الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الإنجاز الحلم

راشد فايد
A+ A-

ما يُنقل من حوارات نيابية مع الرئيس المكلف ليس فيه كلام طموحين إلى خدمة الشعب. لا أحد منهم نطق بجملة تفيد بأن لديه مشروعاً لقطاع عام ما، لذا يريد هذه الوزارة، أو تلك، ولم يتردد أحد منهم في استخدام كلمة "حصتنا"، وكأن كلام الرئيس الراحل فؤاد شهاب على أكلة الجبنة، ما زال ينبض بالحقيقة.


كل المقاييس صالحة لتمييز مرشح لدخول الحكومة عن آخر، إلا مقياس الإنجاز، فمعظمهم عبر بهذه الحقيبة أو تلك، يوماً، ولم يسجل له أنه استبق مشكلة عامة، أياً يكن حجمها. لا تجد في سيرة أي منهم "انجازاً" خدم الوطن. وهم لا يعتزمون أن يتغيروا، فالولاء قبل الكفاءة، لا يكشف لديهم سوى الشره إلى مكاسب الذات والأزلام، باسم الطائفة. ليس من بد أمام العهد الجديد والرئيس المكلف من حكومة موسعة لاستيعاب نهم النهمين الى خدمة الوطن (!). وليطمئن اللبنانيون: لن تتأخر الولادة لسببين. أولهما أن تباري الجميع في ادعاء الفضل في ولادة العهد، يلزمهم تسهيل مهمة الرئيس المكلف. الثاني، أن إرث الحس الفينيقي التجاري لديهم، يجعلهم يبدأون النقاش من سقف عالٍ، كالعادة، ثم يتدرجون إلى التواضع. فـ "البركة" الإقليمية والدولية شملت الجميع، ولا أحد يقدر على عرقلة مسارها.
لكن ذلك لن يمنع تجديد الإنتماء إلى المنافع والمصالح، ما يجعل الحكومة ائتلافاً بين كتل نيابية لا تشغل أحزابها إلا المحاصصة، وإلا من يملك منها مشروعا سياسيا – إقتصاديا – إنمائيا يتخطى الطائفة والمنطقة، إلى كل الوطن؟ نموذج البيئة. هل امتدت الحماسة لتنظيف مجرى الليطاني، إلى غيره من الأنهر وكلها تمخر فيه نفايات القاطنين على ضفافه؟ وهل تأخير استخراج الثروة البحرية، من نفط وغاز، هو خدمة للوطن، أم انتظار لرسو المحاصصة؟ وهل الخلاف على تلزيم المعاينة الميكانية سببه الغيرة على المال العام، أم توسيع الملاك العام لمزيد من الأزلام والمنتفعين؟
ليس اللبنانيون في أسعد أيامهم، فالسوء في كل مكان، لذا حمل لهم خطاب القَسَم، وخطاب الأحد الشعبي في بعبدا أملاً، وإن ضئيلا، في يوم أفضل. فهم يسلمون بأن "بناء وطن قوي يحتاج إلى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون... وخطط تنموية" يحملها الرئيس ميشال عون، كما قال.
دستوريا، ليس للرئيس أن يحمل برنامج عمل لعهده، لكن اللبنانيين اشتاقوا، منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلى إنجاز ما، خصوصا أن مشاريع تنموية كثيرة أُجهضت، كانت أعدتها حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة.
وصول عون إلى الرئاسة، وبالظروف التي رافقت ذلك، وتعهداته الوطنية، وبوجود سعد الحريري رئيسا للحكومة، يجعل المؤشرات كثيرة إلى إمكان استعادة لبنان توازنه الوطني وإسقاط الثنائيات والأدوار، الطائفية والإقليمية، التي تناقض السيادة والدولة والإستقلال... والدستور. ذلك هو الإنجاز الحلم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم