الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الكرد يخسرون سوريا أم سوريا تخسرهم؟

المصدر: "النهار"
وائل ملا- صحافي سوري
الكرد يخسرون سوريا أم سوريا تخسرهم؟
الكرد يخسرون سوريا أم سوريا تخسرهم؟
A+ A-

في خضم التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السياسية السورية وبالتالي قضية الشعب الكردي السوري المتعلقة بها من دون شك، تطفو على السطح مسائل هامة متعلقة بمستقبل سوريا وآلية تعايش مكونات هذه الدولة وفق عرف ونموذج علاقة معين وذلك بعد أن تضع هذه الحرب أوزارها فيما إذا وضعت بشكل يحقق جلوس ممثلي قوميات وطوائف هذه الدولة على طاولة الحوار والتباحث.


في حقيقة الأمر هناك قلق وإنقسام واضح في الشارع الكردي السوري بخصوص مساعي الأطراف الكردية المتمثلة بالإدارة الذاتية الديمقراطية والمجلس الوطني الكردي، فكلا الطرفين يسعيان للحصول الى حق في إدارة مناطقهم تحت مسميات مختلفة وبوسائل مختلفة دون الأخذ بالحسبان فيما إذا سيتم الإعتراف بها أو عدم محاربتها والقبول بها كنتيجة من نتائج الحرب السورية من قبل باقي المكونات السورية التي طالما عارض ممثلوها "المعارضة والنظام " أي مطلب للكرد للحصول على بعض الإمتيازات الخاصة ولو كانت مسودات المشاريع الكردية المطروحة تتعهد بشيء لا تترك مجالاً للشك بإنها لن تمس بوحدة أراضي سوريا وسيادتها.


فالإدارة الذاتية الديموقراطية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي"PYD" والتي طوّر مشروعه من إدارة المناطق الكردية بمشاركة كافة مكونات هذه المناطق من غير الكرد منذ بداية الثورة السورية الى الدعوة الى تطبيق نظام فيدرالي كنوع من الإدارة اللامركزية، ورغم إن الحزب تفادى الإشارة الى حصره ضمن القومية الكردية وعمل جاهداً الى إقناع السوريين إن ليس لديهم أية مطامع تقسيمية، يتلقى إتهامات واسعة من قبل المعارضة السورية التي تتههم "PYD" بالعمل لربط منطقة عفرين بكوباني تمهيداً لإقتطاعها من سورياً لاحقاً، ولعلّ قيام بعض المجموعات المحسوبة على المعارضة بالهجوم على مدينة جرابس و"قوات سوريا الديمقراطية" وقبلها في كوباني وريف عفرين دليل واضح في موقف المعارضة السورية للتصدي لأي خطوة كردية يحفظ لهم خصوصيتهم بمساعدة تركية دائماً عدا عن إتهاماتهم المتكررة للإدارة الذاتية بالإنفصاليين رغم إن هذه الادارة تتلقى من الكثير من الكرد أنفسهم النقد والاتهام بالابتعاد عن الخط القومي للشعب الكردي على حساب مبدأ تعايش الشعوب والأممية.


"المجلس الوطني الكردي" الطرف الكردي الآخر بدوره دعم ائتلاف المعارضة الذي إنضم إليه أواسط أيلول 2013 واضعاً فيدرالية كردستان سوريا والإعتراف الدستوري بالشعب الكردي من أهم المطالب التي يساوم الائتلاف عليها دون أدنى إعتراف بها أو حتى التلميح لإمكانية الموافقة على نموذجه المطروح في سوريا المستقبل حتى هذه اللحظة. ويدفع هذا الأمر للقول ان المجلس الوطني الكردي فشلَ في تحقيق ما أسس لأجله ويتعرض لانتقادات كثيرة غالبيتها من أنصار الأحزاب التي تتشكل منه هذا المجلس، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول مصير الشعب الكردي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال في مواجهة النظام والجماعات التكفيرية وحصته من كعكة سوريا ما بعد الثورة.


في ضوء ما سبق، فإن الكرد بحاجة الى لملمة أوراق مشاريعهم والبدء بترتيب البيت الكردي وفق الرفض الذي يتلقونه من النظام والمعارضة ومن الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية العربية المستقلة فيما يتعلق بموقعهم وبمصير حقوقهم التاريخية في هذا البلد، الشيء الذي يضع كل الأطراف السورية الغير كردية- في خانة المسؤولية التاريخية أمام مآلات الواقع السوري بغياب نجاحهم في إقناع الكردي بالبقاء على حاله والإستمرار في تسوّل حقوقه على أبواب مراكز القرار السورية الرسمية في المستقبل، كما إعتاد على ذلك وناضل للخروج من هذه القوقعة إبان حكم الأسد، الأمر الذي يطرح أهم تساؤل في المعادلة السورية، هل الكرد يخسرون سوريا أم إن سوريا ستخسرهم ؟


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم