الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

واشنطن لا تتحمل وزر نسف تفاهمات لبنانية لكنها "تتوجس" من تبعات لوصول عون

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
واشنطن لا تتحمل وزر نسف تفاهمات لبنانية لكنها "تتوجس" من تبعات لوصول عون
واشنطن لا تتحمل وزر نسف تفاهمات لبنانية لكنها "تتوجس" من تبعات لوصول عون
A+ A-

اعاد الموقف الحذر الذي اطلقه وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح في شأن نتيجة دعم الرئيس سعد الحريري العماد ميشال عون للرئاسة الاولى تسليط الضوء على مواقف خارجية قد لا تنظر بارتياح كلي الى انتخاب الزعيم العوني. وليس خافيا انه منذ الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري للنائب سليمان فرنجية في بنشعي في 26 ايلول الماضي من اجل ابلاغه رغبته بالانفتاح على خيار انتخاب العماد عون انصب اهتمام كل القوى على معرفة صدى مثل هذه الخطوة وردود الفعل عليها من الخارج. فليس خافيا ان انتخاب العماد عون لم يحظ في العامين الاخيرين على الاقل بأي حماسة غربية، ولعل الامر لا يزال على حاله نتيجة حذر كبير لا يخفيه معظم رؤساء البعثات الديبلوماسية من الهامش الضيق او المحدود للزعيم العوني في ضوء تحالفه مع " حزب الله" من جهة في حين ان مآخذ اخرى تطاول مواقفه في السياسة الخارجية من جهة اخرى. لم يلمس المستطلعون لمواقف القوى الاقليمية او الغربية جديدا في موقفهم من العماد عون في ضوء استعداد الحريري لدعم انتخاب عون بل استمع هؤلاء الى المخاوف التي يبديها الافرقاء اللبنانيون من وصوله واخذوا ذلك في الاعتبار خصوصا ان المعارضة لوصول عون ليست قليلة والاعتبارات الموضوعية التي ابدتها غالبية الافرقاء لا تخفي واقع الامور خصوصا ان المخاوف من وصول عون قد تحمل بعدا شخصيا لكنها تحمل ايضا بعدا سياسيا هو الذي تراه الدول وتركز عليه.


يكشف مطلعون ان الموقف الاميركي الفعلي شأنه شأن دول مؤثرة اخرى هو "التوجس" من وصول العماد عون. وهو تعبير ديبلوماسي يصر من التقى ديبلوماسيين اميركيين على ايراده كما هو في حين انه يشي بعدم تحبيذ هذا الخيار وفق تفسيرات البعض. فالاميركيون يعلمون جيدا من هو الجنرال عون وليسوا في حاجة الى من يكشف لهم المخاوف الكبيرة من احتمال وصوله، وهم لهم ما لهم من التجارب معه لكن ما يخشونه شأن الكثير من البعثات الديبلوماسية المعتمدة هو ان يكون قرار الحريري قد تم تحت وطأة ظروف قسرية قاسية متعددة الجوانب وتاليا فان قراره قد لا يكون صحيحا او سليما كليا تحت وطأة هذه الظروف الضاغطة، الامر الذي يفقد السلطة في لبنان القدرة على موازنتها سياسيا فيما ثمة خشية متعاظمة من فرض توازن جديد اخر سيكون له تبعاته وتداعياته ليس على الصعيد الداخلي فحسب انما على مستوى السياسة الخارجية من جهة وعلى الجيش اللبناني من جهة اخرى. وثمة من يؤكد ان الرئيس الحريري تلقى ردود الفعل على موقفه بصراحة ومن دون مواربة في لقاءات ديبلوماسية حرص خلالها اصحابها على اطلاعه على مواقفهم في موازاة استطلاع رأيه وظروفه وهو تاليا يعرف مسبقا رد الفعل على خطوته. كلام الوزير كيري الذي يبقى كلاما لرئيس ديبلوماسية اكبر الدول المؤثرة على رغم ما بات مأثورا عن كيري من مواقف قد لا تحمل اي ابعاد فاعلة، عاد فصوبه الناطق باسم الخارجية الاميركية لئلا يفهم منه تشجيعا لمعارضة ما رافضة او نسفا لتفاهمات لبنانية ليس في وارد الولايات المتحدة تحمل أوزارها مع استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، او انخراطا قسريا اكبر لها في لبنان قد يحملها مسؤولية افشال تسوية محتملة في الوقت الذي لم تساعد في اي وقت من اجل منع انزلاق لبنان الى ما بات عليه في الواقع السياسي. ومعلوم ان واشنطن لا تستطيع التزام اي انخراط من اي نوع كان خصوصا بالنسبة الى ادارة تحزم حقائبها للرحيل، فيما هي اهملت لبنان كليا ولم توليه اي اهتمام خارج دعم الجيش بحيث يمكنها راهنا الاعتراض على انهاء الفراغ الرئاسي من ضمن توازن سياسي قد اختل كليا لمصلحة من لا تحبذه الولايات المتحدة اي التحالف الذي يدعمه " حزب الله". اما عن عدم انتقال او تحول التوجسات الغربية الى اكثر من التعبير غير العلني بل ضمن اللقاءات المغلقة، فانما يعود فعلا الى جملة امور من بينها اولا عدم وجود بدائل لدى اي من الدول التي تهتم بمآل الواقع السياسي في لبنان عما يذهب اليه خيار الحريري ولم تقدم اي من الدول المعنية اي بديل كما لم تنجح لا في اقناع العماد عون في الانسحاب من المعركة الرئاسية ولا في اقناع ايران في حض "حزب الله" على تغيير خياره الداعم لعون. ثم ان لهذه الدول اولويات لا تسمح بتركيز اهتمامها على لبنان ولا بدفع اي اثمان من اجله على اي صعيد خصوصا اذا اخذ في الاعتبار ان فرنسا وحدها اهتمت فعلا بالوضع اللبناني وهي لم تنجح في المقاربة التي اعتمدتها اكثر من مرة. حتى ان زيارة موفد الرئيس فرنسوا هولاند جيروم بونافون الاسبوع الماضي الى بيروت انما حصلت في الزمن غير المناسب ولم تتكشف منها اي مقاربة داعمة لخيار الحريري على رغم ان البعض يقول انها تمت بناء على تشجيع من زعيم المستقبل، او استيعابية بحيث لا تكون فرنسا بعيدة عن مآل الواقع اللبناني.
في اي حال فان كلام كيري الذي تم تنفيسه يبقى قائما بالمفاعيل التوجسية التحذيرية خصوصا ان الولايات المتحدة هي الداعم الاكبر والشريك للجيش اللبناني بحيث يتعين اخذ هواجسها في الاعتبارفي كل المراحل اللاحقة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم