الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا بعد الطلاق؟

الاب باتريك كساب
ماذا بعد الطلاق؟
ماذا بعد الطلاق؟
A+ A-

لا يعرفُ فادي البالغ من العُمر تسع سنوات إذا كانت والدتُهُ فعلًا قد تخلّت عنهُ كما أخبرهُ والدُهُ، أم أنّ والدهُ قد انتزعُهُ منها بالقوّة كما أخبرتهُ هي. لطالما أحبّهُما كليهما، لكنّ مزاعمهما تؤكّدانِ لهُ أنّ أحدهُما شرّيرٌ وكاذب. في الواقع، كان اللقاءُ الأخيرُ بينهُما أمام القاضي الروحي، ومُذّاكَ تحدّثا بعض مرّاتٍ في الهاتف ليتبادلا السبابَ والشتيمة وليتنازعا على ثمرة "حبّهما". قصّةُ فادي ووالديه المطلّقَين، وإن كانت من نسج الخيال، تُحاكي آلاف القصص التي نشهدُها في مُجتمعنا الحالي.


لن نتكلّم في ما يلي عن رأي الكنيسة في الطلاق. بل ما يهمّنا هو علاقة الزوجَينِ بعدَهُ. فهو إذا صار واقعًا، غالبًا ما يتسبّبُ بالحُزنِ والجراح. أمّا الكنيسة فترى في كلّ إنسانٍ دعوةً إلى الفرح الكامل، وتدعو من تحطّمَ بسبب فشلِهِ في الحياة الزواجيّة، أن يقوم مجدّدًا، مختبرًا محبّةَ الله له، ويَمضي قُدُمًا في طريقهِ نحو تحقيق دعوته.


المسامحة طريقُ الفرح
من خاض معارك الطلاق وما يسبقُها من أزماتٍ ومشاكل هو بالطبع مجروح. ليس في الطلاق كما يعتقدُ البعض من يفوز على حساب الآخر. فالطلاق كما الحرب التي يخسرُ فيها الجيشان. وبعد المعارك الطويلة، يحتاجُ المطلّقَينِ إلى مسيرة شفاء. ومسيرةُ الشفاء هذه تبتدأ بالمسامحة.
قد يشعرُ أحدهُما أنّهُ غيرَ قادرٍ على المسامحةِ إذا كان قد خسرَ الكثير. لكنّه هو بدورهِ يحتاجُ للمسامحة أيضًا. ففي انهيار العلاقة تقعُ المسؤوليّة على طَرفَيها. وأن يهرُبَ أحدٌ من مسؤوليّتهِ دليلَ عدم نَضجٍ. قد يحتاجُ من أراد المسامحة إلى المرافقة الطويلة، فلا ضَيرَ من استشارة مُرشدٍ روحيِّ أكثر خبرة. كما يحتاجُ من أراد المسامحة أن يتلمّس من يسوع القدُرة على فعلِ ذلك.


الصلاة من أجل الفرح الكامل
مهما تأزّمت العلاقة، فلنُصلِّ إلى من تشاركنا معهُ السقف الواحد. عادةً، من تزوّجَ ممّن يحبّ، يُصلّي لهُ كلّ يومٍ. ومن تدهور زواجهُ حتّى الطلاق، لن يتوقّفَ عن الصلاة لأنّ الحبّ لا ينتهي. ما أجمل أن يحملَ المطلّقان بعضهما بالصلاة، واثقان أنّ ما يريدانه لبعضهما البعض هو الفرح الكامل! كما أنّ المُسامحة تَشترطُ بنيان الآخر. ولا بُنيان ونموّ لهُ أكثر من أن نصليَّ من أجلِهِ.


ثمرةُ الحبّ
لطالما خرج الأولادُ مُحطّمينَ من معركة طلاق والديهما. فلا بُدّ من تحييد الأولاد عن نزاعات الكبار التي لا علاقة لهم بها. هُم ليسوا سلاحَ حربٍ، وليسوا كالمُمتلكات المُتنازع عليها. وبعد الطلاق، فليعرف الأولاد أنّ لا علاقة لهم بما جرى. لا طالما ترافق الأولادُ مع شعورِ ذنبٍ يُصيبُهم خلال حياتهم لاحقًا.
ليعرِف الولد أنّ حبّ والديَه له لن ينقُصَ شيئًا، وأنّه لن يفقدَ لا أمّهُ ولا أباه. وليشرح لهُ والداه أنّ لا ذنبَ لهُ بما جرى بينهُما. كما أنّهُ يحُقُّ للولدِ أن يُحبَّ والديه كما يشاء، وليسَ لأحدٍ أن ينزَعَ حقَّهُ منهُ.


في الختام، لن نتنكّرَ لصعوبة العيش بعد الشقاق الزواجي. ولن نتنكّرَ أنّ أحد الطرفَين قد يكونُ قليلَ النَضجِ وقد يُعكِّرُ على الآخر صفوَ عَيشهِ ويمنعهُ من محولاته الكثيرة بإعادة التواصل. لكنّ طرفًا من الإثنينِ سيكونُ المُبادرَ.
ومتى شعرنا أنّنا بحاجةٍ إلى الكنيسة، فلنلجأ إلى الكنيسة، إلى مُرشِدٍ روحيٍّ، إلى من يُساعدُنا لإيجاد المخارج الأفضل. الكنيسة لا نأتيها حينَ نكون بألف خير. بل نأتيها مُحطّمين وأنا واثقٌ ممّا ستُجاهدُ من أجل مُساعدتنا. ونحنُ نحلُمُ أيضًا، أن تُخصّص الكنيسة في لُبنان، مركزًا مُتخصّصًا ذا منهجٍ واضحٍ، تصيرُ فيه مرافقة المطلّقَين بعد المحكمة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم