السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

التقشف إلزامي في السعودية... والمملكة تسعى الى جمع المليارات

المصدر: رويترز – ا ف ب
التقشف إلزامي في السعودية... والمملكة تسعى الى جمع المليارات
التقشف إلزامي في السعودية... والمملكة تسعى الى جمع المليارات
A+ A-

جذبت السعودية طلبات هائلة بقيمة تصل الى نحو 67 مليار دولار من خلال طرحها السندات الدولية بعدما بددت المخاوف من تأثير انخفاض أسعار النفط على ماليتها العامة. وافاد مصدر مطلع ان دفتر أوامر الشراء يقترب من الرقم القياسي البالغ 69 مليار دولار لإصدار سندات في الأسواق الناشئة والذي سجلته الأرجنتين في نيسان الفائت. واشار الى انه يتوقع أن تجمع السعودية نحو 17.5 مليار دولار عبر طرح السندات التي تتضمن شرائح لآجال 5 و10 و30 عاماً. وسجلت الأرجنتين الرقم القياسي الحالي لإصدار سندات في الأسواق الناشئة في نيسان الماضي عندما باعت سندات بقيمة 16.5 مليار دولار. ويرجع الحجم الهائل للطلب على السندات السعودية إلى انخفاض أسعار الفائدة عالمياً وإحباط صناديق الاستثمار الناجم عن نقص الأصول ذات العائد المرتفع في العالم. لكن بيع السندات يبرز نجاح المملكة في طمأنة المستثمرين إلى قدرتها على تحقيق استقرار في ماليتها العامة وخفض الاعتماد على النفط. وفي الأيام التي سبقت عملية البيع عقد مسؤولون سعوديون سلسلة اجتماعات مع كبار المستثمرين في لندن والولايات المتحدة. وواجهت الرياض عجزاً قياسياً في الموازنة بقيمة 98 مليار دولار في العام الماضي - تمثل 15 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي – وهي تكافح ل خفض العجز هذه السنة. وقد يمّمت المملكة وجهها شطر الأسواق العالمية لتمويل جزء من عجز الموازنة وتخفيف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي الذي كانت تقوم بالسحب منه لتسديد التزاماتها.
ومن المتوقع أن يضع إصدار السندات السعودي سعراً مرجعياً للمملكة ويمهد الطريق أمام المزيد من الإصدارات الدولية من الحكومة في السنوات المقبلة إلى جانب مبيعات السندات من شركات سعودية كبرى. وقال رئيس الاستثمار في أدوات الدخل الثابت في منطقة الشرق الأوسط لدى "فرانكلين تمبلتون انفستمنتس" لإدارة الأصول محيي الدين قرنفل، إن إصدار أدوات الدين ستنشّط السوق المالية السعودية.
وأضاف: "السندات لن تساعد فقط في تطوير أسواق الدين في المملكة من خلال تقديم نوعية أكثر تطوراً من المستثمرين، ولكن ثمة موجة من التأثيرات الإيجابية على أدوات الدخل الثابت في مجلس التعاون الخليجي مما يتيح الفرصة أمام مزيد من المستثمرين العالميين لإلقاء نظرة أقرب على المنطقة." وتوقع المصدر أن يتم تسعير شريحة السندات لأجل خمس سنوات عند 140 نقطة أساس فوق أدوات الخزانة الأميركية. ويقل هذا السعر عن التسعير الأول الذي بلغ 160 نقطة أساس.
وانخفض سعر السندات الصادرة لأجل 10 سنوات إلى 170 نقطة أساس زائدا أو ناقصا خمس نقاط أساس، مقارنة بتسعير أولي عند نطاق يفوق الـ 185 نقطة أساس. وحددت السعودية السعر الاسترشادي للشريحة الصادرة لأجل 30 عاماً عند نطاق يزيد عن 215 نقطة أساس زائداً أو ناقصاً خمس نقاط أساس. وبلغ التسعير الأوّلي لتلك الشريحة نحو 235 نقطة أساس.
وفي سياق آخر، قال مسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي إن الصندوق يرى أن وتيرة تنفيذ خطة التقشف في السعودية ملائمة بشكل عام وليس هناك مجال يذكر أمام الرياض لتخفيف حدّة خفض الإنفاق الذي تسبّب في تباطؤ حاد للنمو الاقتصادي.
ويضغط هبوط أسعار النفط على ميزانية المملكة، وهو ما دفع الحكومة الى خفض الإنفاق الرأسمالي هذه السنة وتأخير استحقاقات لبعض الشركات، علماً انها أعلنت الشهر الماضي عن خفض علاوات موظفي الحكومة. وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من السنة مسجلاً أدنى مستوياته فيما يزيد عن ثلاث سنوات. ونما القطاع غير النفطي - وهو جزء من الاقتصاد يؤثر مباشرة على مستويات معيشة غالبية المواطنين - بنسبة 0.4 في المئة فقط - بعدما انكمش 0.7 في المئة في الربع الأول. وقال مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد ان قيام الرياض بتخفيف سياساتها التقشفية بشكل كبير ربما يشكل مخاطر خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأضاف في مقابلة مع "رويترز": "لا أرى مجالاً لتأجيل الانضباط المالي. ان صندوق النقد الدولي يتوقع أن تسجل السعودية عجزاً مالياً مقداره 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة مقارنة بتقديرات عن عجز 15.9 في المئة العام الماضي. ويتوقع الصندوق أن يبلغ العجز 9.5 في المئة في السنة المقبلة. وقد تضرر قطاع الإنشاءات بشدة من جراء تأخر الحكومة لأشهر في دفع مستحقات شركات البناء وهو ما جعل بعض الشركات تواجه صعوبات مالية بالغة. وقال أحمد إن تأخير تسديد المستحقات "ليس وسيلة مفضّلة لتقليص عجز الميزانية لكن من الصعب فرض تقشف من دون ألم. ويتوقع الصندوق أن يصل نمو الاقتصاد السعودي إلى أقصى درجات الهبوط الى 1.2 في المئة ليتعافى إلى 2 في المئة في 2017". ويعتقد بعض المحلّلين في القطاع الخاص أن النمو ربما يقترب من الصفر هذه السنة. وفي تقرير يصدر مرتين في السنة عن الاقتصادات الإقليمية نشر هذا الشهر، أفاد صندوق النقد الدولي أنه من الصعب تقدير مدى تباطؤ النمو بفعل سياسات التقشف في الدول الخليجية المصدّرة للنفط وان أي توقعات ربما تتضمن هامشاً كبيراً من الخطأ.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم