الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حدث مفاجئ وغير مسبوق في لبنان... معاصر الشوف ستهتزّ هذا الأحد

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
حدث مفاجئ وغير مسبوق في لبنان... معاصر الشوف ستهتزّ هذا الأحد
حدث مفاجئ وغير مسبوق في لبنان... معاصر الشوف ستهتزّ هذا الأحد
A+ A-

تخيّلوا أكثر من عشرة آلاف شخصٍ، يداً بيد، خطوةً بخطوة، نغمةً بنغمة، يرقصون الدبكة في ساحةٍ واحدة. إنه بمثابة ماراتون أو مهرجان غير مسبوق، لم يشهده لبنان من قبل سوى في بلدة معاصر الشوف التي تتحضّر لاستقبال هواة هذه الرقصة الفلكورية ومتمرّسيها، يوم الأحد 4 أيلول 2016، للسنة الثانية على التوالي، بعد النجاح الكبير الذي حققته الدورة الاولى للمهرجان العام الماضي تحت إدارة وتنظيم "جمعية جبلنا" وبمشاركة نحو 10000 شخص، قدموا من مختلف الأراضي اللبنانية. ما يميّز الماراتون هذه السنة، أنه سيستقطب 10 فرق هاوية ترقص الدبكة اختيرت من كل المحافظات اللبنانية، منها من مناطق زغرتا ومجد العنجر وبشامون وعاليه وحاصبيا. هذا فضلاً عن فرقٍ متمرّسة وعائلات وأفراد لن يقصدوا القرية الشوفية ليتفرّجوا على مشهديةٍ غنائية راقصة، بل ليرقصوا ويكونوا جزءاً لا يتجزّء منها.


ناهيك بمشاركة فرق فلسطينية في المهرجان، أبرزها فرقة أطفال الصمود التي كان لها مشاركة لافتة في العام المنصرم. مفاد الأمر أن مهرجان جبلنا سيمنح عدداً من الراقصين والمغنين والموسيقيين المحترفين فرصة إبراز وإظهار مواهبهم وفنهم بغية تسليط الضوءعلى مختلف أشكال الدبكة بما في ذلك أنماط الموسيقى والرقص. هذا ما سيعرّف الشباب اللبناني على تراثهم من اجل المحافظة على هويتهم الوطنية والإرثية من خلال موسيقاهم ورقصهم التقليدي والتراثي. مع العلم ان في لبنان أكثر من 20 نوعاً لرقصة الدبكة يسلّط المهرجان عليها الضوء، من أبرزها الشمالية والشعراوية والكرادية والفرح والغزل والعادية والدلعونا والعسكرية ودبكة واحد ونص.


الفكرة أتت مصادفةً كهدية من السماء تلقّتها منظمة المهرجان السيدة يولا نجيم، يوم كانت حائرة ولم تكن تعي ما هي المبادرة البيئية التي ستطرحها عام 2015 في ظلّ تهالك الوضع البيئي نتيجة ازمة النفايات التي استمرت اكثر من ثمانية اشهر متتالية. فكانت الفكرة من بيئة اللبنانيين التراثية: "ماراتون دبكة". وهي يوم عرضت المقترح على فرق الدبكة، ودعتهم للمشاركة في المهرجان، ظهرت على وجوههم علامات العجب، لكنها أصرّت على ضرورة مشاركتهم وهكذا صار.


تقول لـ"النهار": "اكتشفت أن ثمة حالة حبّ بين الناس ورقصة الدبكة. الغاية من المهرجان لا تنحصر في إطار التسلية والمرح بل تتخذ طابعاً تثقيفياً لتعريفهم بهذا الفن التراثي بحضور الفنان اللبناني علي حليحل أهم الوجوه الفنية التي تغني فن العتابا. هذا فضلاً عن غايةٍ بيئية تتمثّل في زيارة غابة الارز في الباروك والحرص على استخدام صناديق فرز نفايات واكياس بلاستيك صديقة للبيئة لنقل العبرة الى المشاركين". أما الهدف الأسمى الذي تعبّر عنه نجيم، فيتمثّل في التنمية المستدامة، عبر مساعدة التجار المنزليين الذين يصنعون المونة والمنتجات القروية البيتية على تصريف إنتاجهم، حيث يحظّر على اي بائع يمتلك متجر عرض منتوجاته في المهرجان. هذا ما ساعد سكان القرويين على دفع أقساط مدارس أولادهم العام المنصرم، في حين يتولى "جبلنا" مهمة إعداد خطّة تسويقية لتصريف الانتاج عبر الانترنت، بما في ذلك التغليف وكيفية العرض والتوسع في التجارة.


وتلفت الى أن "النقليات مؤمنة الى المعاصر لكل الراغبين بالحضور، كما سنأخذ على عاتقنا تصميم المنشورات والبروشورات وكل أعمال الديكور، وتأمين الجو التراثي التقليدي، وتشييد المسرح، ومتابعة كافة الإنشاءات والإمدادات في الموقع. هذا فضلاً عن تأمين شاشات LED والإعلانات والتسويق العام والعلاقات العامة والاتصال بالمراجع المختصة من رسمية وإعلامية، تلفزيونات، إذاعات، جرائد ومواقع التواصل الاجتماعي. ونتوقّع ان يتجاوز عدد زوار المهرجان هذه السنة 10000 زائر، وقد أمنّا هذا العدد في العام السابق".


أهمية تاريخية ارتبطت بتراث الفينيقيين
يصوّر مهرجان جبلنا للدبكة أهمية هذا الحدث من حيث ارتباطه بتاريخ بلد الأرز حيث اعتبر الفينيقيون أول أساتذة الرقص في العالم، والدبكة كانت تراث ورقصة الفينيقيين منذ القدم، واستناداً إلى التراث الشعبي القديم، إن أصل الرقص الشرقي مستوحى من البيوت القديمة حيث كانت مبنية من الحجر، والسقوف مبنية من التراب والخشب والقش أو النشارة. وكانت هذه السقوف بحاجة إلى أعمال الحدل قبل بدء الشتاء لمنع الدلف إلى البيوت. فكان أصحاب المنازل، رجالاً ونساء، والجيران والاقارب يجتمعون بعونة لحدل السطوح فكانوا يجرون المحادل ذهاباً وإياباً ويمنة ويساراً، يتعاونون جماعات على هذا الأمر بتنظيم وتناغم كوصلات الرقص الجماعي، ومن هنا نشأت كلمة "العونة" وبعدها تطورت وانبثقت عنها أغنية "على دلعونا" ومعناها "هيا بنا نتعاون"، وإن الدبكة هي الإيقاع والحركة الجماعية المنتظمة للمحافظة على توقيت وإيقاع العمل بروح من الفرح والإفادة.


أهداف بيئية واجتماعية متفرّقة
حكاية "جمعية جبلنا" مع إحياء المهرجانات ليست وليدة اليوم، بل هي بمثابة حلقة مستمرة منذ عام 2007 بالتنسيق والتعاون مع محمية أرز الشوف ووزارتي البيئة والسياحة. كل عام يكون للمهرجان غاية وهدف بيئي واجتماعي، على سبيل المثال، المهرجانات السابقة ركّزت وعالجت المواضيع التالية: "اليوم الوطني للعسل" – "يوم نبتة الروبينيا" – "النباتات الحرجية" - و"Happy Bird Day " مهرجان طيور من لبنان. هذا فضلاً عن النجاح الكبير الذي حققه "مشوار مع مغوار" في 31 أيار 2015 بحضور ومشاركة أكثر من 6000 شخص. ويعتبر المهرجان سنوياً، فرصة هامة ومذهلة للسكان المحليين والمنتجين الصغار لعرض وبيع منتوجاتهم وتشجيعهم على المتابعة بمهنهم الصغيرة للثبات في قراهم وهذا من أهداف التنمية المستدامة.


لعل النقطة الأهم التي يستحضرها مهرجان الدبكة اللبنانية، يتمثّل في إعادة توثيق ظاهرة التكافل والتعاون، وإن كان في الرقص وشبك الأيادي وهزّ الأرض تحت أقدام أصحاب المعونة. هذه الظاهرة التي شرذمتها مظاهر الفردية التي باتت تسيطر على مجتمعاتنا أكثر فأكثر في زمن القرية الكونية الصغيرة. يبقى أن تتخذ قرار المشاركة. وان ترقص وتدبك، لو كنت لا تعلم أسسها. على الاقل، إنك تضع يدك بيدي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم