السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بالصور - مدرسة المعلم ايوب في الهواء الطلق!

المصدر: "أ ف ب"
بالصور - مدرسة المعلم ايوب في الهواء الطلق!
بالصور - مدرسة المعلم ايوب في الهواء الطلق!
A+ A-

خرجت مدرسة المعلم ايوب جيلا كاملا من التلاميذ، تعلموا فيها القراءة والكتابة، لكنها وبعد ثلاثين عاما على تأسيسها في اسلام آباد ما زالت من دون جدران ولا سقف.
بعد ظهر كل يوم، يتوافد الاطفال من احياء الصفيح الى باحة في حديقة عامة واقعة في احد الاحياء الراقية من العاصمة الباكستانية، ليتلقوا دروسهم لدى المعلم أيوب الذي يوافيهم راكبا على دراجته الهوائية.
وهذا الرجل ذو الشعر والشوارب الرمادية، والبالغ من العمر اليوم 58 عاما، متطوع في هذا العمل منذ ثلاثة عقود.
يعمل محمد ايوب في احد اجهزة الانقاذ الباكستانية، ويقضي عمله تحديدا بتعطيل الاجسام المتفجرة واطفاء الحرائق.
اضافة الى ذلك، يواظب على تدريس الاطفال من بعد الظهر وحتى غروب الشمس، في بلد يعاني نقصا كبيرا في مؤسسات التعليم، ويقبع 24 مليونا من اطفاله خارج صفوف الدراسة.
احد تلاميذ المعلم ايوب صار شابا في العشرين من العمر، وهو يدعى فرحات عباس، ويقول "لقد كنت في ظلمات الجهل وانقذني منها المعلم ايوب مذ كان عمري تسع سنوات وكنت اعمل حينها في جمع الحطب".
وفاء لهذه المدرسة التي تخلو من الجدران والمقاعد وأي شيء سوى همة المعلم ايوب، تطوع فرحات ليكون معلما ثانيا الى جانبه، فيما هو يتابع الآن دراسته الجامعية.
وعلى غرار فرحات، تردد على هذه المدرسة القائمة في الهواء الطلق الاف الاطفال، منهم من صاروا يعملون اليوم في الادارات الحكومية او في التجارة او غيرها من المهن التي ما كان لهم ان يدخلوها لولا المعلم ايوب.


بدأت المدرسة عملها في العام 1986، حين ترك مؤسسها بلدته الزراعية ماندي باهودين الى العاصمة التي كانت متقدمة اكثر من المناطق الريفية بأشواط.
ويروي ايوب "حين وصلت الى اسلام اباد، ذهلت برؤية الاطفال الصغار يعملون في الشوارع، يستجدون او يغسلون السيارات او يبيعون الورود، وتساءلت في نفسي كيف يمكن ان يؤول حالهم الى هذا الحال في مدينة غنية كهذه".
وفي احد الايام، توجه الى احد اطفال الشوارع بالسؤال "هل تحب ان تتعلم"، فأجابه على الفور "نعم".
ويضيف ايوب الذي انهى الدراسة الثانوية ولم يتابع التحصيل الجامعي كله "اعطيته دفترا وكتابا وقلما وممحاة، وبدات بتدريسه".
في اليوم التالي، اصطحب الفتى رفيقا له، وبعد اسبوع صار عدد الاطفال الراغبين بالتعلم عنده يناهز الخمسين.
لم يكن هذا العمل خاليا من المصاعب، فكثيرا ما انزعج سكان الاحياء من رؤية صف دراسي للاطفال في جوار منازلهم، وانتهى الامر بالمدرسة في حديقة عامة.
تأسست العاصمة الباكستانية في الستينات من القرن العشرين، واريد منها ان تكون مركزا للنخبة السياسية والادارية في البلد، لكنها الفقراء المقيمين فيها والعاملين في مهن متواضعة او في منازل الاثرياء، يفتقرون الى كل اشكال الخدمات.
مع الوقت، ظهرت على ضفاف المدينة مدن صفيح شكلت احزمة فقر يعجز الكثير من سكانها عن وضع ابنائهم في المدارس.
قبل عامين، وصلت هينا شهباز البالغة من العمر 17 عاما مع عائلتها الى اسلام اباد، لكنها لم تتمكن من دخول المدرسة لاسباب ادارية، فلجأت الى مدرسة المعلم أيوب الذي وظف بعد ذلك علاقاته مع المسؤولين المحليين لمساعدة الفتاة على دخول مدرسة حقيقية.
وهي اليوم تتابع دراستها في الرياضيات، وتخصص جزءا من وقتها لرد الجميل للمدرسة التي انقذت مستقبلها، فتتولى تدريس التلاميذ من الاعمار الصغيرة.


كانت السنوات الاولى للمعلم محمد ايوب في رسالته التعليمية شاقة، حتى انه وجد نفسه ذات يوم قيد التحقيق للاشتباه في انه مبشر مسيحي.
وبعدما زالت هذه الشبهات، بدأ يكتسب احتراما لدى السلطات المحلية ترجم بمنحه ميداليات من وزارة التعليم في العام 2012 ومن القصر الجمهوري العام الماضي.
لكنه يشدد على انه لا يفعل ذلك طلبا للتقدير من احد، بل ليساعد "هؤلاء الاطفال الذين ان لم يتلقوا تعليما سيقعون ضحية للاستغلال وقد يصبحون مجرمين او ارهابيين".
ويضيف "اريدهم ان يتعلموا ليصبحوا اطباء ومهندسين وعناصر في الشرطة والجيش".
ينظر المعلم ايوب بشيء من القلق الى مستقبل مدرسته من بعده، وهو اليوم يقارب الستين.
ويقول "لقد اشتريت ارضا ويجري الان بناء غرفتين فيها، اريد ان اترك من بعدي مؤسسة تواصل اضاءة طريق الاطفال بالعلم".












حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم