الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

باتريك

حياة ابو فاضل
A+ A-

ما بها ألعابك ما عادت تمر بكلماتك من وقت لآخر، هل توقّفت عن الكلام؟ ماذا أقول لباتريك؟ هل أخبره أن ألعابي الكبيرة تركت مكانها يوم أعدنا طلاء جدران ونوافذ غرفتها، فلجأت كلّها إلى كيس أصفر كبير وما زالت هناك. أمّا ألعابي الصغيرة فباقية على رفوف الكتب في غرفتي، ولم أعد أسمعها تتبادل الأحاديث همساً، وما عادت تقفز إلى فراشي باكراً عند الصباح لتخبرني عن مشاريعها "السياسية"، فأنا غيّرت مكان نومي مثلما غيّرت أحلامي، وانقطع التواصل بيننا يا صديقي.


كانت الألعاب تقرأ الجرائد "البايتة" فتعرف اننا في لبنان أمام استحقاق انتخابات نيابيّة، وتأخذها الحماسة الوطنية الى إرادة المشاركة في الترشّح للمناصب التي ما زالت الى الآن شاغرة دستورياً وشرعياً. ثم قرأت عن موعد انتخاب رئيس للجمهوريّة، وكان الدب جاهزاً لاعتلاء كرسي الرئاسة. وطبعاً أخبرت ألعابي الكبيرة والصغيرة عن تفاصيل شروطنا الانتخابيّة، وبرنامجنا الطائفي المهترئ الذي يهيّئ لأوطان فاشلة، مسؤوليتها ملقاة على جنس بشري ذكوري محتكر حركة انحدار إلى "وراء" لا قيامة منه، ولا مكان فيه لألعاب سوف تنافسهم على مكاسب غير شرعيّة تفوق الخيال.
هكذا توقّفت الألعاب عن الكلام، كلّها، الدب والدلفين وباربي وباتي و... و... وميني ماوس التي كانت تلفظ الكلمات مقلوبة فيبدي الحمار غضباً مكبوتاً كلّما فتحت ميني فمها لتسأل أو لتجيب، ثم انقطع بيننا الحوار. وها أنا مشتاقة لصوتها اليوم، مشتاقة لسماع تعليقها عندما تعرف أننا ما انتخبنا مجلس نواب جديداً، فالقديم مدّد إقامته في ربوعنا مرّتين... وما عندنا رئيس للجمهوريّة بعد...
نحن لا نختار لا شخصه ولا اسمه ولا ما هو مسموح له وممنوع عليه، نحن لا نختار ولا نعرف كيف نختار. من زمان قبل أن تنقلب سوريا ساحة وغى عالمية، يتقاتل على أرضها وفي سمائها الأميركي والروسي والإيراني والسعودي والتركي وغيرهم ممّن تاقت نفوسهم للدمار والقتل بعدما رموا داخلها "طعم" حرب إبادة سمّوه "داعش" ربّوه وأطعموه وسلّحوه وأطلقوه يقتل باسم الدين... وانطلقوا وراءه ليمحوه عن وجه أرض الشمس... من زمان قبل هذا التطوّر الشرق الأوسطي المجيد، كانت سوريا تعيّن لنا رئيساً فنرتاح وترتاح.
واليوم يا ألعابي الحلوة المصابة بالخرس الذي يشبه صمت رجال الحكم عندنا أمام برامج الفساد الشامل وسرقتهم حتى الأملاك الخاصة والعامة، وأمام شلل فكري أصابهم وهم في قعر عصر انحطاط ساهموا في حياكة نسيجه الرديء، وعيونهم على السعوديّة وعلى إيران تتوسّل الترياق... والدولتان تتلهّيان في حرب شرق أوسطية، دينية، مقدّسة. فاستمرّوا يا أحبّائي في صمتكم، فلا يليق غيره بهذا الزمن اللعين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم