الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

" من مبارح العصر" !

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
" من مبارح العصر" !
" من مبارح العصر" !
A+ A-

قد يكون الرئيس ميشال سليمان أحسن توقيت مؤتمر تحت عنوان تحصين وثيقة الطائف بعد شهر من انتخاب الرئيس العماد ميشال عون . لا يتعلق التوقيت الحسن بالخلاصات التي يمليها المخاض السياسي والدستوري الدائم وانما ايضا ببعض الجوانب الطارئة التي ما كاد دم التجديد الموعود مع العهد الجديد يبدأ بالسريان حتى راحت تتصاعد منذرة بشيء ما لا نفقه له منطقا ولا تبريرات . نعني بذلك هذا الغلو الذي يبرز على سطح تعقيدات تأليف الحكومة فيتخفى تارة وراء خلافات على محاصصة الحقائب وطورا وراء قانون الانتخاب ودوما وراء معركة تحديد خطوط الطول والعرض في خريطة التوازنات السياسية الجديدة . وأكثر ما يفاجئ في هذا المعترك ان نكتشف ان الشخصنة التي تطبع بعض جوانب معركة تشكيل الحكومة قد تؤدي الى ابتداع أعراف اضافية . والحال ان صراعات الزعامات في لبنان ليست أمرا غريبا عن طبيعته بما في ذلك صراعات الزعامات داخل طوائفها . ولكن ان تضحي حقيبة "الحليف القديم والخصم الحالي " سر الانسداد المبكر للعهد والحكومة الاولى فهو ما يوجب المكاشفة المبكرة ايضا التي تغيب عن معارف اللبنانيين . ثمة مواجهة مكابرة تدور بقوة بين الرئيس عون وحلفائه القدامى والجدد في شأن وضع منافسه السابق على الرئاسة زعيم " المردة " النائب سليمان فرنجية الذي يراد له ان يتربع على واقع استثنائي من بداية العهد بما يتجاوز مسألة حقيبة وزارية فقط . وهي غلواء يتحمل تبعتها العهد وفريقه الحزبي من جهة والثنائي الشيعي الذي يجعل مسألة حقيبة " المردة " بمثابة " الثلث المعطل " نفسه من جهة ثانية ، والنائب فرنجية الذي لا يبدي واقعية كافية ومتوقعة منه في تقبل المعطيات التي اوصلت الرئيس عون من جهة ثالثة . يغامر الثنائي العوني – القواتي المسيحي في استنفار الثنائي الشيعي كلما قدم له ذريعة تأخير تشكيل الحكومة . ويغامر الثنائي الشيعي اكثر كلما كبر حجر غريم العهد وجعله المعادلة القسرية التي تمر عبرها التسوية الحكومية وما بعدها . كما يغامر زعيم " المردة " في إظهار تصلب لم يكفه بيان الرئيس عون بمد اليد على قاعدة احتضانه للجميع . كل ذلك يؤدي الى اغرب غرائب هذا الاشتباك وهو اطلاق الإيحاءات الاكثر سخرية بعد شهر من انتخاب الرئيس والمتصلة بحسابات حفظ المواقع في معركة الخلافة الرئاسية وابعد من معركة سياسية تقليدية . ومع انه من غير المنطقي مقاربة الامر من زاوية حسابات رئاسية فيما العهد " في القصر من مبارح العصر" فان مجريات التعقيدات الاكثر حداثة في المأزق الحكومي تنطق بهذا البعد الغرائبي . فهل ترانا أمام مفاجأة لم يحسب لها احد من قبل ؟ أم تراها روح المغالاة وعدواها تتفشى بأسرع ما ظننا جميعا ؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم