الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لأول مرّة في تاريخه، لبنان في المراتب الـ15 الأولى لأهم جائزة عالمية... والمفاجأة المنتظرة السنة القادمة

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
لأول مرّة في تاريخه، لبنان في المراتب الـ15 الأولى لأهم جائزة عالمية... والمفاجأة المنتظرة السنة القادمة
لأول مرّة في تاريخه، لبنان في المراتب الـ15 الأولى لأهم جائزة عالمية... والمفاجأة المنتظرة السنة القادمة
A+ A-

قد لا تكون الغاية نيل الجائزة بقدر ما هي التعبير عن ثقل الحمل. ليست "نوبل" للسلام منحوتة، ولا لقباً، ولا أبّهة، ولا هبة. إنها نهجٌ يحاكي الأسس التي شكّلت للجائزة كياناً وتاريخاً وبصيص محبّة في عالمٍ قاتم. هذا العام، كان للمعان الجائزة بريقٌ وضّاح في عيون اللبنانيين. قيل أنه كان على مقربة من قطفها رغم مساحته الخجولة. لكنه تمرجل وكانت لمساحته خاصيّةٌ في المرجلة. بكثيرٍ من الثقة أثبت موقفاً بطولياً مجنوناً للعالم بأسره. لو أننا قاربنا أعداد النازحين السوريين والعراقيين والفلسطينيين في لبنان، المسجّلين في دفاتر الأمم المتحدة، بالنسبة الى مساحته الجغرافية وأعداد سكّانه، نجد أن الرقم يشابه في ضخامته لما تستقبله القارة الاوروبية بأكملها.


زفّت "مؤسسة عامل" اللبنانية خبراً ذو حدّين للبنانيين. لم نكن نعلم إن كان علينا ان نفرح، أو أن نخيب. لبنان لم يفز بجائزة نوبل للسلام لعام 2016، لكنّه وصل الى التصفيات الأخيرة المؤلّفة من 15 فكرة، فيما كان العدد النهائي للمرشحين للجائزة 376 شخصية وفئة. وكانت مؤسسة عامل قد حملت بشخص رئيسها الدكتور كامل مهنّا قضيّة لبنان الى الجهات الدولية وقدّمتها بفكرة نابعة من قيم التضامن الانساني، مفادها أن يتشارك لبنان وجزيرة ليبسوس اليونانية التي استقبلت 57 الف لاجئ سوري الجائزة، بما في ذلك تعزيز مفهوم التعاون والتكامل بين الشعوب ومنظمات المجتمع المدني.


وأضاءت المؤسسة على أكثر من ناحية انسانية تميّز بها لبنان خلال استقباله اللاجئين، أهمها عدم تسجيل أي حالات حقيقية من العدوانية الجسدية أو العدوانية المفتعلة ا تجاههم. وعلى العكس من ذلك، لم يعزلوا أو يهمشوا، بل احتضنوا من كافة الفئات والمحافظات ويقطنون في جميع المناطق اللبنانية وعلى امتداد مساحته الجغرافية، في حين أن جزءاً كبيراً منهم يعمل وينخرط في المجتمع كأنه جزء لا يتجزّأ منه. هذا ما أعطى صورة مميّزة عن الشعب اللبناني لدى الجهات الدولية رغم الأزمات التي تفتك بوطنه، مفادها أنه شعبٌ مسالم ومحتضن وغير عنصري. ولعلّه السبب الرئيسي الذي جعله يصل الى المرحلة الأخيرة من التصفيات ونيله الدعم الدولي. هذا ما تؤكّده المسؤولة الاعلامية في مؤسسة عامل ذكيّة قرنفل في حديثٍ لـ"النهار" مشيرةً الى أن " المؤسسة عملت مع جهات دولية فاعلة من حكومات ومنظمات وشخصيات عالمية مؤثرة بهدف حصول لبنان على "نوبل" للسلام، فضلاً عن عملها مع كافة وسائل الاعلام وكل الأفرقاء اللبنانيين والسياسيين بكامل كتلهم النيابية والوزارية الذين بدورهم بعثوا رسائل دعم الى لجنة التحكيم".


ومن أبرز الداعمين عالمياً لنيل لبنان جائزة نوبل للسلام تستذكر البرلمان البلجيكي، البرلمان الأوروبي، الكتلة الخارجية للعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، مجلس الشيوخ الفرنسي، الحزب الاشتراكي الفرنسي والحزب الاشتراكي الاوروبي، نوّاب من عدّة برلمانات اوروبية، رؤساء سابقين وحاليين لمنظمة الأمم وحاليين وعلى رأسهم أنطونيو غوتلت، سفراء العالم في لبنان كالسفيرة الكندية السابقة والسفراء الفرنسيين الذين تعاقبوا، وزارة الخارجية الألمانية، وزارة الخارجية الفرنسية، لجنة العلاقات الخارجية في الفاتيكان واللجنة العربية لحقوق الانسان فضلاً عن الرئيس الفنلندي السابق الذي كان قد حصل على الجائزة عينها. "برأيك لماذا أعطيت الجائزة لكولومبيا عوضاً من لبنان؟"، تجيب أن "للجائزة اعتبارات سياسية كبيرة وهي لا تعطى دائماً لمن يستحقّها، بصرف النظر عن فوز كولومبيا بها هذا العام رغم أنها لم توقّع فعلياً اتفاقية سلام. كنا نتمنى أن يتم على الأقل مشاركة الجائزة أو تقاسمها. كنّا نعوّل على مساعدة الدول الاوروبية لنا في نيل الجائزة، هي التي تعلم جيداً أن لبنان أزاح حملاً كبيراً عنها وعن بلدان العالم أجمع. وهي كانت خائفة من عدم قدرة لبنان على استيعاب النازحين وبالتالي لا بد لها من دعمنا كي نستمر".


لمضاعفة الجهود والمشاركة العام المقبل
أسبوعٌ واحد يفصلنا عن معرفة ما اذا كان لبنان سيشارك في المنافسة على نيل جائزة نوبل للسلام العام المقبل، خصوصاً أن أزمة النازحين مستمرّة بزخمها حتى أجلٍ غير معروف. "مؤسسة عامل" قائدة الحربة تعلّمت الكثير من تجربتها الأولى، وتضافر جهودها النابعة من اصرارٍ شعاره: "نريد تحقيق نوبل للسلام للبنان لأنه يستحق الجائزة ولا يزال يعاني من ظروفٍ قاسية". هذه المؤسسة التي عمرها أكثر 37 سنة، جوهرها الثقافة اللبنانية القائمة على التضامن بين الناس، قدّمت الكثير للبنانيين خلال الحرب الأهلية التي فتكت بهم، دون تفرقة أو تمييز في ما بينهم. وهي تتسلّح اليوم بايجابيتها بشكلٍ أساسيّ من منطلق علمها أن المجتمع الدولي ورغم استمراره باستخدام السياسة نفسها الا أن مصلحته الخاصة تقتضي أن يساعد لبنان ويدعمه للاستمرار في احتواء أزمة اللاجئين، لأنه يعلم جيّداً أن أي خطوة سلبية تحدث في هذا الوطن الصغير ستنعكس سلباً عليه.


في حين أن الداعم الرئيسي لخطواتها يتمثّل بالرأي العام اللبناني والوسائل الاعلامية التي يمكن لها أن تستمر في قيادة الحملة الهادفة الى فوز لبنان بالجائزة عبر منابرها. في هذا الإطار، تؤكّد قرنفل أن "الاعلام هو الداعم الاساسي بالنسبة الينا. ونحن نتشكّر وسائل الاعلام على جهودها الكبيرة التي بذلتها الى جانبنا سواء فزنا بالجائزة أو وصلنا الى مراتب متقدّمة. لم يتبقَ اي وسيلة اعلامية في لبنان لم تساعدنا وهو انجاز كبير وتكافل عظيم لم يكن أحد يتوقّعه". وتلفت الى أن الدور الأول للاعلام اللبناني يكمن في أن يظهر وجه لبنان الحقيقي، وهو قادر على لعب هذا الدور لا بل إنه توّاقٌ لعرض المواد الجميلة وتقديمها الى الرأي العام. من هنا ستركّز عامل في خطواتها القادمة على توثيق علاقتها مع الاعلام اللبناني واستخدامه منبراً محقاً للتخاطب مع الشارع حول عدّة قضايا جوهريّة لا بد من طرحها وتبادل الآراء حولها.


الرسالة وصلت. واذا كانت المبادرة الاولى التي قدّمتها مؤسسة عامل قد أوصلت لبنان الى المراتب الخمس عشرة الأولى، فإن مضاعفة الجهود وتوحيد الصوت سيقرّب المسافة أكثر. لكن الأمنية الحقيقية لا زالت بعيدة المنال. قد تكون أمنية اللبنانيين الأولى، هي انقاذ وطنهم من لهيب المنطقة. قد يكون رجاؤهم أن يخفّ نزف ملايين من جيرانهم السوريين فيخفّفوا من نزفهم وغياهم. قد يكون المبتغى، العودة الى المنزل وملاقاة الأرض والوطن. قد يكون الحلم في الحصول على السلام... لا على جائزة للسلام.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم