الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

كلفة التعليم لا ترحم اللبنانيين!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

يصرّ اللبناني على تعليم أولاده في المدرسة الخاصة. يحتج على ارتفاع الأقساط، لكنه يخضع للأمر الواقع، مستعيناً بما حصّله من احتياطات للاستمرار بتعليم أولاده جيداً. ثم أنه لا يقدم تنازلاً، إذا ساءت أوضاعه المالية، إلا عندما تقفل الأبواب أمامه، فينقل أولاده الى مدرسة مجانية، أو إلى المدرسة الرسمية في نهاية المطاف. ولا يكترث بعض اللبنانيين لما يمكن أن تكون عليه المدرسة التي ينتسب أولاده إليها، فالمهم أنها خاصة، كي لا يقال إنه أرسلهم الى المجهول. هنا تبدو المدرسة الرسمية مشكك بها، وتفتقد الى الثقة بالنسبة الى كثيرين، طالما أنه لا يجوز اليوم عقد مقارنة بين التعليم الرسمي راهناً الذي يعاني أزمات وصعوبات وضغوطاً، وذلك التعليم الذي شهد مراحل ذهبية، ونافس القطاع الخاص بالنجاح والتحصيل.
وها هي مدارس خاصة ترفع أقساطها هذه السنة، وتزيد الأعباء على أهالي التلامذة. ولا تقتصر الزيادة على مبلغ القسط السنوي، بل تشمل أيضاً ملحقاته، من قرطاسية ونقل وملابس وغيرها، ما يعني أن اللبناني من الطبقة المتوسطة يضطر الى دفع أكثر من نصف دخله السنوي لتعليم أولاده. أما وأن مدارس أخرى حافظت على معدلات أقساطها كما كانت العام الماضي، فإن مسألة التعليم، مع الزيادة أو من دونها، باتت ترتب أعباءً على اللبنانيين، الذين ما عادوا قادرين على تغطية كلفة تعليم أولادهم، في ظل الأزمات الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية وانسداد أفق فرص العمل، الى التغييرات التي تشهدها البنية الاجتماعية والتركيبة التي ترعى التعليم لدى المكونات اللبنانية والطوائف، والتي بدورها تعاني أزمات التمويل، الى مشكلات تتفاقم داخلها. وبعدما كان اللبناني يدفع نصف دخله السنوي لتعليم أولاده في العقدين الأخيرين، بات اليوم مضطراً الى طلب المساعدة لإكمال تعليمهم بالحد الأدنى، وهو أمر ما عاد متاحاً كثيراً، بسبب الصعوبات لدى المؤسسات التعليمية الخاصة، وعدم قدرة الدولة بوصفها الملاذ الأخير على مد يد العون، طالما هي لا تستطيع انتشال التعليم الرسمي من أزماته ومشكلاته المتراكمة.
ولأن بات واضحاً ان أقساط المدارس الى ارتفاع، فإن نفقات التعليم الى ارتفاع أيضاً. ولا نشهد تدخلاً من وزارة الوصاية لضبط الأمور وتصحيح العلاقة بين الأهل والمدرسة والأساتذة، وهي تتحمل مسؤولية انسداد الأفق أمام تسويات تربوية تعيد هيكلة ملف الأقساط وتنظيمه وتقنين زيادته عشوائياً، وتدفع الدولة الى تحمل مسؤولياتها في متابعة هذا الموضوع وتصويب العلاقات التربوية وفق القانون وما تتيحه الإمكانات، قبل ان نشهد حالات إفلاس لمؤسسات تربوية، أو أخرى تحمل الأهل الكلفة، الى مؤسسات هي في الأصل تسعى الى الربح وتستغل الواقع القائم والأزمة المتفاقمة.
كلفة التعليم ترتفع في لبنان. أما المدرسة الرسمية فلا تقدم بديلاً مقنعاً، على الاقل حتى إشعار آخر!


[email protected] / Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم