الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

إقالة زيباري تضرّ العراق "مالياً"

المصدر: رويترز
إقالة زيباري تضرّ العراق "مالياً"
إقالة زيباري تضرّ العراق "مالياً"
A+ A-

تنطوي إقالة وزير المال العراقي هوشيار زيباري الأسبوع الماضي في أحدث هزة باضطرابات السياسة المتزايدة في بغداد على خطر تأخر مليارات الدولارات من دعم الميزانية الذي تشتد الحاجة إليه والمقدم من مقرضين دوليين ومستثمرين. فقد أقال البرلمان زيباري المسؤول الكردي البارز الذي شغل من قبل منصب وزير الخارجية لأكثر من عشر سنوات بعد استجوابه في مزاعم فساد وإساءة استغلال الأموال العامة.
نفى زيباري التهم ووصف الإجراء بأنه "انتقامي وذو دوافع سياسية" متهما رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بتدبير إقالته في مسعى للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي. يتزامن الصراع السياسي مع مصاعب يواجهها العراق عضو منظمة أوبيك في سد العجز الناجم عن انهيار أسعار النفط العالمية.


بهذا تعاني حكومة العبادي من فراغ جديد في ظل عدم وجود وزير دفاع ولا وزير داخلية في الوقت الذي تستعد فيه لأكبر معاركها حتى الآن لاستعادة الأراضي التي انتزعها تنظيم الدولة الإسلامية حيث من المتوقع شنّ هجوم تدعمه الولايات المتحدة على معقل التنظيم في الموصل خلال الأشهر المقبلة.
ولتعويض فاقد إيرادات النفط لجأ العراق إلى صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة قروض ستشجع المقرضين الآخرين على تقديم الدعم أيضا. ووافق صندوق النقد على قرض تحت الطلب مدته ثلاث سنوات بقيمة 5.34 مليارات دولار في يوليو تموز مقابل حزمة إصلاحات اقتصادية. وتأمل بغداد أن يفرج ذلك عن مساعدات إضافية بأكثر من 12 مليار دولار من مصادر مثل البنك الدولي ومجموعة السبع.
لكن في غياب زيباري الذي يتقن الإنكليزية ويحظى بتقدير في العواصم العالمية تفقد بغداد الشخص الأقرب إلى تفاصيل الصفقة.ووصف كريستيان جوتش مدير بعثة صندوق النقد في العراق زيباري بأنه "بطل" اتفاق القرض.


كانت شريحة أولية قيمتها 640 مليون دولار قد صرفت في تموز لكن الشريحة التالية تتوقف على مراجعة أولى قد تجرى بحلول منتصف تشرين الثاني لكن قد تتأجل لحين انتهاء العراق من ترتيب الأوضاع. وأصدرت الحكومة العراقية توقعات لميزانية 2017 قالت إنه يفترض تصدير مزيد من الخام وبسعر أعلى عن الأشهر الأخيرة. ويتوقع عضو أوبيك بيع 3.75 مليون برميل يوميا من الخام بسعر 42 دولارا للبرميل حسبما ذكرت الحكومة في بيان. وتتوقع ميزانية 2017 تراجع الإنفاق إلى 90.224 تريليون دينار عراقي (77.51 مليار دولار). كانت ميزانية 2016 تتوقع إنفاق 106.9 تريليون دينار بعجز قدره 23.5 تريليون بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط والإيرادات منذ 2014. وبلغ معدل صادرات النفط الخام الحكومية 3.23 ملايين برميل يوميا في آب ومتوسط سعر البيع 39.25 دولاراً للبرميل وفقاً لوزارة النفط.


ويقول ديبلوماسي غربي في بغداد يتابع عن كثب الشأن الاقتصادي العراقي إن اجتماع صندوق النقد سيكون "نقطة مفصلية". وأضاف: "هل يستطيعون إعادة ترتيب أوضاعهم وإنجاز الأمور بحلول ذلك الوقت؟ لو كان لي أن أضع رهانا لقلت إنه سيحدث تأجيل على الأقل لكن الأرجح ألا يزيد على ذلك."
وقال الديبلوماسي إن تغيير الوزراء في منتصف برنامج لصندوق النقد ليس بالضرورة عقبة كبيرة في حد ذاته لكن سريان اتفاق العراق بدأ للتوّ، وكان زيباري نفسه المحرك لإصلاحات عديدة.
وتابع "إذا كانوا يكابدون الأمرين للقيام بذلك (تطبيق الإصلاحات) بالفعل ثم تطيح زيباري الذي كان داعما رئيسيا لكثير من هذا فمن الطبيعي أن يتأخر الأمر." تقول بغداد أيضا إنها ستعزز أوضاعها المالية من طريق بيع سندات بمليار دولار مضمونة بالكامل من الولايات المتحدة وسندات دولية بمليار دولار في الربع الأخير من 2016. وقد تكون تلك الخطط مهددة الآن.
فقد قال مصدر مطلع لرويترز "بمغادرة هوشيار أصبح كل شيء معلقاً في الهواء." لكن المستثمرين المحتملين ما زالوا متفائلين. وقال كان نازلي كبير اقتصاديي ديون الأسواق الناشئة لدى نيوبرجر بيرمان في لاهاي إن العراق أصبح في وضع يؤهله لإصدار سندات حتى إذا تأخر اتفاق صندوق النقد لأن هيكل الإصلاح قائم بالفعل وإنتاج النفط تعزز هذا العام.


وقال نازلي "سيكونون في وضع يؤهلهم للذهاب إلى المستثمرين وتقديم ميزانية كي يسدوا فجوة التمويل ثم يتجهون إلى السوق لتغطية الفرق." وتوقع أن يكون عائد السندات أقل من عشرة بالمئة مقارنة مع الأحد عشر بالمئة التي طلبها المستثمرون خلال جولة ترويجية قامت بها الحكومة العام الماضي وهو ما رأت بغداد أنه مغالى فيه. وتحوز شركته بعضا من آخر السندات الدولية التي باعها العراق في 2006 عندما أصدر ما قيمته نحو 2.7 مليار دولار تستحق في 2028 بكوبون 5.8 بالمئة.
وتتوقع مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية أن يكون لإقالة زيباري أثر سلبي قصير الأجل لكن صندوق النقد سيظل ملتزما باتفاق القرض. وقالت في مذكرة بحثية "المجتمع الدولي مازال معنيا بدعم رئيس الوزراء العبادي والتحقق من إحراز تقدم في الحرب على الدولة الإسلامية" متوقعة أن تظل الحكومة قائمة حتى أوائل 2017 على الأقل.
ويضخ تحالف بقيادة الولايات المتحدة يحارب التنظيم المتشدد في العراق وسوريا مليارات دولارات لقصف مقاتلي التنظيم وإعادة تدريب الجيش والشرطة العراقيين اللذين ألقيا السلاح وفرا أمام تقدم المسلحين قبل عامين. وقد يقوض انهيار اقتصادي تلك المكاسب العسكرية.
وقالة زيباري يصل عدد الحقائب الوزارية الشاغرة أو التي يحملها مسؤولون بشكل مؤقت إلى خمسة منها حقائب أمنية حساسة. وجمع النواب التوقيعات لبدء عملية إقالة اثنين آخرين على الأقل أحدهما وزير الخارجية. ويدير وكيل وزارة شؤون وزارة الداخلية منذ استقالة محمد الغبان في يوليو تموز إثر أعنف تفجير بسيارة ملغومة في بغداد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بصدام حسين في 2003.
وأطاح البرلمان بوزير الدفاع خالد العبيدي وهو سني مسلم حليف لرئيس الوزراء الشيعي العبادي الشهر الماضي وذلك في تهم فساد تتعلق بعقود أسلحة وهو ما نفاه العبيدي. ويقول مسؤولون عراقيون وغربيون إن الفراغ لن يؤثر على الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي يشرف على عملياتها وكلاء وقادة ميدانيون. وبعد إقالة العبيدي استعاد الجيش السيطرة على ضاحية الشرقاط في خطوة مهمة صوب استعادة الموصل.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم