الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كيف تتفاعل الرابية مع معطيات ما بعد عودة الحريري وماذا تنتظر؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
كيف تتفاعل الرابية مع معطيات ما بعد عودة الحريري وماذا تنتظر؟
كيف تتفاعل الرابية مع معطيات ما بعد عودة الحريري وماذا تنتظر؟
A+ A-

الذين قُدّر لهم زيارة الرابية عصر اول من امس، خرجوا بانطباعات جديدة اكثر حزماً من اي مرة فحواها ان زعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري العائد للتو من الخارج بعد فترة احتجاب، يحمل في جعبته جديداً يعتدّ به في موضوع الخروج من ازمة الشغور الرئاسي، وان ذلك من شأنه ان يفتح الابواب الموصدة على افق دراماتيكي يقلب الاوضاع رأساً على عقب ويبدل الصورة النمطية السائدة منذ زمن بعيد وذلك بناء على المعطيات الآتية:


- ان الرابية وسيدها العماد ميشال عون وخلافاً لما سبق، هي لحظة بلحظة موضوعة في تفاصيل ما عاد به الحريري وطبيعة التحرك الذي بدأه بُعيد إيابه وتحديداً من بنشعي، وهو التحرك الذي يتعين ان يستكمله خلال الساعات القليلة المقبلة قبل ان يتخذ قراره النهائي في الموضوع الرئاسي والذي له حصراً وجهتان: الاولى التسليم بعون رئيساً، او عودة الامور الى المربع الاول الذي ارتسم بعناد منذ عامين ونيف.
- ان الرابية عموماً تقيم منتظرة على درجة اعلى من التفاؤل الآن، ولأن قاطنيها مسيحيون فهم مضطرون الى أداء دور القديس توما الذي لن يصدّق قبل ان يلمس بيده، خصوصاً ان ثمة تجارب سابقة لم يمر عليها الزمن في مجال التلاقي والتفاهم بدأت ايجابية وانتهت خلاف ذلك.
إذاً الامور في خلاصة استنتاجات زوار الرابية ان "فترة اللعب والمناورة على حافة الوقت اوشكت على الانطواء، وبالتالي لا بد للحريري من ان يلفظ كلمته الفصل أياً يكن مؤداها.
متعددة هي الاسباب والعوامل التي من شأنها ان تدفع سيد "بيت الوسط" الى العودة مجدداً الى رحاب خياره الاول القديم نسبياً وهو عون رئيساً، فهي على المستوى الداخلي تتصل بما آل اليه وضعه المأزوم واقتناعه بان سبيل الخروج المتاح ضمن موازين القوى الحالية هو في إرساء أسس تفاهم مع الطرف الآخر، متكامل المعالم ومكتمل الأبعاد، وأحد بنوده تأمين عودة مريحة وعاجلة له الى السرايا الكبرى في وسط بيروت. ومن البديهي ايضا ان هذا التفاهم، إن تحقق، من شأنه ان يحقق فك ارتباط مضمون بين الوضع اللبناني وازمات المنطقة ويقيه اية نتائج مرتقبة او تداعيات محتملة.
وباختصار، ثمة قراءات توصّل اليها خصوم الحريري جوهرها ان الرجل اجرى اخيراً مفاضلة بين الخيارين الامرَّين بالنسبة اليه وهما التسليم بعون في قصر بعبدا، أو التعايش المضني والقاتل مع فراغ ومراوحة وما يتولد من رحمهما من ازمات، وانتهت هذه القراءات الى استنتاج ان تجرّع الكأس الاولى، على مرارتها، سيكون اقل كلفة حاضرا ومستقبلا بالنسبة اليه. وعليه اخذ الرجل وقته اولاً ثم عاد على النحو الصامت والهادئ الذي عاد به الى بيروت ليشرع في مروحة الاتصالات والمشاورات التي بدأها بُعيد ساعات من عودته.
وبحسب زوار الرابية ان سيدها لم يتفاجأ اطلاقاً بان تكون بنشعي هي محطة الانطلاق في هذه المشاورات لاعتبارات متعددة لم تعد خافية. واكثر من ذلك ان الرابية هي في "جو" ان هذه المشاورات ستأخذ وقتها الضروري انطلاقا من اعتبارات وحسابات عدة تتفهمها، ابرزها حاجة الرئيس الحريري الى وضع الجميع بلا استثناء في صورة ما هو مقدم عليه من خطوات فضلاً عن حاجة الرجل الى تطويع تدريجي للمعترضين من جهة والشروع في رحلة تنتهي الى فرض امر واقع على الجميع عنوانه العريض فلنقبل بأقل الشرور لانقاذ ما يمكن انقاذه على كل المستويات العامة والذاتية. الرابية هي أيضاً في "جو" تراجع همّة المعترضين اساساً على خيار الحريري بعدما اخذوا كل وقتهم وذهبوا الى اقصى الحدود، فضلاً عن إدراكها ان الحريري نفسه بدا اكثر من اي وقت مضى انه مستعد لتقبل الاثمان التي سيكون عليه دفعها وبعضها موجع اذا ما قرر المضي قدماً في خياره الحاسم.
جولة الحريري هي إذاً برأي زوار الرابية جزء من مروحة الانفتاح الضرورية على كل المرجعيات والقوى، ولها فائدة عاجلة تتجلى في التشاور والاقناع وازالة الاعتراض، وفائدة آجلة تتجسد في تدشين عصر سياسي جديد ومختلف هو حكماً من مستلزمات المرحلة المقبلة، فضلاً عن انها تريح كل الافرقاء وتشعرهم بأنهم ليسوا بمنأى عن التطور الدراماتيكي المنتظر.
ولا يخفي هؤلاء الزوار ان الحريري ولج عملياً خانة تكريس "الحظوظ المكتملة" بهدف ارساء اسس المرحلة المقبلة الموعودة بعد انتخاب الرئيس بما فيها الحكومة شكلا ومضمونا وقانون الانتخاب.
وثمة دليل آخر يقدم على جدية المناخات التي عاد بها الحريري اخيراً، وهو مسارعة النائب وليد جنبلاط الى ايفاد الوزير وائل ابو فاعور الى الرياض لغايتين اساسيتين: الاولى انه مستعد للسير بخياراتها، والثانية استجلاء حقيقة موقفها من الموضوع الرئاسي. وتجلى ذلك ايضا في الاصرار المفاجئ للرئيس نبيه بري على مقولة ان الرئاسة وحدها لا تحل الامور، وانه لن يسير في هذا الامر منفصلاً عن التفاهم على ما بعد ذلك، وهو أمر أخذه البعض على محمل ان بري يريد ضمانات للمرحلة المقبلة سلفاً اذا ما سار بخيار عون رئيساً، وان "صفقة" بلوكات النفط والغاز لا تشكل سوى جزء من الضمانات التي يسعى اليها. إنها إذاً بالعموم مرحلة بحث الجميع عن الضمانات والاجابات عن اسئلة تتصل بمرحلة ما بعد الرئيس، وهو امر لا يخرج عن البديهيات في وضع مثل الوضع اللبناني.
وفي عمق كواليس الرابية كلام متمم مفاده انه خلافاً لما يروّج له البعض فان التحرك الذي يلوّح "التيار البرتقالي" باللجوء اليه في المواعيد المحددة منذ فترة، هو ذو قيمة وتأثير كبيرين ومن شأنه ان يحدث تبديلا وتحولا في الوضع عموما، بدليل الاهتمام الكبير الذي أولته السفارات لهذا التحرك وطبيعته، لا سيما بعدما وجهت الى الرابية اسئلة حوله وهل من شأنه ان يؤثر سلباً على الاستقرار.
في كل الاحوال، إن الرابية باتت مهيأة لكل الاحتمالات وهي في الانتظار، مع علمها ان المرحلة لم تعد مرحلة استطلاع رأي، وهي ايضا على تواصل مع حليفها "حزب الله".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم