الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الفساد في لبنان يحبط اللبنانيين: الانتماء السياسي أهم من المؤهلات والكفايات

الفساد في لبنان يحبط اللبنانيين: الانتماء السياسي أهم من المؤهلات والكفايات
الفساد في لبنان يحبط اللبنانيين: الانتماء السياسي أهم من المؤهلات والكفايات
A+ A-

سيطرة النخبة، فساد القضاء، الجهل العقلاني... جملةٌ من المفاهيم والأفكار ناقشها مؤتمرٌ حول الفساد نظمته "سكر الدكانة" بالتعاون مع السفارة الكندية في لبنان، في معهد #عصام_فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، بحضور عدد من الباحثين في هذا المجال، مثل جاد شعبان من الجامعة الأميركية، ووسام حركة من البنك الدولي، وربيع نصّار من جمعية "سكّر الدكانة".


استهل المؤتمر بكلمة ترحيب ألقاها الدكتور ناصر ياسين، باسم معهد عصام فارس، فشدد على أنَّ الفساد هو من المسائل الأكثر إلحاحًا في لبنان، تبعته السفيرة الكندية ميشيل كاميرون، التي أشارت إلى أنَّها ترعرعت في أسرة متواضعة غير ناشطةٍ سياسيا، ومع ذلك تمكّنت من بناء مسيرتها المهنية السياسية صعودًا إلى أن تبوأت منصبها كسفيرة.


وركَّزت في مداخلتها على أنَّ مكافحة الفساد تثمر فضائل مختلفة، منها توفير فرص النجاح المتساوية لجميع المواطنين، وكذلك فرص تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين الأداء الاقتصادي. كما ألقت السفيرة الضوء على حملة مكافحة الفساد التي تقودها كندا محليا وعالميا، ما يفسر دعم السفارة للأحداث والفعاليات ذات الصلة.


من جهته، تحدّث حركة عن "سيطرة النخبة وتفريغ الدولة"، فمن نتائج نظام الحكم الذي ترسَّخ بعد الحرب قطاعٌ عام يعيث ضعفا وفسادًا، وزعاماتٌ تتقدّم على المؤسّسات، وانهيارات متكررة تضرب العملية السياسية، وتكاليف باهظة تنزل بالاقتصاد الكلي. ووفقًا لأرقام ومؤشرات "الباروميتر العربي"، أضاف حركة، فإنَّ 75% من المستطلعين اللبنانيين يعتبرون أنَّ الانتماء السياسي أكثر أهميةً من المؤهلات والكفاءات في التوظيف الحكومي. يحتل لبنان المرتبة 101 في التصنيف المتعلق بتحويل الأموال العامة، والمرتبة 109 في تصنيف استقلال القضاء، والمرتبة 135 في الهدر في الإنفاق الحكومي. وكان لحركة توقفٌ عند التوازن غير المستقر في النظام الطائفي الذي وصل إلى حدّه في العام 2005، مترافقًا مع تعطيلٍ لعملية صنع السياسات وفراغاتٍ رئاسيةٍ متتالية في البلد، ما تسبَّب بتدهورٍ سريع في المؤسَّسات في مجموعةٍ واسعة من المؤشرات، بما في ذلك سيادة القانون وضبط الفساد. وانسحب ذلك بطبيعة الحال على تكاليف الاقتصاد الكلي التي بدأت بدورها أيضًا بالارتفاع مع تفاقم الدين العام الذي انتقل من 40 مليار دولار في 2006 إلى أكثر من 74 مليار في 2016.


وتحدث شعبان، بدوره عن المنفعة الشخصية التي تؤمّنها ممارسات الرعاية والمحاباة، وعن سرقة أصول الدولة وثرواتها وتحويل إيراداتها ومداخيلها. وعرض شعبان لمفهوم "الفساد القانوني" الذي يقوم على سياساتٍ وتشريعات تؤمِّن المكاسب للقطاع العام والمسؤولين الحكوميين على حساب المجتمع. وأظهر كيف أنَّ كلفة الفساد القانوني تفوق الـعشرة آلاف دولار لكل أسرة لبنانية بسبب المحسوبيات واستغلال السلطة: تكتلات احتكارية تؤدي إلى تكلفة إضافية بنسبة 20% على غذاء المستهلك، وفائض ريعي يصل حتى 30% بسبب المضاربات التي يحميها القانون، وارتفاع كلفة التعليم بسبب ممارسات الرعاية وتكاثر الجامعات التي يملكها السياسيون بشكلٍ أساسي، والفساد القانوني في توفير الكهرباء الذي يُضاعف كلفته، والفساد القانوني من خلال الاحتكار الثنائي لقطاع الاتصالات الخلوية الذي يرفع الفاتورة ثلاثة أضعاف.


وفي السياق عينه، تناول نصّار مسألة المسؤولية المشتركة في مكافحة الفساد، التي تقع على عاتق جميع الأطراف المعنيِّين: الدولة، القضاء، الإعلام، المجتمع المدني، المواطن. وقال إنَّ 9% من السكّان يعتقدون أنَّ الدولة تعمل على مكافحة الفساد. وتحدث أيضًا عن غياب مدوّنات قواعد السلوك، والتدريب على مكافحة الفساد، وآليات الرقابة في الإدارة العامة. وفي عرضه لواقع الفساد في لبنان، أشار نصّار إلى أنَّ نصف بلاغات الرشاوى التي قُدِّمت على منصة "سكّر الدكانة" والتي وصل عددها إلى 2438 بلاغًا؛ كان بحق وزارة المالية وشركة كهرباء لبنان والبلديات ووزارة الداخلية. أمَّا القضاء فلقد احتل المرتبة السادسة من حيث ترتيب المؤسسات الأكثر فسادًا في لبنان. وأضاف نصّار أنَّ وسائل الإعلام كانت ناشطة في تسليط الضوء على حالات الفساد وممارسة الضغط، على الرغم من أنَّ المؤسسات الإعلامية الأكثر استقلالية تواجه صعوبات مالية حادة. أخيرًا، وفي حين نجد أنَّ المجتمع المدني قد لعب دوره، فمع وجود 8000 منظمة غير حكومية في لبنان، يجد المواطن اللبناني نفسه عالقًا في حلقةٍ مفرغة من الجهل العقلاني: فهمٌ محدود للسياسات يجعل من الصعب إدراك أهمية مشاركة المواطنين، ما يؤدي إلى الانفصال واللامبالاة السياسية. مع بدء المواطن إذًا برؤية الفارق الذي يحدثه انخراطه، ومع ممارسة الضغط والتكتل، والحراك وبيروت مدينتي وغيرها من التجارب، سيبدأ الناس بالتحرّك، وستبدأ مؤسَّسات الدولية أيضًا بالإصلاح من الداخلي. ودعا نصار أيضا كل أعضاء الحكومة الجديدة والمسؤولين السياسيين للإفصاح عن ممتلكاتهم وممتلكات أفراد أسرهم بشفافية كاملة.


طرح الحضور أسئلة مختلفة ومتنوعة، تناولت استعداد الأسرة الدولية للضغط على مؤسسات الدولة، وإجراءات المصرف المركزي الأخيرة، وأهمية الإشهار والفضح، والتوقعات التشريعية المقبلة، إله. اختتم المؤتمر أعماله بنفحةٍ متفائلة وبعض لعناصر لخارطة طريقٍ لبلدٍ تتقلّب فيه الأمور بصورة دائمة، ويحتاج إلى الكثير من نشر الوعي، واقتراب التغيير من أبوابه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم