الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

من حواضر البيت

حياة أبو فاضل
حياة أبو فاضل
A+ A-

لو قدّر لرئيس جمهوريتنا المبعثرة أن يكون من المذهب الارثوذكسي، لا سمح الله، هل كان الارثوذكسيون كالموارنة اليوم على خصام تنافسي، ينشرون بعضهم بعضاً على ما تبقى من صنوبر لبنان؟ وهل كان مسؤولو الاعلام وغير الاعلام في تياراتهم وأحزابهم ينثرون ما يفرّق عند كل مقابلة اعلامية على شاشات التلفزة، يصيحون ويصيح أمامهم اعلاميون واعلاميات، لا يتركون مساحة لمن يقابلون ولو ليأخذ نفساً قصيراً ليروّج لمن يظنه ظلّ الله على أرض مقدسة مرشحاً لرئاستها؟


من يدري؟ فالمنصب الملعون فخ لرجال كثر سقطوا داخله وهمّهم الوحيد جيوبهم وألقابهم المهترئة، وقدرتهم على المواربة والتكاذب والخضوع لإرادة خارج لا يقلّ فساداً عنهم جميعاً. والمنصب الملعون لا يقتصر على رئاسة الجمهورية، فمنصب رئيس مجلس الوزراء لا يشكو نقصاً أمام قدسية المقام المكرّس للطائفة السنية... وها أصوات الخلاف داخل المذهب السنّي بدأت ترتفع بدءاً من شمال الوطن حتى العاصمة. أما جنوبه فمخصص لمنصب رئيس مجلس النواب التشريعي الشيعي، وما زال أهله على توافق هزيل، خجول، يبدو مصطنعاً أمام ما يجري داخل مذاهب تتنافس على المراكز الأولى في ما بينها وداخل المذهب الواحد في وطن النجوم...
نجوم الفضائح على تنوّعها في وطن فاشل لا يحقق تطوراً في مطلق ميدان، ولا يحقق للمواطنين أبسط أحلامهم في عيش كريم، لا في تعايش مذهبي زائف... ولا يخجل الحكام من استجداء دعم مجتمعات أخرى على وجه الأرض مثلنا، يتشارك أهلها في الحياة جنباً الى جنب معاً، مهما اختلف انتماؤهم الديني.
نحن نشهد على عصر انحطاط فكري، أخلاقي، اجتماعي، سياسي، إداري، ثقافي، معرفي بامتياز. وأولى علاماته المميّزة: اللامبالاة التي يبديها المسؤولون أمام اتهامهم بالتقاعس والسرقة وحجب الحقوق عن شعب يطالب بها من غير جدوى لسنين، ولا يهتز منهم ضمير، "متل إجرن"، فالمهم عند أصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة، أحفاد قرون عثمنة ظالمة، غاب ضمير سلاطينها، فاستبدت بالناس حتى الموت، المهم عندهم ألقابهم وصناديقهم المقفلة على الفضائح والسوء.
هؤلاء أخذوا الوطن الى التفكك والانقسام والموت، كلهم من دون استثناء، فمن اعتاد الانقياد الى الخارج من دون قيد، شرط أن يملأ جيوبه، لا يستطيع بناء وطن في موسم بناء الأوطان، فكيف يبني اليوم والموسم موسم تفكك ودمار؟ وما لم نفك التركيبة المذهبية السقيمة للبنان ونهيئ لأجيالنا الجديدة القادمة مكاناً موحّداً بالحق والخير، سنبقى على انقسام، وسيظل أبناؤنا يهاجرون، ولن يقوم لبنان أبداً من ظلام بلا رجاء.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم