الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بالصور- أسماك الميناء تعيش في مياه الصرف الصحي... والحلول بعيدة!

طرابلس- رولا حميد
بالصور- أسماك الميناء تعيش في مياه الصرف الصحي... والحلول بعيدة!
بالصور- أسماك الميناء تعيش في مياه الصرف الصحي... والحلول بعيدة!
A+ A-

عقود مرّت، ومشكلة الصرف الصحي التي تصب في نقاط متعددة على الشاطىء الطرابلسي لم تنته، ابتداء من رأس الصخر جنوباً، وحتى المرفأ شمالا.


سيول الصرف الصحي تلحق تلوثا بالغا في مياه البحر، خصوصا على المستوى البيولوجي، حيث لا صناعة ثقيلة في المحيط تهدد بالتلوث الكيميائي المقتصر على المنظفات المنزلية، ومغاسل السيارات، وما شابه من مشاغل، وهي تشكل مخاطر كبيرة على الصحة العامة.
الأزمة تفاقمت مع الازدياد الكبير في عدد سكان المدينة، خصوصا بعد أن قصدتها آلاف العائلات من مختلف أقضية الشمال في النصف الثاني من القرن الماضي، وبسبب تزايد عدد السكان الطبيعي مع مرور الوقت.
لم تكن الأزمة متفاقمة قبل ذلك، فقد أوجد الفرنسيون زمن الانتداب حلولاً لسيول الصرف الصحي بواسطة مد أقنية إلى عمق يتراوح ما بين 60 و100 متر في البحر بعيدا من الشاطىء، وهي مسافة كفيلة بأن يتمكن البحر من تدويرها، وفكفكة عناصرها البيولوجية.
وفي أواسط الثمانينات، أصيبت مناطق التماس في طرابلس بتدمير كبير، ولم يكن هناك حلّ لإزالة الردم إلا برميه على الشاطىء الميناوي في طرابلس، فتشكل جراء ذلك كورنيش بحري تزيد مسافته على أربعة كيلومترات، فتحول الشاطئ إلى منتجع طبيعي يشكل متنفسا شبه وحيد لسكان المدينة والجوار.
ردم البحر غطّى الأقنية التي بناها الفرنسيون، ووصلت حافة الكورنيش إلى فم الأقنية، فباتت تصبّ مياهها على الشاطىء المتاخم للكورنيش، وباتت الروائح والانبعاثات الكريهة ملموسة بقوة من قبل المقيمين على الشاطىء ومن رواده محبي رياضة المشي، أو الترفيه مع فنجان قهوة ونرجيلة.


حوض الصيادين
وأكثر الأماكن تلوثاً هي حوض الصيادين الذي يضم مئات الزوارق واللنشات، فهو حوض شبه مقفل، أنشىء بعد تعرّض الزوارق للعواصف وتحطمها تكراراً. مُنع تحطم الزوارق بإنشاء الحوض المقفل، لكن نسبة التلوث فيه أضحت قاتلة، فمياهه لا تتغيّر، ويشكل الحوض بركة شبه مقفلة، بينما تصب فيه دون توقف ملوثات الأقنية المنزلية، وسيول تنظيف الزوارق، وتغيير زيوتها، وصيانتها. وتشاهد فيه بصورة متوترة الأسماك النافقة بسبب زيادة التلوث.
ويوضح رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين أن "التلوث زاد في السنوات الأربع المنصرمة بعد أن حوّلت سيول منطقة الضمّ والفرز، وأحياء أخرى إلى القناة الضخمة القريبة من مبنى الجامعة العربية".
عند منعطف المستديرة القريبة من قبور الفرنسيين، تتفاقم المشكلة، حيث تنبعث الروائح الكريهة من دون توقف. والخطير في هذه النقطة أن السيول تصبّ مكشوفة في البحر بعد أن تقطع مسافة زهاء المائة متر على شكل جدول، بالإضافة إلى أن السيول تصب في هذه النقطة في المسبح الشعبي الذي يكتظّ صيفاً بالعائلات، لكن نظرًا لشدة الروائح، وارتفاع نسبة التلوث، تراجعت بشكل ملحوظ نسبة الرواد، ولم يعد مقصوداً إلا من قلة من الصبية.
ويتحدث علم الدين عن "تأخير جرى في حل المشكلة، رغم أنها ليست مشروعا معقدا"، ويقول إن "مجلس الانماء والإعمار قرر مؤخراً تكليف شركة بوضع الدراسات لمشروع جمع السيول، ونقلها إلى محطة التكرير عند مصب نهر أبو علي التي تستقبل سيول المدينة كلها، فضلا عن سيول بعض المناطق المجاورة كالبحصاص، وقرى الكورة المنخفضة".
ويتوقع علم الدين أن "يبدأ تنفيذ المشروع بمد أقنية على طول الشاطىء أواخر العام الجاري"، آملا أن "ينتهي العمل منه في غضون عام واحد بعد بدء التنفيذ".
رئيس لجنة البيئة في اتحاد المهندسين العرب المهندس عامر حداد تحدث عن أزمة الصرف الصحي في طرابلس والميناء حيث كانت كل المجارير تصب في البحر، وهناك العديد من المصبات على الشاطىء، ثم قام مجلس الانماء والإعمار بإنشاء محطة التكرير من دون أن يوصل كل المجارير بها، ولم تحظ الميناء بنقل أي قناة إلى المحطة. فبقيت سيولها المنزلية تصب في البحر. وكلف المجلس حاليا شركة لوضع دراسة تربط كل المجارير بمحطة التكرير الحالية. الآن لا نزال في مرحلة الدراسة، وبعدها نتحول إلى المناقصة".
وتحدث عن عدم صلاحية الطريقة التي اعتمدها الفرنسيون سابقا، حيث كانت أعداد السكان قليلة نسبة إلى اليوم، وقال حداد "على لبنان، الذي وقع على اتفاقية برشلونة التي تفرض شروطا للحفاظ على نظافة المتوسط، الالتزام ببروتوكول الاتفاقية، واعتماد محطة التكرير التي تعيد المياه نظيفة إلى البحر"، لافتا في هذا الصدد إلى انه "عندما تقرر إنشاء محطة التكرير، فقد تم ذلك بقرض من الاتحاد الأوروبي حماية لمياه المتوسط".
"نسبة التلوث عالية على امتداد الشاطىء، لكن التلوث الكيميائي قليل"، ويُضيف حداد: "في الماضي غير اليوم، فقد كان هناك مجرور واحد، لكن عدد المجارير ازداد عن الأربعة عشر مجرورا حاليا".
وأبدى تفاؤله بالحل فرغم "كل السيول التي تصب في محطة التكرير، لكنها تستوعب فقط عشرين بالمائة من طاقتها، وهذا يعني أنه يمكنها استيعاب الكثير مستقبلا".
وحذر حداد من مخاطر ارتفاع نسبة التلوث على السكان الذين يتعاملون مع البحر، والذين يسبحون فيه، "خصوصاً الأولاد في المسبح الشعبي، حيث تصب السيول مباشرة في المسبح".
عشرات السنين مرّت على عودة السلم الأهلي المفترض إلى لبنان، وبقيت أزمات طرابلس من دون حل، وإذا كان وقف اللهيب هاماً للجميع، فإن معضلات حياتية كبرى ليست أقل خطورة، ومنها أزمة الصرف الصحي التي وضعت على نار الوعود، بانتظار التنفيذ.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم