السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الفراغ الأميركي في سوريا

هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-

في الذكرى الثالثة لتراجع الرئيس أوباما عن تهديده بتوجيه ضربة عسكرية الى نظام الاسد لمعاقبته على استخدام الاسلحة الكيماوية ضد شعبه، وهو قرار أدى الى فراغ خطير في سوريا ملأته روسيا وايران، يجد أوباما نفسه في موقع حرج، لان ما سمي آنذاك الانتصار الاميركي المهم، أي تخلي سوريا عن ترسانتها الكيماوية، يبدو الآن على انه انتصار مشبوه. استناداً إلى مفتّشي الأمم المتحدة، فقد واصل النظام السوري استخدام الاسلحة الكيماوية (الكلورين تحديداً) لقتل المدنيين وترهيبهم.


الأهم من ذلك، ان الفراغ القيادي الاميركي في سوريا، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، جعل الحرب السورية تتسبب بأسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية تهدد الدول المجاورة لسوريا وتحديدا لبنان وتركيا والاردن، وكذلك بعض دول الاتحاد الاوروبي. خلال السنوات الثلاث الأخيرة اقترب عدد القتلى في الحرب من نحو نصف مليون نسمة، وعدد اللاجئين من نحو خمسة ملايين، اضافة الى عدد أكبر من المقتلعين داخل سوريا، وتدمير مناطق كبيرة من مدن تاريخية أبرزها حلب وحمص.
التطورات الميدانية الاخيرة في سوريا أظهرت أيضاً انه في غياب قيادة أميركية واستراتيجية واضحة تتعامل مع سوريا والعراق على انهما مسرحان عسكريان متداخلان، وفي ظل غياب حضور سياسي فعال يحاول التوفيق بين أولويات الاطراف المتورطين في الحرب والحلفاء لاميركا تواجه واشنطن اليوم وضعاً محرجاً للغاية. ذلك أن اجتياح القوات التركية لمناطق في شمال سوريا بالتحالف مع قوات "الجيش السوري الحر" الذي تسلحه وتدربه وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إي) وحصول اشتباكات مع "قوات سوريا الديموقراطية" وعصبها العسكري الرئيسي "قوات حماية الشعب" الكردية التي تدعمها وتسلحها وزارة الدفاع الاميركية، شكل لواشنطن تحديا كان يمكن تفاديه لو كانت الديبلوماسية الاميركية أكثر حيوية والأهم من ذلك لو كان أوباما شخصياً يلعب دوراً قيادياً قوياً في الحرب السورية.
أي مراجعة للتطورات السياسية والميدانية في سوريا تبين ان موسكو لا واشنطن هي في المقعد القيادي. التدخل العسكري الروسي في سوريا قبل سنة انقذ نظام الاسد من نكسات عسكرية كان يمكن ان تؤدي الى انهياره في محيط حلب وشمال سوريا بشكل عام. ومقابل المبادرات (والانتهاكات) الروسية، كانت واشنطن ممثلة بشخص وزير الخارجية جون كيري، الذي لا يعرف تفاؤله حدوداً، تدرس المقترحات الروسية، وأحياناً تحتج على الانتهاكات والوعود الروسية ان كان في شأن عدم ضرب المعارضة التي تتعاون معها واشنطن، أو في ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة، أو معاودة المفاوضات السياسية. في هذا المناخ لن يتم التوصل الى أي اتفاق جدي بين موسكو وواشنطن عسكرياً أم سياسياً خلال ولاية أوباما.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم