الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

حكومة " تجاهل العارف " !

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

لم تمض ساعات على صرخة المطران الياس عوده في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد جبران تويني حتى جاءتنا الاخبار " المرحة " عن الاختراق الحكومي. وأي مرح اكبر من خطاب سياسي نافر يردد مفردات تعكس حقيقة ما استهوله ميتروبوليت بيروت من "تسابق على قالب الحلوى" بل تناتش للحقائب - الاقطاعات. لسنا الآن في معرض مقاربة ظاهرة الجشع السلطوي الذي قد نجد مثيلا له حتى في اكبر الديموقراطيات الغربية، ولكن الامر الاشد فداحة والذي يتسلل متهاديا مع الفصول المتعاقبة لتأليف الحكومة يتمثل في ترسيخ قواعد وأعراف قسرية في تشكيل الحكومات خارجة تماما عن المفهوم الدستوري. ثمة من يسخر كثيراً بأي مقاربة للمعايير الدستورية في ظل واقع سياسي يملي قواعده وقوانينه ولا يبقي من الدستور سوى الشكليات والطقوس. والأسوأ ان الساخرين محقون ما دمنا لا نعرف في اي غرفة عمليات تولد الحكومة ، أهي في بعبدا أم في بيت الوسط أم في عين التينة أم في حارة حريك... واذا كانت مقار القيادات الحزبية والسياسية والطائفية ممرات إلزامية لتشكل السلطة التنفيذية في واقع تستأثر فيه القيادات بمعظم التمثيل السياسي والنيابي والطوائفي، فماذا عن البعد الدستوري الذي ينيط عملية تأليف الحكومة حصرا بالرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ؟ بدا الامر صادما مع اعلان زعيم المردة بمنتهى الصراحة ان رئيس مجلس النواب "أعطانا" حقيبة الأشغال، هكذا حرفيا. بل بدا اكثر نفورا باعلان رئيس المجلس نفسه ان عملية تشكيل الحكومة انجزت بنسبة 99 في المئة كأنه الشريك الثالث الواقعي وايضا الدستوري في تشكيل الحكومات. لا يمكن تجاوز هذا البعد الممعن في انتهاك المعايير أياً تكن مبرراته خصوصا على مشارف مطالع عهد جديد وعلى مشارف ولادة حكومة جديدة سيتحملان سواسية تبعة التسليم من أول الطريق بهذا النشاز. صار في لبنان منذ عام 2008 طبقات متراكمة متعاقبة من قواعد وقوانين وأعراف طمرت المعايير والأصول الدستورية تباعا الى حدود التطبيع الكامل مع ذاك الشيء الذي يناهز مؤتمرا تأسيسيا ولا حاجة اليه بعد الآن. نتساءل الآن تحديداً لماذا ثارت ثائرة الاطراف المناهضين للسلة التي طالب بها رئيس المجلس فيما يجري التسليم بما هو أسوأ من كل السلال؟ نتساءل ابعد من ذلك، كيف ستكون عملية تصحيح وتغيير ونفض للمورثات المنتهكة للدستور ما دام عهد جديد وحكومة جديدة يشقان البدايات بهذا النمط المتبع في تشكيل الحكومة وكأن شيئا نافراً لا يحصل؟ أتراه "تجاهل العارف" يقيم الأساس المتين لذاك الشيء الموعود في التغيير فيما تقبل البلاد على حكومة تتنازعها سلفا متاريس حفرتها قواعد مفروضة بأمر واقع لا يملك أحد ان يرده؟


كذّبونا، وعسانا نكون مخطئين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم