الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الأخطر من استدارة !

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

 


تفصل نحو عشرة أشهر ما بين اللقاء الباريسي الذي تبنى فيه الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية ولقاء بنشعي الذي ادرج بمثابة شرارة انعطافة حريرية نحو خيار انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. سيسيل حبر مدرار حول طلائع هذا التطور الذي لا يمكن وصفه الا بأنه دراماتيكي. ولن يكون عامل الانعطاف او الاستدارة المحتمل أسوأ ما يقض مضاجع الرافضين لخيار عون باعتبار أنه لا يشكل إمتيازا حصريا للحريري بل ربما يمكن ان يشكل في جانبه الخلفي علامة استلحاق ايجابية له متى ادرج هذا التطور في سياق تنازلات يرتضيها لإنهاء الازمة الرئاسية، ثم ان ثمة تاريخا طويلا لزعماء آخرين في انعطافات واستدارات هي من صلب السياسة اللبنانية. الأمر المثقل بالدراماتيكية يتصل تحديدا بتداعيات خيار عون "في حال" المضي به نهائيا لجهة قلب الوقائع المتصلة بتعطيل الاستحقاق الرئاسي رأسا على عقب بما يشبه التطوع قسرا لإزاحة تبعة التعطيل عن قوى التعطيل وتحميلها لزعيم "المستقبل". لن نخوض في الاحتمالات التي تتربص بهذا الخيار داخل البيئة المستقبلية او في الشارع السني وقت لا تزال الامور في مطالعها تفرض رصانة في رصد المسار الطالع في حقل ألغام. ولكن عدم التسرع هنا لا يسقط محظور استباق المخاض الذي بدأ مع لقاء بنشعي وإشاراته الاولى الى وضع خيار عون على الطاولة لجهة رصد مواقع التعطيل في المقام الاول في معزل عن إيجابيات الخيار وسلبياته المتصلة بانتخاب العماد عون. أيا تكن نتائج هذا التطور الذي قد يكون مخاضه اصعب بكثير مما يتصور المتفائلون به، فان اولى تداعياته الماثلة الآن هو بداية توظيفه من قوى التعطيل لغسل سنتين وأربعة أشهر من تبعة تعطيل تاريخية لانتخاب رئيس الجمهورية مع كل تداعيات هذه الازمة تتحملها هذه القوى حصرا. وسواء كان لخيار عون ان يبصر النور او يلتحق بسواه من الخيارات المجهضة على طريق الازمة المتمادية لألف سبب وسبب فانه من غير الجائز والمقبول ان يحمل وجها الخيار سلبا أو ايجابا تحويرا في واقع زج لبنان في متاهة فراغ تسبب له بكل هذا الارث المتراكم الكوارثي. احكم الحصار على الرئاسة والمؤسسات بفعل التعطيل اولا وأخيرا ، واذا كان الحريري سيقدم تنازلا نهائيا حاسما "مفترضا" في خيار عون وبصرف النظر عن دوافعه الذاتية والسياسية فان ذلك يحمل بذور تقديم التبرير للفريق العوني وحليفه "حزب الله" وسائر منظومة التعطيل لغسل تبعة التعطيل وتحميلها للحريري في "انتظاراته وخياراته المتقلبة". يدرك الجميع مجمل الوقائع المعروفة والمكشوفة لأزمة التعطيل داخليا واقليميا وارتباطاتها الاقليمية ، ولكن في لبنان اللحظة الدراماتيكية تمحو التاريخ ولا حاجة الى تعداد تاريخ طويل من النماذج.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم