الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عبث

حياة أبو فاضل
حياة أبو فاضل
A+ A-

سيأتي يوم يخرج فيه لبنان من سجن أبنائه الذين فشلوا على مرّ تاريخه في إنشاء دولة جذورها تمتد في الأرض التي كانت نقية، وأغصانها ترتفع في سماء معرفة بلا حدود. وما هُم عليه اليوم لا يبشّر بإعادة بناء وطن ظلموه وأفرغوه من ثرواته، هم أهل السلطة فيه، فلا حدود لأطماعهم الشخصية التي تجعلهم أعداء تنافس دائمين، ويختبئون وراء جدران المذاهب الكثيرة ليطالبوا بحقوقهم السياسية المذهبية: محاصصة "دستورية" قسّمت الوطن والأرض بحسب انتماء إنسانه الى "السماء"...


تفتيت حمله اللبنانيون داخل بنود دستور أراد المكان ضعيفاً، مقسوماً على نفسه، وبنينا على ميثاقية فرز تقول: هذا لي وذاك لك، لا يجمعنا الا أرض سياسيوها مفصومون عن حقيقة حاجات الشعب التي لا تهمهم... هكذا سقط لبنان على مراحل توالت وحوّلت الطائفية الى مذهبية متنافرة بصمت ليته يطول فلا يضيف الى هذا الزمن الغبي صخباً مميتاً...
زمن تغيير "مرشدين"، فقد أشاح الغرب بوجهه عن لبنان فاتجهت أنظار سياسيينا الى السعودية وتركيا وإيران، أبطال حرب الدمار السورية: الإقليميين الذين تسببوا بتهجير السوريين، فما عادت الأرض تضمّهم ولا عاد طموحهم يرسم لهم مستقبلاً واحداً، وقد وقعوا فريسة إرهاب ديني هو في صلب مؤامرة شرق أوسط جديد نبت في جذور مذهبية غذتها أميركا ودول خليج، فنمت وأورقت وأثمرت إرهاباً بات يهدّد الكوكب بكامله باسم الدين. في محنة العقل العربي الذي يشكو من انفصام كامل مع واقع متغيّر، متطوّر، وهو يصرّ على البقاء داخل جدران قرون مضت، متحجراً خارج الانسياب الطبيعي للحياة.
ولافت كلام أحد مسؤولينا بالأمس، مستمطراً اللعنات على من يقف في طريق طموح فئة من اللبنانيين، مذكراً بيوحنا المعمدان السابق لمجيء السيد المسيح، لاعناً المسؤولين عن فساد ذاك الزمان... فهل مرّت على البشرية أزمنة فاضلة منذ ما قبل ألفيات، أم أن حكام "زمان" مثل حكامنا، يهتمون بمكاسبهم الخاصة فقط على رغم...؟
عبثاً نحكي حكاية ابريق الزيت عن ديوك مزابل غير مبالين الى أين يأخذون لبنان بعدما تفتت أهله مذهبياً، مما جعل سفيرة الولايات المتحدة الأميركية تحذّر من التباطؤ في ايجاد حلول لمشاكلنا، بعدما بشّرتنا سفيرة أميركية سابقة بشرق أوسط جديد استمتعنا بكل فصوله منذ اللحظة الأولى جاداً في القضاء على تراثنا الحضاري المشرقي وعلى تماسكنا... فهو جديد لا علاقة له بالقديم باستثناء مذاهب استغلها ليفتت مجتمعات كانت متناغمة. ولن يرتاح برنامج الشرق الأوسط قبل أن تتحقق مطامع إسرائيل في أرضنا وفي تراثنا وفي إنساننا، صاحب العقل النائم الذي ما قرع باب الوعي بعد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم