السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

وتبقى المشكلة...

علي حماده
A+ A-

لا يمكن وضع العثرات التي تواجه تأليف الحكومة في خانة "جهات منتفعة لن تسلم بالتغيير" على ما اوضح رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس، بل إن المسألة مختلفة، وتتجاوز هذا الاطار الضيق الذي يرسمه عون. فلا هو الرئيس الحاكم، ولا هو الممسك بمجمل المعادلة السياسية في البلاد لكي يضع نفسه في موقع حامل التغيير الجذري. طبعا، عون يمتلك حيثية شعبية مسيحية لا جدال حولها، ولا سيما في ظل تحالفه مع "القوات اللبنانية" التي بترشيحها له أمنت له تغطية مسيحية واسعة جدا، حتى صار في الامكان القول انه يمثل الضمير المسيحي بعدما تحالف الخصمان تاريخيا وأمّنا بتحالفهما مناخا مسيحيا ما عاد يتحدث بلغة اليأس والقنوط.


ولا يمكن وضع العراقيل التي تراكمت في وجه عملية تأليف الحكومة في خانة صراع الارادات بين قادة مسيحيين وحدهم. المسألة تتجاوز معنويات النائب سليمان فرنجية بعد انتخاب عون، ولا تتعلق فقط بالعلاقات السيئة بين الاخير ورئيس الجمهورية. كما انها لا تتعلق فقط بمعركة الحصص التقليدية التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري بشراسة كبيرة هذه المرة.
إن ما تواجهه عملية تأليف الحكومة، حتى لو أفرج عنها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله نهاية الاسبوع كما يأمل "طباخو الحكومة"، يتجاوز كل ذلك ليتصل بمعركة استباقية لما ستكون عليه صورة البلاد في المرحلة المقبلة، أكان في ولاية الرئيس الحالي ميشال عون، أو في ولاية من سيخلفه. والكلام الذي يتردد في أروقة القرار في البلاد عن أن معركة خلافة عون فتحت لحظة انتخابه ليس بعيدا عن الواقع، ولا سيما أن كثيرين في الوسط السياسي المؤثر اليوم لا يخفون الامر، ولا يجدون حراجة في تناول الامر من هذه الزاوية، وإن بشيء من قلة حياء في بعض الاحيان.
لكن أبعد من التحضير للعهد المقبل، يبقى واقع "حزب الله" غير السوي أساس الأزمة في لبنان. فانتظام عمل المؤسسات، واستعادة الدولة هيبتها دونهما استمرار "حزب الله" وسلاحه غير الشرعي أساس المعادلة القائمة على منطق الغلبة عبر قوة السلاح. فكما سبق ان قلنا قبل يومين، يبقى لبنان مترجّحا بين "الشريعة" و"الشرعية". شريعة القوة التي يمارسها الحزب المذكور، إن مباشرة او بشكل غير مباشر، وشرعية الدولة والمؤسسات الجاري تجويفها بشكل منهجي. فللبنان رئيس للجمهورية، وسلطتان تشريعية وتنفيذية، لكن من يمسك بالقرار؟ هذا هو السؤال. وبالطبع الجواب معروف!
انطلاقا مما تقدم، المطلوب من الرئيس ميشال عون اولا وقبل أي شيء آخر، ان يمعن النظر في أصل المشكلة في لبنان، وألاّ تغيب عن ناظريه الحقيقة الساطعة، ومفادها ان لا لبنان كما يحلم هو ما لم تتم "تسوية" ظاهرة "حزب الله" التي تبقى رغم كل الكلام المعسول هنا وهناك نقيض وجود لبنان الدولة.
لا يمكن رئيس الجمهورية ان يحارب - كما يصرح - الفساد من دون ان ينهي ظاهرة الخروج على الدولة وعلى القانون، وعلى المساواة في المواطنية وفي الحقوق والواجبات. لا يمكن أن يسري دستور ولا قانون بشكل طبيعي ما لم تتحقق المساواة امام القانون والدستور. والمدخل الطبيعي يعرفه القادم من المؤسسة العسكرية الجنرال ميشال عون!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم