الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سنتان في ظل "نظام الموت"... "عدنا الى القرون الوسطى"

المصدر: "أ ف ب"
سنتان في ظل "نظام الموت"... "عدنا الى القرون الوسطى"
سنتان في ظل "نظام الموت"... "عدنا الى القرون الوسطى"
A+ A-

على مدى سنتين، اقتصرت حياة صدام دحام على الصلاة والمساومة مع الجهاديين على طول لحيته ودشداشته، قبل أن يتمكن من الهرب أخيرا مع زوجته وأولاده الثلاثة من بلدته طوبزاوه التي لا يزال يسيطر عليها تنظيم #الدولة_الاسلامية وتتقدم نحوها القوات العراقية.


في اواخر حزيران 2014، اعلن التنظيم اقامة "دولة خلافة" في #الموصل في شمال العراق. بعد شهر، في 7 آب، دخل مسلحوه الى قرية طوبزاوه المجاورة، وانقلبت مذاك حياة دحام وجيرانه بالكامل. على جانب الطريق، حيث كان ينتظر منذ ساعات اذنا للعبور الى مخيم الخازر للنازحين، روى دحام الكردي: "منعنا من التدخين واستخدام الهواتف ومشاهدة التلفزيون. اجبرنا على اطلاق اللحى وارتداء دشداشات قصيرة" مثلما يفعل الجهاديون.


في اليوم التالي، علت وجهه ابتسامه بعدما استقر وعائلته في احدى الخيم، ولم يتوقف عن لمس خديه بعد حلاقة ذقنه. وقال سائق الشحن البري السابق البالغ 36 عاما: "كنت اشعر بوجهي ثقيلا، شعرت بالانزعاج والحاجة الى الحك". وتابع الرجل الذي فقد عمله يوم قطع الجهاديون الطرقات الى كردستان: "لكنني وجدت في صندوق المساعدات الانسانية شفرة حلاقة".


مع تقدم القوات الكردية والعراقية في اتجاه الموصل، وصل اكثر من الف عراقي في يوم واحد الى كردستان بعدما هرّبهم العسكريون. ولم يكن ذلك الا بداية ازمة انسانية مطولة تدق الامم المتحدة والمنظمات بشأنها ناقوس الخطر منذ اشهر.


بعد الانتظار يوما، كان دحام وعائلته من اوائل الذين خصصت لهم احدى آلاف الخيم التي تنصب في مختلف ارجاء السهل. ولم يحمل افراد العائلة اي امتعة، لان العسكريين لم يفسحوا لهم الوقت. لكن رغم فراغ جيوبهم وايوائهم في خيمة، ناموا من دون ان يشعروا "بقلق دائم"، وبعيدا عن "شبح الموت" الذي كان يؤرقهم في كل مكان.


وقال الرجل: "كنا نعيش في ظل نظام الموت. لم نشعر بالطمأنينة في اي وقت"، بينما حمل ابنته منى البالغة 3 اعوام، وذات الشعر الاسود الحالك والملامح الجدية. واضاف: "حتى تحت الخيمة، حالنا افضل هنا مما كانت عليه في ديارنا. منذ اقامتنا في كردستان، لم نعد نعيش تحت القنابل".


اثناء سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" المطبقة على القرية، اغلقت جميع المدارس ابوابها، ولم يذهب شقيقا منى، زينة (7 اعوام) وعمر (6 اعوام) الى المدرسة منذ اكثر من عامين. كذلك، لا يتضمن المخيم الذي استقروا فيه مساحة مخصصة للاطفال، لكنهم "افضل حالا هنا"، وفقا لوالدهم. ففي طوبزاوه، "كانوا خائفين ويبكون باستمرار". حتى حياة البالغين "كانت فظيعة. كل شيء ممنوع، باستثناء الصلاة بلا انقطاع".


وقالت ام علي البالغة 35 عاما، والوافدة من قرية اخرى قرب الموصل: "كنا نعيش في ما يشبه القرون الوسطى. المدارس اغلقت، لانهم اخذوا كل ما وجدوا فيها من تجهيزات الى سوريا". واضافت شابة منقبة قربها: "لم تكن لدينا اي حرية".


بابتسامة شابتها المرارة، روى قريب دحام، رافضا الكشف عن اسمه خشية تعريض افراد عائلته الذين بقوا في مناطق سيطرة الجهاديين للخطر، كيف اجبر الجهاديون زوجته على ارتداء النقاب. وقال: "عندما نذهب الى السوق معا، كان يتعذر علي تمييزها عن سائر النساء. وفي مناطق التنظيم الجهادي من المستحيل مخاطبة امرأة او لمسها في مكان عام، فعقاب ذلك الموت. وبالتالي كنت اتعرف عليها من حقيبة يدها".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم