك متأخرا، وتبخرت كل فرص دفع الولايات المتحدة الى التنسيق في سوريا.


في الشق العسكري، لم يكن استعراض القوة في حلب على الدوام ناجحا. فقد تعرضت حاملة الطائرات الروسية القديمة "الاميرال كوزنيتسوف" لنكستين محرجتين، إذ تحطمت مقاتلتان انطلقتا منها خلال شهر، احداهما اثناء هبوطها.


وبينما تستعد روسيا لتهنئة القوات السورية بالنصر في مدينة حلب، جاءت الانباء غير السارة من مكان آخر. فخلال تركيز قوات الاسد هجومها على حلب، تمكن تنظيم "الدولة الاسلامية" من السيطرة مجددا على مدينة تدمر الاثرية وسط البلاد، بعد 8 اشهر من استعادتها.
وشكلت الخسارة ضربة قوية لبوتين الذي جعل من استعادة هذا الموقع المصنف على لائحة التراث العالمي محور عمليته الدعائية، وكذلك مصدر قلق من المرحلة المقبلة.


ويسلط تقدم تنظيم "الدولة الاسلامية" المفاجىء الضوء على الصعوبات التي ستواجهها قوات النظام السوري في احكام قبضتها على المناطق التي تسيطر عليها. كذلك يثبت ان نهاية الحرب السورية لا تزال بعيدة. ويقول مالاشينكو: "مع دخول الجهاديين تدمر للمرة الثانية، من الصعب تصور ان حلب ستتحول على الفور مدينة يعمها السلام". ويضيف: "هذه المدينة الكبرى يجب ان تبقى تحت المراقبة، ويجب نشر اعداد كبرى من عناصر الجيش السوري مع دعم سوري دائم" فيها.


لكن هزيمة مقاتلي المعارضة في حلب لم تترافق حتى الآن مع اي تقدم نحو حل متفاوض عليه للنزاع. وفي وقت اصبح الاسد في موقع قوة، سيكون من الصعب اكثر الآن على موسكو حمله على العودة الى طاولة المفاوضات. ويبقى ان الامر الاكثر اهمية بالنسبة الى الكرملين حاليا هو معرفة كيف سيتعامل الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مع الملف السوري حين يتولى مهماته رسميا في نهاية كانون الثاني.


بعدما اصبحت استعادة حلب بحكم الامر الواقع حاليا، يراهن بوتين والاسد على ان يبقى ترامب وفيا لخطاباته، وان يعطي الاولوية للتعاون في الحرب ضد تنظيم "الدولة الاسلامية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم