السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

شباب "حزب الله": ماذا بعد سوريا؟

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
شباب "حزب الله": ماذا بعد سوريا؟
شباب "حزب الله": ماذا بعد سوريا؟
A+ A-

ينفذ شباب حزب الله قرار قيادتهم بالتدخل والانخراط والتورط في الداخل السوري. نتحدث هنا عن مقاتلين مدرّبين، بينهم من فرق النخبة، وآخرين متطوعين تمرّسوا في القتال الى حد أنهم صاروا جزءاً من جيش يقاتل في مختلف مناطق سوريا ضد "داعش" و"النصرة" ومختلف تشكيلات المعارضة السورية المسلحة. وها هو "حزب الله" يبدّل مقاتليه بالألوف أحياناً، ما يعني أننا لا نتحدث عن بضع مئات من الشباب، إنما أحياناً عشرات الألوف، إذا أخذنا في الاعتبار عمليات التبديل المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، علماً أن الحزب لم ينفِ سقوط العدد الكبير من الشباب، حيث تتحدث الأرقام عن 1500 شاب سقطوا في سوريا منذ بدأ يرسل مقاتليه ويندفع أكثر الى الداخل السوري، وبينهم قيادات وكوادر عسكرية كانت لهم صولات وجولات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في التسعينات من القرن الماضي.


يستمر "حزب الله" في حشد مقاتليه ونخبة عناصره ودفعها على مختلف الجبهات المشتعلة في سوريا، ما يعني مزيداً من الغرق والاندفاع الى مناطق أبعد، وفي المقابل خسائر وانعكاسات سلبية على بُنْيته وجمهوره وعلى لبنان، إذا كنا نتحدث عن الكلفة الكبيرة للقتال، من دون أن يكون القرار بيده أو عائدًا إليه في قضايا سوريا والتسويات التي تطبخ وتنسج على المستوى الدولي. لكن تساؤلات بدأت تظهر، وإن كانت عبر اعتراضات غير معلنة، عن جدوى الاستمرار في هذا الانخراط الذي يكبّد الحزب خسائر كبيرة، وشبابًا يسقطون يومياً، وهي أسئلة تظهر الى العلن أيضاً في القرى وبين جمهوره القريب، إذ ما عادت الكلفة وفاتورتها المرتفعة مجرد كلام صامت من هنا وصوت خافت من هناك، خصوصاً السؤال عن مصير شباب "حزب الله" بعد إغلاق الملف السوري، إذا تمكنت التسوية الدولية من ذلك، حيث نتحدث عن عشرات الألوف من الشباب المقاتلين الذين سيعودون الى لبنان، بعدما عاشوا حرباً وقتالاً طبعا حياتهم لسنوات.
كان السؤال في عام 2000، أي بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، عن كيفية استثمار التحرير في إعادة بناء الدولة، حيث طرحت آنذاك عودة المقاتلين الى الحياة المدنية، مع إغلاق بوابة الاحتلال في الشريط الحدودي. أما وأن الأمور جرت على غير ما كان يسعى كثيرون الى احتضان مقاتلي الحزب، ومنهم من هو معترض اليوم على الغرق في الحرب السورية، فيما كانوا من اشد المدافعين عن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فقد كان مفهوماً أن "حزب الله" استمر في ساحته في الجنوب متسلحاً بخصائصها أو منزله اذا جاز التعبير، لكن، وهو يدفع بالألوف من مقاتليه الى ساحة أخرى، أي الساحة السورية، يفقد هذه الخاصية، ويفقد معها ايضاً جزءاً من ساحته، في الداخل اللبناني الذي لم يعد كله ساحة للحزب، بعدما فقد قسماً كبيراً من غطائه الذي استند اليه لسنوات طويلة. لذا، يبقى السؤال مشروعاً عن مستقبل شباب الحزب، وهو اليوم يتورط اكثر في الداخل السوري وفي ساحات أخرى، وكأن "حزب الله" وهو ينخرط في الحرب السورية طرفاً الى جانب النظام، لا يكترث لما ستؤول اليه الأوضاع في حال انتهى الصراع السوري، الذي لم يعد العالم يحتمله، وكأنه أيضاً يخوض معركته الداخلية اللبنانية، من خلال رسائله السورية والإقليمية. ولا يخفى على أحد أن انتشار آلاف المقاتلين من النخبة والمتطوعين والأنصار يرتب كلفة كبيرة وتجهيزات ومتابعة وتأمينات لوجستية وغيرها مما تفرضها عمليات ساحة القتال، بالإضافة الى الاستنفار في القرى القريبة من الحدود السورية، والتبديل، ما أفرغ قرى كثيرة لبنانية من شبابها انتقلوا للقتال في سوريا. بعض المقاتلين تساءلوا على سبيل المثال، كيف يزج "حزب الله" قوات إضافية لاستعادة مربع "الكاستيلو" في حلب والمنطقة المحيطة بها، بعدما استولى عليها مسلحو المعارضة في هجومهم قبل أكثر من شهر، وينجح في ذلك، على رغم سقوط العشرات من شبابه، ثم تأتي الأوامر بالانسحاب بعد الاتفاق الدولي على خطة إمرار المساعدات لمناطق المعارضة في حلب، وهو أمر يدل على أن مستقبل القتال في سوريا يحكمه لاعبون دوليون، وبالتالي أي تسوية ستعيد مقاتلي الحزب الى ساحتهم الأولى أي لبنان، مع فائض قوة، وقلق أيضاً، لا أحد يعرف كيف يستثمر، ولا حجم انعكاساته على الداخل اللبناني، وتداعياته على بنية "حزب الله" وجمهوره والمقاتلين أنفسهم أيضاً.
يظهر المزيد من القلق والخوف من المستقبل لدى شباب "حزب الله" في مرحلة "ما بعد سوريا"، وكذلك في الداخل اللبناني. لا شيء يوحي بأن المسألة سهلة أو قابلة للاستيعاب، على الأقل أمام ما نشهده من نماذج على ما يؤول اليه التورط في سوريا، أو "الانخراط في قتال التكفيريين" وفق ما يفضل أهل الحزب إطلاقه عليها. هنا نموذج ذلك الشاب في إحدى القرى الجنوبية، الذي كان عاد من معركة حلب في إجازة، وما إن سمع أن المعارك تدور مجدداً على المحور الذي يقاتل فيه، حتى قرر العودة سريعاً، لعجزه عن التأقلم والعيش في قلق مستمر، وكأن هذا الشاب وغيره من الشبان صاروا جزءاً من حلقة العنف والقتال اليومي. وهنا، لا خبايا في القرى الصغيرة عن الشبان الذين يغادرون دورياً الى جبهات القتال في الداخل السوري، ومنهم من يسقط، وبعضهم لا يريد العودة، على رغم كل الأسئلة القلقة والمشروعة عن مسوغات الحزب التي يوردها دفاعاً عن استمرار مهمته القتالية في سوريا، وعن الوظيفة والنتائج التي يحملها للبنان؟ ذلك، يطرح بالنسبة الى كثير من اللبنانيين علامات استفهام كبيرة عن اقحام البلد في أخطار تتمثل في انعكاسات ارتدادية على الداخل، ويشرع أيضاً بطرح الأسئلة عن المستقبل، وإلى متى يستمر سقوط الشباب في سوريا؟ وهل من أمل في العودة الى الحاضنة اللبنانية قبل أن تطيح الحرب السورية بكل شيء؟
[email protected]
twitter: @ihaidar62


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم