الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

درب التبانة

حياة ابو فاضل
A+ A-

صغيرة أنا وتجذبني مظاهر النهار، تملأني فرحاً وتساؤلاً، فلا مكان للضجر بين سحر ندى الصباح، وسحر الوشاح القاتم الذي يعكس سماء نجوم صغيرة وكبيرة، وقمر يمتلئ ثم يفرغ ليعود ويتمدد داخل دائرة ضوء ينهمر حناناً على وجه الأرض. ولمّا القمر في إجازة، يظهر في الفضاء وشاح أبيض يشبه غيمة تتمدد بعيداً كأنها من سكّر نثرتها يد فوق وجه السماء. هذه درب التبانة، يقول والدي، مجرّة كبيرة من مليارات مجرّات تشكّل الأكوان، ونحن ننتمي إليها من داخل مجموعتنا الشمسية التي تضم كواكب سبعة كبيرة، منها كوكب الأرض.


وأحببت الأرض فهي لنا... ولما كبرت عرفت أنها أمنا، فتركيبة أجسادنا الكيميائية هي من تركيبتها، وبالنسب المئوية نفسها: الماء والمعادن والهواء. وبالأمس قرأنا عن خريطة جديدة لمجرّة درب التبانة تشمل "مواقع نحو 1,15 مليار نجمة جديدة "استناداً الى معلومات بثها التلسكوب الفضائي الأوروبي "غايا"، هي نجوم جديدة، رصدها إنسان الأرض، إنسان الغرب، في الأمس القريب، للمرة الأولى نعرفها، فهل هي ضمن عملية خلق حصلت في البدء؟ أم هي جديدة تمظهرت في تاريخنا اليوم؟
وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر؟
حكمة معرفية قالها الشريف الرضي قبل 1400 عام وما فسّر معناها، فماذا قصد بكون ينطوي داخلنا؟ ومن خارج التراث الابرهيمي الشارح عملية الخلق من باب أسطوري، نطرق باب التراث الهندوسي لشرح علمي فيزيائي لعملية خلق مصدرها طاقة عظيمة، غير متمظهرة، شاءت أن تخلق، فكان وعي كوني هاجع داخل 36 فصلاً، هي أقسام الڤيدا التي تجسد "معرفة" تركيبة الوجود. وخريطة الجسد الانساني هي صورة عن أقسام الڤيدا التي تجسد الامتداد الكوني للمستوى "غير الظاهر" في الوجود الذي يشكل أساس كل التمظهر المادي وأصله "طاقة".
في البدء كان "الكلمة" يقول يوحنا الانجيلي... لمّا "الغير المتمظهر" أراد الخلق، فعل ذلك من خلال ذبذبات صوتية: "أوم"، فكان الصوت أداة التمظهر بين الطاقة والمادة.
وأقسام الڤيدا الـ36 التي تشكل أولى مراحل تمظهر
الطاقة الخالقة، تتفاعل في ما بينها بتناغم، فلا يلغي
احدها الآخر في حالة ديناميكية لوجود لامتناهٍ، بين قانون الدمار وقانون التجعّل وقانون التثبيت، ويضبطها كلها
قانون الحب، فلا يلغي أحدها الآخر... وتحسب أنك جرم صغير؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم