الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

وداعاً ميثاقيّة

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
وداعاً ميثاقيّة
وداعاً ميثاقيّة
A+ A-

قرّر حزب "القوات اللبنانية" عدم المشاركة في الحكومة. لم يأبه كثيرون للأمر.ثم قرّر حزب الكتائب اللبنانيّة الانسحاب من الحكومة. لم يكلّف مسؤول نفسه الاتصال به لتسوية الأمر، أو لمجرد الوقوف على خاطره. وأخيراً قرّر "التيار الوطني الحر" مقاطعة الحكومة، فعقدت الأخيرة جلساتها. انسحب الوزير ميشال فرعون، لكن رئيس الحكومة اعتبر الجلسة ميثاقيّة. بدا واضحاً أن انسحاب المسيحيّين كلّهم لا أثر له.


العنوان البارز الظاهر لهذه المرحلة هو تجنّب وقوع الفتنة السنّية - الشيعيّة وكل ما عداه لا يتقدّم عليه. لكن الحقيقة هي الخوف من غضب الفريق الشيعي، إذ إن ظلال 7 أيار 2008 لا تزال ماثلة أمام البيروتيّين. هو الخوف من عاملي القوة والجغرافيا، والخوف من ضعف "المستقبل" وتراجع حضوره. إذاً ما يتقدم هو توافق المسلمين، وعدم توافره يعتبر ميثاقياً.
صحيح أن الرئيس نبيه بري هو الأقدر على إدارة اللعبة السياسيّة بذكاء قلّ نظيره، لكن من الصعب القبول أيضاً أن يصبح اللاعب الأوحد القادر على التأثير في الأمور، لأن رئيس المجلس مهما علت قيمته، يبقى لاعباً يمثّل مجموعة مذهبيّة محدّدة، ولا يمكنه تالياً احتكار تمثيل بقية المذاهب في شخصه، ومثله رئيس الحكومة الذي يمثل المكون السني، وان كان وطنياً، فإن ذلك لا يبيح له ادعاء الميثاقية.
المسيحيّون يديرون اللعبة في شكل سيّئ. ومثلهم فعل السنّة في التوقيت الذي كان الأنسب لهم، لوراثة المارونيّة السياسيّة عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكنّهم لم يمسكوا بخيوط اللعبة جيّداً، فأفلتت منهم سريعاً إلى أحضان الشيعيّة السياسيّة. وتدرك هذه الاخيرة جيّداً واقعها الجغرافي والتاريخي، وهي تحث الخطى إلى المستقبل بتخطيط ذكي واضح لا تريده أن ينفجر سريعاً في وجهها. لذا فهي تفيد من عامل الوقت غير المناسب إطلاقاً لمجمل المجموعة السنّية في المنطقة والتي قامت على أنظمة لم تعد قادرة على مجاراة العصر والتطوّرات. وتنتظر الشيعيّة السياسيّة الفرصة السانحة لنيل مرادها بـ"رضى" المكون الآخر، المكره على خياراته حالياً.
وإذا كان "حزب الله" دعا إلى مؤتمر "تأسيسي" أُثيرت حول تفاصيله فكرة المثالثة بدل المناصفة في التركيبة اللبنانية، وهي مثالثة واقعة فعليّاً، وأحيانا أحادية في القرار، فإن الوقائع المتكرّرة نيابيّاً ووزاريّاً، والأهم رئاسيّاً، باتت تؤكّد أن لا مناصفة ولا مثالثة، وإنّما ثنائية إسلاميّة، سنيّة – شيعيّة، تستطيع التوافق على الرئاسة، وعلى قانون الانتخاب، وعلى الموازنة، وعلى قانون الجنسيّة، وأمور أخرى. أمّا الآخرون، أي المسيحيّون والدروز، فليسوا أكثر من ديكور يدعم فكرة صورة لبنان التعدّد والتنوّع والرسالة. والخوف أن تصير الصورة مجرّد صورة. ويصبح كل الكلام عن الميثاقية مجرد كلام، فنقول "وداعاً للميثاقية، وداعاً للبنان".


[email protected] | Twitter:@ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم