السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

القصر

حياة أبو فاضل
حياة أبو فاضل
A+ A-

من زمان، يوم كان هناك شعب وحاكم هو في الغالب ملك، كان للملك قصر لا علاقة للشعب به، وان استقبل بعضاً منهم لمطلق سبب، جلس هو على عرشه بينما يقف الزائرون في حضرته، أو يجلسون في صف يوازي أسفل جدران الصالة التي ترحب بهم لوقت قصير لا يسمح لهم بالتصديق أن القصر قصرهم، فهو حتماً ليس بيتاً للشعب... حتى سندريلا لمّا أرادت المشاركة في حفل راقص دعا اليه أمير المدينة، شعرت بحزن كبير لأن ثوبها المتواضع ما كان يليق بعظمة القصر، فتدخّلت عرّابتها الساحرة وأهدت إليها ثوباً ملوكياً وحذاء رائعاً وعربة فاخرة، فدخلت القصر، ووقع الأمير في أعجوبة حب حوّلت سندريلا الى "سيدة القصر".


وعندنا أيضاً في لبنان القصر الجمهوري ليس للشعب، هو لجمهورية حقيقية، لا افتراضية، قائمة أساساتها على دولة حقيقية ضامنة كل حقوق الشعب في حياة متطورة باستمرار في كل متطلباتها المتغيرة بحسب مشيئة الأفراد داخل الجمهورية، وبحسب تطوّر نبض الحياة العالمي على كوكب بلغ إنسانه معرفة أسرار الكون العميقة، طامحاً الى الأبعد والأكثر... هذا عند غيرنا، أما نحن في لبنان فقد تحجّرنا داخل جمهورية فاشلة على مرّ تاريخها الحديث، الذي التصق بنظام طائفي، مذهبي لبناء مؤسساته، كل مؤسساته، فجاء الفشل مروّعاً اثر حرب مذهبية، أهلية فككته خلال ربع قرن مضى، وظلّ مفككاً حتى اليوم بعدما ضرب الشلل كل مؤسساته، وعمّ الفساد وانتشرت الفوضى. وجاء التكرار الممل المريض لأداء أهل الحكم الفاشلين يساهم في استمرار هجرة الشعب اللبناني الى خارج يؤمّن له كرامة الحياة، حيث لا حديث عن عيش مشترك، سخيف الأبعاد، متخلّف الأهداف، إن دلّ فعلى جهل راكد في ماض متحجّر.
ولن يفيد لا الانشاد ولا الترتيل الديني الاعلامي المشترك الذي بات تقليداً ساذجاً عند كل تجمّع شعبي، يحاول القائمون عليه تحرير رسالة أننا على وفاق مقدّس على رغم فروقاتنا المذهبية. فالخالق الذي نؤمن به أجمعين، نهابه، ونطلب عونه، ونحيل كل من يؤذينا على عدالته، هذا الخالق نثر علينا عقائد دينية مختلفة، الا أننا نقبل الاختلاف من أجله، فنتعايش مرغمين، وننسى في غمرة خداعنا أننا نعادي أقرب الناس الينا إن هم نافسونا على التهام الحياة.
هنا نقف معاً في لبنان الذابل اليوم، برئيس جمهورية أو بلا رئيس، فالكيان تضعضع، ولا من يكترث لأخلاق ذهبت تاركة وراءها سمفونية تكرار مواقف لا مسؤولة، خادعة... ولا أمل في عودة لبنان الى نبض سليم إلا بفصل الدولة عن الدين، بكل فصوله وصفحاته وبنود دستوره، علّ من يخدعنا منذ البدء مؤمناً، خاشعاً، يلتقي يوماً ضميره، فينكفئ ونستريح.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم