الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مصر والسعودية: حقيقة العلاقة

عبد الكريم أبو النصر
مصر والسعودية: حقيقة العلاقة
مصر والسعودية: حقيقة العلاقة
A+ A-

"العلاقة بين مصر والسعودية في مرحلة تأزّم وتوتّر وعلى حافة القطيعة استناداً الى تحليلات بعض وسائل الاعلام المصرية والعربية، لكنها متينة وقوية واستراتيجية وتاريخية استناداً الى ما قاله أخيراً الرئيس عبد الفتاح السيسي والمسؤولون السعوديون. الواقع أن ثمة تحالفاً بين البلدين يتميز بالمرونة والواقعية ويرتكز على تفهم واحترام المصالح الذاتية لكل من الدولتين والظروف الاقليمية والدولية المتغيّرة والبالغة الدقة والخطورة، الأمر الذي يسمح بوجود اختلافات وتباينات ونوع من الاستقلالية في مواقف كل منهما حيال بعض القضايا من غير أن يؤدي ذلك الى قطيعة والى انهاء تحالفهما أو تهديد أمن أي من البلدين أو مصالحه الحيوية". هذا ما أدلى به مسؤول عربي بارز وثيق الاطلاع على طبيعة العلاقة بين مصر والسعودية. وقال: "إن الحقائق الأساسية الآتية هي التي تتحكّم بهذه العلاقة وتجعلها في جوهرها صلبة واستراتيجية:


أولاً، القضية المصيرية الأساسية التي تواجه مصر هي المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية البالغة الصعوبة والتي تعطي القيادة المصرية الأولوية لمعالجتها. وقد اضطلعت السعودية مع دولتين خليجيتين بدور المنقذ لمصر إذ قدّمت إليها مليارات من الدولارات مساعدات وقروضاً وساندتها في أدق الظروف وساهمت في تمويل صفقات أسلحة مهمة عقدتها مع الغرب.
ثانياً، مصر تبقى في المعسكر العربي وترفض الانضمام الى المعسكر الايراني وترى أن أمن الخليج العربي جزء أساسي من الأمن المصري وهي عضو في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن وتشارك في حماية أمن باب المندب.
ثالثاً، مصر ترفض أن تكون جزءاً من المحور الروسي – الايراني بل تبقى أساساً دولة حليفة لأميركا، وهي منفتحة على التعاون مع روسيا لكنها ترفض منحها قاعدة عسكرية في أراضيها. وهذا عامل يساهم في تثبيت العلاقة المصرية – السعودية.
رابعاً، لمصر موقف خاص من الأزمة السورية ليس متطابقاً كلياً مع موقف السعودية والكثير من الدول، وفي المقابل تقيم السعودية علاقات تعاون وثيقة مع تركيا على رغم العداء بين القاهرة وأنقرة التي تدعم الأخوان المسلمين وتنتقد النظام السياسي.
وأوضح المسؤول العربي أن الموقف المصري من الصراع السوري يلتقي مع الموقف السعودي في جوانب أساسية عدة. فلم يصدر أي بيان أو تصريح مصري رسمي يتمسّك ببقاء الرئيس بشّار الأسد في السلطة من اجل حل الأزمة، ومصر ترفض مشاركة الأسد في حربه على شعبه المحتج كما يفعل الروس والايرانيون، وقد استضافت القاهرة في حزيران الماضي مؤتمراً للمعارضة السورية شاركت فيه تنظيمات وشخصيات معارضة عدة وصدر عنه بيان علني طالب بانهاء النظام السوري "بكل رموزه وشخصياته" من أجل ايجاد حل سياسي للأزمة. وتتمسك مصر علناً ورسمياً بحلّ الأزمة السورية سياسياً وليس عسكرياً وعلى أساس القرارات الدولية وبيان جنيف للعام 2012 الذي يطالب بنقل السلطة الى نظام جديد الأمر الذي يرفضه الأسد كلياً. وترى القيادة المصرية أن المصلحة تقضي بالاحتفاظ بعلاقات مع كل أطراف النزاع السوري من أجل تسهيل تطبيق الحل السياسي، لكن السعودية ودولاً أخرى عدة ترى أن هذا الموقف المصري ليس مجدياً ولن يساعد على تسوية النزاع لأن الأسد يرفض كلياً الحل السياسي المستند الى القرارات الدولية التي تطالب بنقل السلطة الى نظام جديد من أجل تسوية الأزمة وانهاء الحرب.
وخلص المسؤول العربي الى القول إن ثمة حنيناً دائماً الى الدور التي اضطلعت به مصر في عهد الرئس الراحل جمال عبد الناصر، وهذا الدور القيادي انتهى بعد هزيمة حرب 1967 لكن مصر ما زالت تحن اليه حتى اليوم وان كانت تفتقد القدرات والامكانات لممارسته كما ان الظروف الاقليمية والدولية تبدّلت جذرياً عمّا كانت في مرحلة عبد الناصر، وهذا الحنين يدفع المسؤولين المصريين الى التمسّك بنوع من الاستقلالية في تطبيق سياسات اقليمية تختلف أحياناً عن سياسات دول حليفة أو صديقة الأمر الذي يشكل تعويضاً لدور قيادي مفقود. ويجب النظر الى الاختلافات والتباينات بين مصر والسعودية ضمن هذا النطاق".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم