السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الأمور بخواتيمها

راشد فايد
A+ A-

صاحب الصحة السليمة ليس مضطراً الى إشهار سلامتها. فلماذا يضطر الأمين العام الى إبداء استعداد لتنازلات تصل الى إشهاد نواب "التيار الوطني الحر" على اقتراع نواب حزبه للعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في جلسة نهاية الشهر، لو لم تكن شكوك الجمهور العوني قد تعاظمت في جدية التزامهم انتخابه؟ ولماذا يضطر نائب الحزب، نواف الموسوي، الى استحضار مؤامرة اميركية صهيونية مزعومة لتأكيد متانة العلاقة بين الحزب وحركة "أمل"، لولا ان مياهاً كثيرة تجري تحت جسر الثنائية الشهيرة؟
الجواب السليم يستلزم العودة الى موقف الرئيس سعد الحريري بتبني ترشيح عون. فبرغم ملاحظات كثيرين، ومنهم الفقير اليه تعالى، على انقلابات المرشح على الدستور، وخفة مواقفه، فإن خطوة الحريري يجب ألا تقرأ بعين السياسي المياوم، بل بعين استراتيجية ترى الغد، في ما يؤرخه الصحافي اليوم. من هذه، إن تحالف 8 آذار تشتت عملياً وعلنيا، وفيما كان الرأس يحرك الأعضاء وينوب عنها، فقد اليوم سيطرته عليها، وباتت أوامره تمنيات. ومنها أيضاً، ان كل كلام، منذ "ورقة التفاهم" في 6 شباط 2006، على دعم كل جماعة "شكراً سوريا" للعماد عون مرشحاً، لم يكن سوى زعم كذّبه تنافرها اليوم. حتى الشلل الصغيرة فيها، كالبعث والقومي لم يعد الحزب يمون عليها. ومنها أيضا أن اتهام سعد الحريري، ومن وما يمثل، بأنه يعطل الدور المسيحي اللبناني، ليس صحيحا لا جملة ولا تفصيلا، بدليل 3 تجارب ترشيح ختمها بالرابعة الراهنة.
بعد سنتين ونصف سنة من نهاية عهد الرئيس السابق، لم تعد المفاضلة بين مرشح وآخر، بل بين استمرار الفراغ وصولا إلى الانهيار، وانتخاب رئيس والعمل لإعادة استنهاض الدولة ومؤسساتها. وليس صحيحا أن وصول عون إلى بعبدا يعزز هيمنة سلاح الحزب على الوضع العام، لأن الصحيح أيضا، أن الحزب رمى الرأي العام الوطني خلفه، أكثر من مرة، واستمرأ الإملاءات على اللبنانيين، مؤيدا بمال ايران وتسليحها، والخضوع لمشيئتها، عابرا الحدود القريبة والبعيدة.
ربما يمنح انتخاب عون فرصة ليترجم كلامه على إعلاء الشرعية، بصفته "الرئيس المسيحي القوي" التي يفاخر بها، وينقل عنوان دمج المقاومة بالشرعية، وفق استراتيجية وطنية، من حيز التكاذب، إلى واقع الوطنية المرتجاة، التي تعلي مقام الدولة وقرارها وسلطتها.
لم يرشّح سعد الحريري ميشال عون، فهو مرشح 8 آذار منذ نحو 3 سنوات، وحين تجاوب معها، وتقدم أكثر في تصديه للفراغ، بتأييد مرشحها، لم تجد ردا على امتحان جديتها سوى الانقسام، كأنها تؤكد رهانها على استمرار الفراغ.
قد يُرى في ما جرى تنكر لمواقف ماضية، لكن القيادة استباق وتبصر، وهو ما أقدم عليه الحريري، وآتي الأيام سيتكفل بتوضيح الصورة. وقديما قالت العرب: الأمور بخواتيمها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم