الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أنا موجود هنا

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
أنا موجود هنا
أنا موجود هنا
A+ A-

لا أعرف من سيتسلّم حقائب الداخلية، التربية، الشؤون والصحة في الحكومة المقبلة. لكن ما أتمناه هو أن يكون لذوي الحاجات الخاصة أولوية في البيان الوزاري القادم عموماً وفي أجندة عمل الوزارات السيادية وغير السيادية خصوصاً.


إن المطلوب أمر بسيط وحقوقي ويكمن في إصدار مراسيم تطبيقية لقانون المعوقين الصادر عام 2000 مع "مَوْنَة" منا عليكم أن يلتزم أصحاب الورش ومتعهدو بناء المرافق العامة على اختلافها معايير هندسية خاصة تمنح لذوي الحاجات الخاصة فرصة حضور النشاطات كلها.
إن اتحاد المقعدين اللبنانيين، الذي يطفىء شمعة جديدة من عمره الطويل في النضال، يذكر بمطالب محقة لهذه الفئة التي يتم التفكير فيها – وللأسف الشديد- في موسميّ الانتخابات البلدية والنيابية فقط. نسيت الطبقة السياسية في لبنان أنه يحق لهؤلاء أن يدخلوا قبة البرلمان، أو أن يتسلموا حقائب وزارية، أو حتى أن تكون أبنية الوزارات مؤهلة لتوظيفهم، أو لتعيين الكفايات فيهم في مناصب إدارية أساسية وعلى رأسها في الإدارة العامة. فقد يكون في ما بينهم – هذا أمر أكيد- طاقات واعدة تتمتع بكفايات دفينة تستحق فرصة العيش وسط بيئة دامجة للوصول إلى المدرسة، الجامعة أو حتى دور السينما والمسرح... وعالم الحياة كله.
لا أستثني أبداً الإعلام الذي تراجع كثيراً في إثارة قضايا حقوق الإنسان ومنها هذه الفئة التي هي جزء من الحلقات الأضعف في لبنان. نتعاطف دراماتيكياً مع الضحية ونواكب ألمها ونطوي الصحف على شاشات التلفزة أو في مقالاتنا. إن المشكلة تكمن في إدمان الصحافيين على السياسة ونسيان الآخر الشريك في الوطن. نحن نتحمل مسؤولية نسيان هؤلاء... وهذه خطيئتنا .
لكن عمل ذوي الحاجات الخاصة هو عمل فردي كما الحال في لبنان ولا يقارب في أي وقت عملًا جماعيًّا مدروسًا. كلنا نعي أن بعض الجمعيات لا تعرف مجدها في عهد وزير" فلان" لأن مستشاره لا يحب كثيراً رئيس جمعية "علتان". في ظل سياسة الشتاء والصيف تحت سقف واحد في وزارات عدة، ثمة حاجة ماسة لرصّ صفوف ذوي الحاجات الخاصة في عمل مشترك وأجندة مطلبية لا تناقض خطة عمل جمعية أخرى تعنى بقضية واحدة.
اليوم، يوم اتحاد المقعدين اللبنانيين، الذي وجه رسالة عتب ومحبة لمن يريد سماع أصواتهم. لكن الأكيد أن دفعهم إلى الصمت أو التراجع عن القضية أو التنحي عنها أمر غير وارد وغير قابل للمناقشة. وهنا نص الرسالة...
"لأنّنا غُيِّبنا عن مجمل المرافق العامة ولم يلحظ غيابنا أحد؛ لأن الآخرين لم يروا سوى العكاز والكرسي وغابت عنهم رؤية الإنسان فينا؛ لأننا قُيِّدنا بمفاهيم خاطئة ومسيئة لقيمتنا الإنسانية، وانتُزعت منا أسامينا ونُعتنا بالعاجزين؛ هي ثقافة موروثة، نمطية، تُرجمت بالعزل والتمييز بحقنا، فقط لأنّ لدينا حاجات إضافية تختلف عمَّا هو شائع ومألوف لدى أصحاب "الثقافة الخاطئة" أو لدى ذوي المفاهيم البالية؛ لهذه الأسباب وغيرها ولضمان العيش الكريم واللائق لكل الناس.
"انطلق "اتحاد المقعدين اللبنانيين" عام 1981، عبر حركة شكلت نموذجا لا ينفك يتجدد ويتمظهر بأحلى معاني الإنسانية والتفاني والنضال. كيف لا، واتحادنا كان ولا يزال في الصفوف الأمامية لكل نضال مدني، سلمي، ديمقراطي وطني. اتحادنا كرّس الحق في المساواة. اتحادنا وقف في وجه الظلم ودافع عن الإنسان.
"أجمل ما في اتحادنا هو ذاك التمسك العميق بدور المواطن المسؤول والدولة العادلة. وأكثر مكوناته روعة ناسه الطيّبون الذين حتى وإن ابتعد بعضهم أو عتب أو اعتكف، يبقى عينًا ساهرة وقلبًا ينبض بالعمل الحقوقي المطلبي الملتزم، العمل السامي الذي يتبع صوت الحق دائمًا. نعم تحدياتنا كبيرة والمخاطر أكبر، فنحن جزء من هذا الوطن ومن صنّاع السلام والسكينة. نعم التعب يأكلنا، والقهر يُمارس علينا، والتمييز يفعل فعله فينا، وتفكك المؤسسات الدولة سمح بانتشار الفساد الإداري العام، الذي بدوره قذف بنا إلى قعر الفقر والمعاناة... إلا أنَّنا، وكما كنّا دائمًا ننهض لنواجه ونكافح ونبني. فنحن جزء من هذا المجتمع وبالتالي مشاركتنا أساسية. نحن أنتم وأنتن. نحن كل الناس وكل الحالات. ولأن كل الأولاد وكل الشباب وكل النساء، وكل الكبار في السنّ، هم جميعًا يصنعون المجتمع انزعوا عنكم الأفكار الخاطئة والأحكام المسبقة، وتحرَّروا من كمِّ التمييز السلبيِّ، وانطلقوا لبناء مجتمع عادل ومحبٍّ ومزدهر وسعيد. هيَّا بنا نعيد ترتيب البيت والساحة ومؤسسات الوطن، لعلَّنا بذلك نكون وجدنا سكَّة الوطن النهائي الخالي من كل أشكال التمييز.
"استمعوا إلى كل واحد منّا يناديكم ويقول: عائلتي هنا، مدرستي هنا، شارعي هنا، جامعتي هنا، مسرحي، اغنيتي، احتفالاتي... هنا، هنا. حقي هنا، مجلسي هنا، بلديتي، حكومتي، عالمي، معكم وبينكم. وإيَّاكم تهميشي مهما اختلفت حاجاتي الإضافية ومهما تنوعت. فأنا موجود هنا. الزملاء والزميلات، الأصدقاء والصديقات، الشركاء، أهلنا الأحباء، الشكر والتقدير والحبّ لكم في هذا اليوم الجميل لذكرى تأسيس "اتحاد المقعدين اللبنانيين"، الذي بكم وبفضلكم ومعكم يجدِّد عهده والتزامه في متابعة النضال، ويدعو إلى مضاعفة الجهد من أجل تحقيق الأهداف السامية التي تضمن سلامة الدولة وحقوق الناس، كلّ الناس".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم